ما مصير عمران خان بعد اعتقاله؟.. ميزان المحكمة فيه الإجابة
في ليلة العاشر من أبريل/نيسان 2022، أصبح عمران خان أول رئيس وزراء في تاريخ باكستان يفقد الثقة في تصويت البرلمان.
لتجتر تلك الليلة سلسلة أحداث تركت بطل "الكريكيت" يواجه مصيرا مفتوحا على كل السيناريوهات.
سلسلة كان آخرها ما شهدته جميع أنحاء باكستان من أعمال عنف، خلال الساعات الماضية، بعد القبض على رئيس الوزراء السابق عمران خان، في أثناء مثوله أمام محكمة في إسلام أباد، حيث اقتيد إلى عربة مدرعة من قبل عشرات من قوات الأمن.
وجاء اعتقال عمران خان الذي أطيح به من السلطة، العام الماضي، وتهرب من الاعتقال عدة مرات منذ ذلك الحين، بعد ساعات من نشره رسالة فيديو كرر فيها اتهامه للمؤسسة العسكرية الباكستانية بمحاولة اغتياله مرتين".
تهم في طريق بطل "الكريكيت"
كان خان قد سافر إلى إسلام أباد، صباح الثلاثاء، لطلب الكفالة في قضيتي فساد ينفيهما، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه.
ويواجه عمران خان عشرات التهم المتعلقة بالفساد والفتنة والإرهاب، والتي يقول إنها ذات دوافع سياسية.
وحتى يوم الثلاثاء ، كان قد تمكن من الإفلات من الاعتقال عدة مرات برفضه حضور جلسات المحكمة.
في هذه الأثناء، طالب كبير قضاة إسلام أباد، القاضي عامر فاروق، بتوضيح "في غضون 15 دقيقة" من قائد الشرطة ووزير الداخلية حول سبب اعتقال خان.
محذرا أنه إذا لم يحضروا للمحكمة لتوضيح سبب ما حصل فإنه سيستدعي كلاً من خان ورئيس الوزراء شريف.
شرطة إسلام أباد، وفي بيان لها، سارعت للتوضيح بأن اعتقاله كان مرتبطا بقضية منفصلة، تُعرف بقضية "القادر ترست"، والتي تتضمن اتهامات بأن خان حصل على مليارات الروبيات من خلال معاملات أراض غير مشروعة، مشيرة إلى أنه سيمثل أمام المحكمة اليوم الأربعاء، وهو ما حصل بالفعل.
حزب "إنصاف" الذي يتزعمه خان، قال إنه لم تكن لديه إمكانية الوصول إلى مستشار قانوني، وأن الحزب سوف يطعن في قانونية اعتقاله في قاعة المحكمة.
من جهتها، ذكرت وزيرة الداخلية رنا سناء الله، أن اعتقال خان كان بسبب فشله في حضور جلسات استماع في قضية فساد،
وبيّنت أن "الاعتقال نفذه ديوان المحاسبة الوطني بتهمة التسبب في خسائر للخزينة الوطنية".
بدورها، اعتبرت المحكمة العليا في إسلام أباد، أمس الثلاثاء، أن الاعتقال "كان قانونيا، وأن خان تجاهل العديد من الإخطارات للمثول أمام المحكمة".
وبموجب القانون الباكستاني، يحق للشرطة توجيه التهم بشكل مبدئي ضد أي شخص وإحالتها للقضاء الذي بدوره يتولى التحقيق ومواصلة الإجراءات.
وفي حال أدين عمران خان بتهديد الشرطة أو القضاء أو حتى "الإرهاب"، فإنه قد يقضي سنوات في السجن، والأمر نفسه ينطبق على مصيره في تهم "الفساد".
باكستان تنتفض
وبعد ساعات من اعتقاله، عمّت الاحتجاجات جميع أنحاء باكستان، وقالت الشرطة إن ما يقرب من ألف شخص اعتقلوا منذ أن احتجز خان في إسلام أباد بتهم ينفيها الرجل، فيما لقي شخصان مصرعهما.
في كراتشي، أضرمت النيران في سيارة شرطة، وفي لاهور اقتحم أنصار عمران خان منزل قائد الفيلق العسكري وحطموا النوافذ وأشعلوا النار في الأثاث، وهم يهتفون: "حذرناكم من لمس عمران خان".
كما تم قطع خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لهيئة الاتصالات الباكستانية، وتم تقييد الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويوتيوب، حيث يتم مشاركة مقاطع فيديو الاحتجاجات على نطاق واسع.
في هذه الأثناء، وصف حزب "إنصاف" اعتقاله بأنه "يوم أسود لديمقراطيتنا وبلدنا".
وكتب فؤاد تشودري، المتحدث باسم الحزب على حسابه في تويتر: "خان اختُطف من مبنى المحكمة، وتعرض عشرات المحامين وعامة الناس للتعذيب، وقد تم نقل رئيس الوزراء السابق من قبل أشخاص مجهولين إلى مكان مجهول".
لكن وزيرة الداخلية نفت حدوث أي تعذيب لأي شخص داخل المحكمة.
وفي محاولة لمنع الاحتجاجات، تم فرض المادة 144 في مدينة إسلام أباد لمنع التجمعات لأكثر من 5 أشخاص وقطع الإنترنت في بعض المناطق.
ورغم هذا، من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات اليوم الأربعاء حيث يخطط بعض المتظاهرين للتقدم في مسيرة إلى إسلام أباد، في وقت دعا فيه حزب "إنصاف" إلى إضراب على مستوى البلاد.
شعبية لم تهتز ومصير معلق
ومنذ الإطاحة به في تصويت حجب الثقة، بعد أقل من أربع سنوات من ولايته كرئيس للوزراء، قاد عمران خان، سلسلة مظاهرات وتجمعات، للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، متهما الجيش وحكومة شريف بـ"مؤامرة مدعومة من الغرب" للإطاحة به والوقوف وراء محاولة اغتياله، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أصيب برصاصة في ساقه في أثناء قيامه بحملة وسط حشود في مدينة وزير أباد.
واتهم مسؤولا استخباراتيا كبيرا بتنفيذ الهجوم، وهو اتهام نفاه الجيش بشدة في الأيام الأخيرة. وقبل يوم من اعتقاله، حذره الجيش من تكرار الادعاء.
ورغم خروجه من أروقة الحكم، لم يفقد عمران خان قاعدته الشعبية، والتي ظهرت في التجمعات والمسيرات والاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
بل إنه من المتوقع أن يعود خان إلى السلطة في الانتخابات العامة المقبلة، المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول، في حال لم يتم استبعاده من السياسة قبل ذلك الحين.
ويقول أنصاره إن الحكومة الباكستانية الحالية وجهت هذه التهم إلى خان، في محاولة لمنعه من خوض الانتخابات المقبلة.
وفي هذا الصدد، قال وزير التخطيط أحسن إقبال، في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، إن عمران خان "سيواجه القانون، وإذا كان بريئا يمكنه خوض الانتخابات. ولكن إذا ثبتت إدانته بالفساد، فسيتعين عليه مواجهة تبعات ذلك".