"مجلس السيادة".. تجربة حكم سودانية تعود بعد 30 عاماً
عودة تجربة "مجلس السيادة" تأتي على خلفية الاتفاق الذي وقعه المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير.
بعد اختفاء دام 30 عاما، باتت عودة تجربة الحكم عن طريق "مجلس السيادة" في السودان، قريبة للغاية، وهو تقليد راسخ عرفه هذا البلد منذ خمسينيات القرن الماضي.
- الاتحاد الأفريقي يشيد بالاتفاق بين "العسكري" السوداني وقوى "التغيير"
- قرقاش: اتفاق المجلس العسكري و"قوى التغيير" يضع السودان على طريق الاستقرار
وتأتي عودة تجربة "مجلس السيادة، على خلفية الاتفاق الذي وقعه المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات في السودان على هياكل السلطة الانتقالية، والتي ضمت 3 مجالس "سيادي، وتنفيذي، تشريعي" لإدارة شؤون البلاد لثلاث سنوات.
واستلهمت قوى الاحتجاجات هياكل السلطة الانتقالية من تجارب سابقة، فيما يخص مجلس السيادة الذي يشكل رأس الدولة؛ لكنها تقترح أن يكون بصلاحيات سيادية وتشريفية بخلاف ما كان يحدث في العهود السابقة، وذلك بحسب إعلان الحرية والتغيير الذي وضعته يناير/كانون الثاني الماضي.
وقضى اتفاق العسكريين وقادة الاحتجاجات، بأن تكون الفترة الانتقالية 3 سنوات، تخصص الستة أشهر الأولى منها لملف وقف الحرب والوصول للسلام العادل والشامل والدائم في كل أرجاء السودان.
ونص الاتفاق على تشكيل مجلس وزراء مدني من الكفاءات الوطنية، التي تمتاز بالخبرة المهنية والنزاهة، بحيث يكون بصلاحيات تنفيذية كاملة ويتم اختياره من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير.
كما أقر تشكيل مجلس تشريعي مدني قومي انتقالي بعضوية 300 شخص، يتم اختيار ثلثيه من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، ويتم تعيين الثلث من القوى الأخرى التي لم تكن جزءاً من النظام وبالتشاور بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس السيادي الانتقالي.
فيما تجري اجتماعات الأربعاء، لإكمال ما تبقى من أجندة؛ حيث تشمل نسب التمثيل في المجلس السيادي، وذلك وفق بيان صادر عن قوى إعلان الحرية والحرية والتغيير.
4 مجالس سيادة في تاريخ السودان
"مجلس السيادة" يعد تقليداً سودانياً في الحكم، يمثل رأس الدولة خلال فترات معينة من تاريخ البلاد، وبرز المصطلح لأول مرة في وثيقة دستور السودان المؤقت لسنة 1955، ليكون بمثابة السلطة الدستورية العليا في البلاد.
وتم انتخاب أول مجلس للسيادة في يوم 26 ديسمبر عام 1955، واستمر حتى 17 نوفمبر 1958، بعد استيلاء الفريق إبراهيم عبود على السلطة وتكوين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حل محله.
وتكون مجلس السيادة الثاني في 21 أكتوبر 1964، بعد سقوط حكم عبود وقرار حلّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة نتيجة ثورة أكتوبر الشعبية، وكان مؤقتاً لفترة عام واحد، حتى يتم إجراء انتخابات عامة.
وبعد انتهاء الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات عامة في سنة 1965 تكون مجلس السيادة الثالث، والأبرز في تاريخ السودان، والذي تشكل من إسماعيل الأزهري "أول رئيس وزراء للسودان بعد الاستقلال" بجانب خضر حمد، وعبدالله الفاضل المهدي، وعبدالحليم محمد، ولوبجي أدوك.
وفي 25 مايو/أيار 1969، تم حل مجلس السيادة ليحل محله مجلس قيادة الثورة برئاسة العقيد (آنذاك) جعفر محمد نميري، وبعد سقوط حكومة نميري في أبريل/نيسان 1985 تم تكوين مجلس السيادة الرابع؛ لكن بتسمية جديدة هي مجلس رأس الدولة، والذي استمر حتى 1989 قبل أن يحله البشير بعد تنفيذه انقلابا عسكريا.
اختصاصات مجلس السيادة
في كافة التجارب السابقة، كان مجلس السيادة يتكون من 5 أو 6 أشخاص يقوم البرلمان بانتخابهم، ويقومون هم بدورهم بانتخاب رئيس للمجلس من بينهم.
ونصت المادة (11) من دستور السودان المؤقت لعام 1955 على السلطات الممنوحة للمجلس، وتشمل القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية، منح العفو الشامل أو المشروط لأي شخص يكون قد أدين بأية جريمة، كما نص الدستور نفسه على اختصاصات أعضاء المجلس وما يتمتعون به من مزايا وحصانات إلى جانب قواعد الإجراءات المتعلقة بجلسات المجلس وقراراته.
فيما تقترح قوى الحرية والتغيير تشكيل مجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود يتولى المهام والسلطات التشريفية للدولة وتعيين الحكومة الانتقالية وحكام الأقاليم وتمثيل البلاد أمام المجتمع الدولي، عدا الأنشطة التي تحتاج تمثيل وزراء ودبلوماسيين وغيرها من المهام.