الانقلابيون يغتالون تاريخ اليمن.. تشويه للمعالم ونهب للآثار
يمنيون يطالبون اليونسكو بالقيام بمسؤوليتها في التصدي لجرائم الحوثيين وحماية التراث الإنساني بمدينة صنعاء القديمة.. ماذا فعلوا؟
لا تكتفي مليشيا الحوثي الانقلابية بتدمير حاضر اليمن وتلغيم مستقبله فقط، بل تحاول أيضاً تشويه تراثه المرتبط بماضيه العريق الذي يفاخر به اليمنيون، كحضارة جذورها ضاربة في أعماق التاريخ.
وحذرت وزارة الثقافة اليمنية، خلال الأيام الأخيرة، من حملات تشويه وتدمير مُتعمّد، تمارسها مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، بحق الآثار والمعالم التاريخية في البلد.
وعمد الانقلابيون الحوثيون في الشهور القليلة الماضية إلى محاولة طمس الهوية التاريخية لمدينة صنعاء القديمة من خلال طلاء جدرانها الأثرية بعبارات طائفية؛ يصعب إزالتها دون حدوث تغيير في شكل وطبيعة الأحجار. وقال خبراء متخصصون في علم الآثار لـ"العين الإخبارية" إن إزالة تلك الرسومات والكتابات ستتطلب القيام بعملية كشط بواسطة ما يعرف بآلة "الجلخ"، ما يوجب بالضرورة إزالة جزء أو طبقة من واجهة الأحجار المبنية، وهو ما سيفقدها قيمتها الأثرية.
وقالت وزارة الثقافة إن التراث الثقافي الأصيل والنادر لليمن "يحظى بقيمة فنية وتاريخية عظيمة، ويمثل أهمية إنسانية وحضارية لليمن وللعالم أجمع".
تشويه مُتعمّد لصنعاء القديمة
تتعرض العديد من الآثار والمعالم التاريخية الفريدة في اليمن لاعتداءات متكررة من قبل الجماعة الانقلابية المتخلفة، منها ما تشهده مدينة صنعاء القديمة في الآونة الاخيرة من حملة تشويه متعمدة من الحوثيين، الذين يقومون باستخدام جدران وأسوار بيوت المدينة التاريخية لنسخ شعاراتهم الطائفية بأصباغ وألوان مصنوعة من مواد كيمائية ضارة.
وحسب خبراء، ستؤدي تلك الاعتداءات حتماً إلى إتلاف الألوان الأصلية لبيوت وأسوار المدينة الاثرية.
وتعد مدينة صنعاء القديمة واحدة من أهم المعالم الفنية المعمارية المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وأكدت وزارة الثقافة اليمنية، في بيان، أن حملة التشوية تتعمد طمس الملامح الفنية والجمالية لصنعاء القديمة، الأمر الذي يكشف حقيقة تكوين ووعي جماعة الحوثي المعادية للفنون والتراث الثقافي والجمال بصفة عامة، شأنها في ذلك شأن سائر الجماعات الإرهابية المتطرفة، مثل "داعش" و"القاعدة"، التي سبق أن دمرت المعالم الأثرية والفنية في العراق وأفغانستان.
في حين كثف الانقلابيون حملة تشويه المعالم الأثرية في صنعاء، خلال الشهور القليلة الماضية، من خلال طبع شعاراتهم الطائفية على أحجار جدران منازل وأسوار مدينة صنعاء القديمة التي تصنفها المصادر التاريخية بأنها أقدم المدن المأهولة بالسكان.
تدمير التاريخ
لم يكن تشويه صنعاء هو الانتهاك الأول للانقلابيين ضد التاريخ اليمني، حيث سبق للمليشيا المتمردة، أن قامت خلال السنوات الثلاث الماضية باستهداف عدد من المواقع والمعالم الأثرية القديمة بالصواريخ وقذائف المدفعية.
وقالت مصادر متطابقة لـ"العين الإخبارية" إن مليشيا الانقلاب الحوثية استهدفت أكثر من 33 معلماً أثرياً وموقعاً تاريخياً منذ انقلابها على الدولة بدعم من إيران.
ومن أبرز المواقع التي طالتها نيران العبث الحوثي، قلعة القاهرة الأثرية في مدينة تعز، ومساجد مدينة حيس التاريخية والمعالم الأثرية في مدينة زبيد ومدينة براقش التاريخية في محافظة الجوف وسد مأرب قبل أن تحرره قوات الجيش اليمني.
