البراكين المخفية.. الخطر الأعظم الذي يتربص بالعالم بعد ثوران إثيوبيا
حذر علماء البراكين من أن التهديد الأكبر الذي يواجه العالم قد لا يأتي من البراكين الشهيرة مثل يلوستون أو إتنا، بل من البراكين “المخفية” التي لا تحظى بالاهتمام أو المراقبة الكافية.
التحذيرات جاءت على لسان البروفيسور مايك كاسيدي من جامعة برمنجهام، الذي أكد في مقال نشرته منصة The Conversation أن هذه البراكين المنسية تشكل "الخطر الأشد" لأنها ببساطة لا تُراقب ولا تُدرَس كما ينبغي، رغم أنها تثور بوتيرة تفوق توقعات كثيرين. ففي مناطق مثل المحيط الهادئ وأمريكا الجنوبية وإندونيسيا، يحدث ثوران لبركان بلا تاريخ مسجل كل سبعة إلى عشرة أعوام، وغالبًا ما تكون آثاره واسعة وغير متوقعة.
وجاءت تصريحات كاسيدي بعد ثوران بركان هايلي غوبي شمال إثيوبيا يوم 23 نوفمبر، في أول نشاط مسجل منذ نحو 12 ألف سنة. البركان أطلق أعمدة من الرماد وصلت إلى ارتفاع 8.5 ميل، وانتقلت سحب الرماد عبر البحر الأحمر لتغطي سماء عُمان واليمن وشمال الهند، ما تسبب في تعطيل عشرات الرحلات الجوية وإلغاء 11 رحلة لشركة طيران الهند، إضافة إلى تأثر خطوط جوية أخرى. ورغم ضخامة الثوران، لم تُبلغ السلطات الإثيوبية عن وقوع إصابات.

لكن التاريخ يشير إلى أن مثل هذه البراكين قادرة على التسبب في كوارث كبرى، كما حدث مع بركان إل تشيتشون في المكسيك، الذي لم يكن يخضع للمراقبة قبل أن يثور بقوة عام 1982 بعد قرون من السكون، متسببًا في مقتل أكثر من 2000 شخص ونزوح 20 ألفًا. البركان تسبب أيضًا في اضطراب مناخي عالمي بعد أن حملت الغازات البركانية الكبريتية إلى طبقات الجو العليا، ما أدى إلى تبريد نصف الكرة الشمالي وتحويل مسار الرياح الموسمية، وهو ما ساهم في الجفاف المدمر الذي ضرب إثيوبيا وشرق أفريقيا في منتصف الثمانينيات.
ويشير كاسيدي إلى أن 75٪ من الانفجارات البركانية الكبرى تأتي من براكين كانت هادئة أكثر من قرن، ما يجعلها خارج نطاق الاهتمام العلمي. ومع أن العلماء يعتمدون على مؤشرات مثل النشاط الزلزالي، انبعاثات الغاز، تشوه سطح الأرض، والموجات تحت الصوتية لاستشعار اقتراب الثوران، فإن أقل من نصف البراكين النشطة في العالم تخضع للمراقبة المنتظمة.
وتزداد المخاوف أيضًا تجاه البراكين القريبة من بنية تحتية حيوية حول العالم، فقد حدد فريق من جامعة كامبريدج سبع مناطق حساسة قد تتسبب فيها ثورة “صغيرة” واحدة في اضطرابات عالمية واسعة، تمتد من النقل والطيران إلى سلاسل الإمداد والاتصالات.
ويخلص كاسيدي إلى أن التمويل المخصص لعلم البراكين لا يتناسب مع حجم الخطر، داعيًا إلى تعاون دولي جاد وتعزيز نظم المراقبة لتجنب كارثة قد تكون أشد مما يتخيله العالم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز