«أبوظبي للكتاب».. أكاديمي سعودي يقدم رؤيته للمنهج النقدي

قدّم الدكتور عبد الله الغذامي، أستاذ النقد الأدبي، رؤية شاملة حول مفهوم المنهج في النقد، خلال جلسة فكرية بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وأكد "الغذامي"، الحائز على جائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2022 عن فئة شخصية العام الثقافية، أن النقد ليس مجرد ممارسة أدبية، بل منظومة فكرية متكاملة تقوم على أدوات دقيقة ووظيفة محددة.
وقال إن غياب الوظيفة عن العملية النقدية يفرغها من مضمونها الحقيقي، ويحوّلها إلى انطباعات سطحية، تبتعد عن التحليل البنّاء، لافتا إلى الفرق الجوهري بين النقد الأدبي الذي يهتم بالأسلوب والجماليات، والنقد الثقافي الذي يتعامل مع النصوص كامتدادات للبنية الاجتماعية والثقافية.
وبين الغذامي، تفصيلًا للعناصر الستة التي يرى أنها تشكّل الأساس في أي عملية نقدية سليمة: المرسل، وهو منتج الخطاب؛ المرسل إليه، وهو الجمهور أو المتلقي؛ الرسالة، التي تأخذ طابعًا وجدانيًا إذا تمركزت حول المرسل، أو طابعًا نَفعيًا إذا وُجّهت إلى المتلقي؛ السياق، باعتباره المرجعية التي تمنح الرسالة معناها؛ الشفرة، أي المفردات والتراكيب ودلالاتها الثقافية؛ وأخيرًا، أداة الاتصال، التي تحفّز وعي المتلقي وتؤدي وظيفة تنبيهية، موضحا أن هذه المكونات لا تحقق معناها الكامل إلا من خلال أدائها الوظيفي وتكاملها ضمن المنهج النقدي.
وفي حديثه عن البنيوية، أشار إلى أن الحديث عن "موت البنيوية" ليس دقيقًا؛ فبينما تراجع التركيز على "الفعل"، ظلّ التركيز على "البنية" قائمًا ومؤثرًا، معتبرا أن تدريب النقّاد على كشف البنية داخل النصوص يمنحهم قدرة على تقديم قراءات منطقية تستند إلى مكوّنات ملموسة، بعيدًا عن الانطباعات الهلامية.
وأكد أن قيام نظام نقدي ناضج لا يحتاج إلى أكثر من وعي نقدي منضبط، وجهد منهجي يُحوّل النص إلى مجال مفتوح للفهم والتحليل.
واختتم الغذامي، مداخلته بالتأكيد على أن النقد ليس حكرًا على النخبة، بل هو مهارة يمكن تعلّمها واكتسابها عبر المران والممارسة، مشيرًا إلى أن جوهر النقد يكمن في التعامل الموضوعي مع النصوص، واحترام بنيتها الداخلية، وبناء قراءات دقيقة تستند إلى معطيات واضحة، تسهم في تعزيز الحوار الثقافي العربي، وتعيد للنقد مكانته كأداة فكرية ووسيلة لفهم الواقع وتطويره.