وأضافت المصادر أن "المليشيا عملت أيضاً على تحويل أماكن أخرى كـ"دار الحجر" في منطقة همدان وعدد كبير من المعالم الأثرية والمساجد التاريخية إلى مواقع وثكنات عسكرية، لمعرفتها بأن هذه المواقع الحيوية موضوعة ضمن قائمة عدم الاستهداف من قبل تحالف استعادة الشرعية في اليمن.
في المقابل، دعا ناشطون يمنيون منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، إلى القيام بمسؤوليتها في حماية التراث الإنساني المتمثل بمدينة صنعاء القديمة.
وطالب الناشطون منظمة "اليونسكو" بممارسة كافة الضغوط الممكنة لإيقاف هذا العبث والتشويه الذي تنتهجه مليشيا الحوثي الانقلابية بحق التراث الثقافي والفني في اليمن، وعلى وجه الخصوص ما يحدث في مدينة صنعاء القديمة وزبيد الأثريتين.
وكانت اليونسكو قد أدرجت مدينة صنعاء القديمة عام 1986 على قائمة التراث العالمي نظراً لما تحتويه من معالم أثرية متنوعة بين فن العمارة والتراث الإسلامي والأسواق القديمة.
عبث بالتراث الإنساني
إلى جانب العبث بالمدن التاريخية، يواجه التراث الإنساني في اليمن العديد من المخاطر جراء الحرب الهمجية التي أشعلتها مليشيات الحوثي الانقلابية.
وتواصل الحكومة اليمنية عملية رصد القطع الأثرية المفقودة، وسط اتهامات لمليشيات الحوثي بنهب عدد كبير من الآثار التي يتم تهريبها للخارج واستغلال عوائدها المالية لتمويل عملياتها الحربية.
وفي حين قدم وزير الثقافة اليمني مروان دماج تقريراً أولياً بالقطع الأثرية المفقودة من المقرر أن يتم تقديمه لمنظمة اليونسكو والمنظمات المعنية في الأمم المتحدة للمساعدة في تتبعها، شدد الرئيس عبدربه منصور هادي على بذل المزيد من الجهود لمنع تهريب الآثار والقيام بكل ما يمكن لرصد القطع الأثرية الثمينة في السوق الدولي والعمل على استعادتها.
وتتهم الحكومة اليمنية مليشيات الحوثي بتهريب الآثار التاريخية القديمة وبيعها في الخارج لتمويل مشاريعها القتالية في الداخل.
وقال وزير الثقافة اليمني، مروان دماج، في تصريحات صحفية، الأيام الماضية، إن جماعة الحوثي، دمّرت الكثير من المواقع التاريخية التي تقع تحت سيطرتها، ونبشت ونهبت وهرّبت قطعاً أثرية ومخطوطات تاريخية وتحفاً ومقتنيات يعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وذلك بطريقة منظمة عبر المنافذ البرية والبحرية لليمن.
وأكد "دماج" أن جماعة الحوثي، وضعت يدها على آثار مهمة جداً، بعضها غير مقيّد في السجلات التابعة للمتاحف اليمنية، أو مصنفة لدى الهيئة العامة للآثار التي تتبع وزارة الثقافة اليمنية، الأمر الذي يصعب معه تحديد عدد الآثار والمخطوطات التي هربتها وباعتها المليشيات في الأسواق الخارجية.
كما شدد المتحدث باسم التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن على أهمية حماية الآثار التاريخية اليمنية من عبث جماعة الحوثي؛ فيما أكدت الحكومة اليمنية أن بعض القيادات الانقلابية، مثل "أبو علي الحاكم "، وعائلته متورطون في المتاجرة بالآثار اليمنية، خصوصاً من المتحف الوطني في صنعاء.
وتشير المعلومات الواردة من مصادر قريبة من جماعة الحوثي لـ"العين الإخبارية"، بأن مليشيا الانقلاب الحوثية المدعومة من إيران بدأت تركز منذ منتصف العام الفائت على نهب المتاحف التي تحوي الآلاف من الآثار التاريخية، وتهريبها للخارج بمساعدة أشخاص مختصين ينتمون لحزب الله اللبناني.
وكانت السلطات المصرية أكدت في وقت سابق ضبط 13 قطعة أثرية يمنية في أحد الموانئ التابعة لها، فيما تبذل الحكومة اليمنية جهوداً كبيرة للتنسيق مع حكومات مصر وعمان وسويسرا لتتبع تحف وآثار مخطوطات تاريخية يتوقع أن يكون تم تهريبها إليها.