كائنات لا تموت بسهولة.. ما الذي نتعلمه من سكان الفوهات البركانية؟
اكتشف باحثون طريقة تمكن الكائنات الحية شديدة التحمل للحرارة من تعديل الحمض النووي الريبي للبقاء في بيئات قصوى، كالبراكين.
وأظهرت الدراسة لباحثين في معهد وايزمان للعلوم ، نشرت مؤخراً في دورية "سيل"، أن هذه الكائنات لا تعتمد فقط على تعديلات ثابتة كما هو شائع لدى الكائنات المعتدلة، بل تمتلك القدرة على إعادة تعديل الحمض النووي الريبي بشكل ديناميكي استجابةً لتغيرات البيئة، ما يجعل تركيب الريبوسوم أكثر استقراراً وفعالية في الظروف القاسية.

من الريبوسومات إلى التكيف البيئي
الريبوسوم هو أحد أقدم وأبسط الهياكل الحيوية المشتركة بين جميع أشكال الحياة: البكتيريا، العتائق، والكائنات حقيقية النوى. ومن المعروف منذ خمسينيات القرن الماضي أن جزيئات الحمض النووي الريبي في الريبوسوم تخضع لتعديلات كيميائية بعد تصنيعها، لكن قياس هذه التعديلات كان صعباً، وظل من غير الواضح كيف تختلف بين الأنواع أو حسب الظروف البيئية.
وأوضح البروفسور شراغا شوارتز، من قسم الوراثة الجزيئية في معهد وايزمان: "كان يُفترض سابقاً، اعتماداً على أبحاث الخميرة والبشر، أن تعديل الحمض النووي الريبي في الريبوسوم ثابت ضمن كل نوع ولا يتغير مع البيئة، لكن الأدلة الحديثة تشير إلى أن بعض الكائنات يمكنها تعديل تركيبها البيولوجي ديناميكياً".
اكتشاف التعديلات الديناميكية
طور فريق شوارتز طريقة جديدة بقيادة الدكتور ميغيل غارسيا-كامبوس تسمح بفحص 16 نوعاً من التعديلات عبر عشرات عينات الحمض النووي الريبي دفعة واحدة. وبتطبيق هذه الطريقة على 10 كائنات أحادية الخلية، بما فيها ثلاثة من الكائنات شديدة التحمل للحرارة، وجد الباحثون أن عدد التعديلات في هذه الكائنات يفوق بكثير مثيله لدى البكتيريا والعتائق المعتادة، وأنها تزداد كلما ارتفعت درجات الحرارة في بيئتها الطبيعية.
وعند تعريض الكائنات لظروف حرارة مختلفة، تبين أن نصف التعديلات في الكائنات شديدة التحمل للحرارة كانت ديناميكية، أي يمكن أن تتغير خلال حياة الكائن استجابة للحرارة، في حين بقيت التعديلات لدى الكائنات المعتدلة ثابتة.
التفاعلات بين الميثلة والأسيتلة لتعزيز الاستقرار
ركز الباحثون على نوعين من التعديلات الكيميائية: إضافة مجموعة ميثيل ومجموعة أسيتيل ووجدوا أن المجموعتين غالباً ما تظهران معاً، وتعملان بشكل تكاملي لتعزيز استقرار الريبوسوم. أظهرت تجارب مشتركة مع فريق البروفسور سيباستيان غلات في جامعة ياغيلونيا في كراكوف أن الجمع بين الميثلة والأسيتلة يمنح جزيئات الحمض النووي الريبي استقراراً أكبر من تأثير كل منهما منفرداً.
رصد الهيكل ثلاثي الأبعاد للريبوسوم
وباستخدام المجهر الإلكتروني بالتبريد، قام فريق البروفسور موران شاليف-بنتمي برسم خريطة دقيقة للريبوسوم في كائن حار شديد التحمل، لتوضيح كيفية تأثير التعديلات الكيميائية على الهيكل. أظهرت النتائج أن التعديلات تعمل على سد الفجوات في الريبوسوم وتقوية الروابط بين الجزيئات، مما يسمح له بالعمل بكفاءة في بيئات متغيرة وحرارة عالية.

أهمية النتائج للتكنولوجيا الحيوية والطب
يشير شوارتز إلى أن فهم آليات تعديل الحمض النووي الريبي في الطبيعة يمكن أن يسرّع تطوير تقنيات حيوية قائمة على الحمض النووي الريبي، بما في ذلك اللقاحات الحديثة، وأدوات تعديل الجينات، وتشخيص وعلاج السرطان.
ويضيف: "لقد خضعت عملية تعديل الحمض النووي الريبي لمليارات السنين من التطور، وفك رموز أسرارها قد يمهد الطريق لتقنيات أكثر موثوقية وفعالية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز