تكلفة حرب أوكرانيا.. فاتورة ألمانية بـ100 مليار يورو
كبدت الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، الاقتصاد الألماني فاتورة خسائر بحوالي 100 مليار يورو، أو ما يعادل 2.5% من إجمالي ناتج البلاد.
ويتوقع رئيس المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (دي آي دابليو) أن يستمر تداعيات الأزمة الأوكرانية في خفض النمو وزيادة التكاليف في الاقتصاد الألماني.
الاقتصاد الألماني الخاسر الأكبر
وقال رئيس المعهد، مارسيل فراتسشر، في تصريحات لصحيفة "راينيشه بوست" الألمانية الصادرة اليوم الإثنين 20 فبراير/شباط 2023، إن تأثر الاقتصاد الألماني بشكل أكبر بالأزمة لأنه كان أكثر اعتمادًا على الطاقة الروسية، ولديه نسبة عالية من الصناعة كثيفة الاستخدام للطاقة، ويعتمد بشكل كبير على الصادرات وسلاسل التوريد العالمية.
كما أوضح فراتسشر أن الضرر الدائم الذي قد يلحق بمكانة ألمانيا كموقع اقتصادي يمكن أن يحدث إذا لم تسرع الشركات جهودها لخفض استهلاك الطاقة والتأسيس لتحولات رقمية واقتصادية.
ويرى فراتسشر أن ارتفاع أسعار الطاقة سيظل عيبًا تنافسيًا واضحًا لألمانيا خلال العقود القادمة، موضحًا أن القادة السياسيين والشركات سيحتاجون إلى تعويض هذه التكاليف من خلال زيادة الابتكار والإنتاجية.
وذكر فراتسشر أنه لا ينبغي للحكومة الألمانية أن تواصل دعمها الكبير للوقود الأحفوري. وكانت الحكومة الألمانية أطلقت برنامج دعم واسع النطاق في الخريف الماضي لمواجهة الارتفاع السريع في أسعار الغاز.
خسائر قياسية للصناعة
وبدوره، قال بيتر أدريان رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية، إن الصناعة تُشكل حصة أكبر في الاقتصاد الألماني مقارنة بدول كثيرة أخرى، ويستهلك القطاع في أغلب أجزائه الطاقة بكثافة، ما يعني أن الشركات الألمانية تضررت بشكل كبير من ارتفاع أسعار الطاقة التي سجلت العام الماضي أعلى مستويات في أوروبا.
وورد في دراسة أجرتها "أليانز تريد" في يناير/كانون الثاني الماضي أن من المقرر أن يدفع قطاع الصناعة نحو 40% أكثر مقابل الطاقة في 2023 مقارنة بما دفعه في 2021 قبل حدوث الأزمة التي سببتها الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 فبراير/شباط العام الماضي.
وقال أدريان "بالتالي، فإن آفاق النمو المستقبلية في 2023 و2024 أقل من دول كثيرة أخرى"، مضيفا أن تلك كانت الحال في العام الماضي أيضا، وفقا لـ"رويترز".
وأسعار الطاقة في ألمانيا، التي كانت تعتمد على مدى عقود على غاز خطوط الغاز الروسي الرخيص نسبيا، مرتفعة مقارنة بالولايات المتحدة التي تملك الاحتياطي الخاص بها من الغاز الطبيعي، في حين تملك فرنسا طاقة نووية وفيرة. وتابع أدريان "سعر الغاز أعلى ثلاثة إلى خمسة أمثال ما هو عليه في الولايات المتحدة"، مضيفا أن الكهرباء أغلى بأربعة أمثال ما هي عليه في فرنسا.
مرحلة فارقة
يقف الاقتصاد الألماني في مرحلة فارقة من تاريخه، مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بعد أن فقدت برلين أهم مورد للطاقة.
وألقت الحرب في شرق أوروبا بتداعيات كارثية على الصناعة الألمانية، في ظل تفاقم أزمة الطاقة وارتفاع أسعارها، وهو ما أثر على صناعات عدة أبرزها الأغذية الحديد والصلب، والسيارات، والسيراميك، والزجاج والطباعة.
ما يقرب من 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي تستهلكها برلين في العام الواحد، الأخطر بالنسبة لأكبر اقتصاد في أوروبا أنه يستورد 55% من هذه الكمية من روسيا.
وفقًا لبيانات فوربس، يؤدي وقف إمدادات الغاز الروسي لألمانيا بالكامل، إلى خسائر فادحة للاقتصاد تصل إلى 193 مليار يورو (203 مليار دولار)
في أغسطس/أب 2022، نشر زولتان بوزار، المحلل الاستراتيجي في مجموعة "كريدي سويس"، مخططًا يوضح كيف أن "4 تريليونات دولار إجمالي الناتج المحلي لألمانيا تعتمد على 20 مليار دولار من الغاز الروسي".
ووسط تلك المخاطر، من المتوقع -بحسب اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية- أن يسجل الاقتصاد الألماني ركودًا هذا العام.
وكان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك قد قال في تصريحات له الشهر الماضي إن الاقتصاد الألماني الذي يتوقع له تحقيق معدل نمو 0.2% في 2023، قد لا يتمكن من تجنب تسجيل ركود لمدة ربعين متتالين وهو ما يطلق عليه الركود الفني أو النظري.