تغير المناخ.. احتجاجات "جنونية" لأنصار البيئة في ألمانيا
أثارت احتجاجات غاضبة و"جنونية" لمجموعة من نشطاء البيئة في ألمانيا، على فشل الحكومة في مواجهة تغير المناخ، جدلا واسعا في البلاد.
"إنه ضربٌ من الجنون أن تسكب غراءً وسط الطريق وتضع يده فوقه لكي تلتصق بالأرض"، هكذا قالت الشابة الألمانية لينا شينجوته بشأن أسلوب احتجاجها على ما تصفه بفشل الحكومة في التعاطي مع ملف تغير المناخ، وهي الطريقة التي ألقت بها خلف قضبان السجن.
ولينا شينجوته، البالغة من العمر 19 عاماً، تنشط مع مجموعة تدعى "انتفاضة الجيل الأخير" التي ترى أن العالم أمامه سنوات قليلة فقط لكي يتجنّب الكارثية البيئة التي تتربص بالكوكب جراء الاحتباس الحراري.
النشطاء الشبّان الذين يشاطرون شينجوته طريقة التفكير، والذين ينتشرون في البلدان الأوروبية، بدوا مؤخراً وكأنهم يقاطعون الأحداث الرياضية الكبرى، مثل سباق فرنسا للدراجات وسباق الجائزة الكبرى للفورمولا واحد في سيلفرستون في الأسابيع الأخيرة.
كما ألصق اثنان من نشطاء البيئة في بريطانيا نفسيهما، مطلع الشهر الجاري، بإطار لوحة فان جوخ في متحف لندنيّ، وهما ينتميان إلى حركة "جست ستوب أويل" التي تطالب بوقف بناء أي منشأة جديدة مرتبطة بالوقود الأحفوري.
لكنّ المجموعة التي تنشط شينجوته في أوساطها، تستهدف المتنقلين عبر الطرقات في كبريات المدن الألمانية، كبرلين، ومستخدمو الطرقات هؤلاء قد يجدون أنفسهم في يوم من أيام هذا الصيف وسط أزمة مرورية تمتد لساعات بسبب بضع نشطاء يلصقون أياديهم بالإسفلت وسط الطرق.
البرنامج الاحتجاجي لمجموعة شينجوته أثار غضباً لدى سائقي السيارات ولدى مستخدمي النقل العام، كما جلب لهم تهماً من وسائل الإعلام الشعبية ومن بعض السياسيين ببث الفوضى وإلحاق الضرر بمصالح السكّان، حتى أن البعض ذهب إلى حد وصفهم بـ"المتطرفين الخطرين".
وتؤكد شينجوته أن هذا التصعيد في تكتيكات الاحتجاج، له ما يبرره، وتقول: "إذا كان هدفنا كسب محبّة الناس، فعلينا القيام بأشياء أخرى، لكننا جربنا ذلك.. لقد سألنا الناس بلطف وبكثير من الهدوء"، في إشارة منها إلى أن ذلك لم يُنتج تحركات شعبية واسعة قادرة على الضغط على الحكومة لإرغامها على اعتماد سياسات كفيلة بحماية المناخ.
وتشير الناشطة البيئية إلى الفعاليات الاحتجاجية التي كانت تقودها الناشطة السويدية الشابّة جريتا ثونبرغ، شارك فيها مئات الآلاف من الطلبة من مختلف بلدان العالم للمطالبة بعالم أفضل.
وتضيف شينجوته: "كنت أعقد آمالاً بأن تتغير الأمور، وأن يذعن السياسيون ويأخذوا قضية المناخ على محمل الجد، لكن، لا زلنا نتجّه إلى عالم ما برحت ترتفع فيه الحرارة من 3 إلى 4 درجات مئوية".
ويمثل معدّل ارتفاع الحرارة المذكور، ضعف الحدّ الأقصى البالغ 1.5 درجة مئوية، والذي وافقت عليه بلدان العالم في اتفاقية باريس للمناخ في العام 2015. وفي حين أنه تم إحراز تقدم في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلا أن خبراء البيئة يجمعون على أن الهدف بوقف ارتفاع الحرارة على كوكب الأرض لا يزال بعيد المنال.
وتوضح شينجوته أن عدد الأشخاص المشاركين في مجموعتها قد ارتفع من 30 إلى 200 شخص خلال ستّة أشهر، وترى أن الكرة الاحتجاجية متدحرجة إلى أن تصل إلى حجم وشكل العصيان المدني الذي شوهد خلال حركة الحقوق المدنية الأمريكية والنضال من أجل حق المرأة في التصويت.
وتضيف: "ما نقوم به غير قانوني، لكنّ في الوقت عينه، إنه مشروع".
وتختم الناشطة البيئة الألمانية، شينجوته، حديثها بالقول: "سأواصل المشاركة في الاحتجاجات السلمية حتى تلقي الحكومة بي وبالنشطاء الآخرين في السجن، أو أن تستجيب لمطالبنا"، ويبدو جلياً أن الحكومة لجأت إلى الخيار الأول.