هيمنة الصين على المعادن.. فرصة ذهبية لمصنعي المغناطيسات بالعالم
يشهد مصنّعو المغناطيسات المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة ازدهاراً ملحوظاً، في ظلّ سعي الدول الغربية الحثيث لبناء سلاسل إمداد محلية متكاملة، بدءاً من استخراج المعادن ووصولاً إلى تصنيع المغناطيسات، وتقليل اعتمادها على الصين.
وقد سلّط عام مضطرب شهد قيودًا على الإمدادات وتهديدات بفرض تعريفات جمركية، الضوءَ على الأهمية الاستراتيجية لمصنّعي المغناطيسات، حيث تصدّرت العناصر الأرضية النادرة أولوياتَ الاهتمام في خضمّ التنافس الجيوسياسي المستمر بين الولايات المتحدة والصين.
وتُعد المغناطيسات المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة مكونات حيويةً في العديد من المجالات، بدءًا من السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والهواتف الذكية، ووصولًا إلى المعدات الطبية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والأسلحة الدقيقة.
وفي هذا السياق، سعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا، من بين دول أخرى، إلى كسر هيمنة الصين على المعادن من خلال اتخاذ سلسلة من الإجراءات الاستراتيجية لدعم مصنّعي المغناطيسات، بما في ذلك الاستثمار بكثافة في المصانع، ودعم إنشاء مصانع جديدة، وتعزيز القدرة الإنتاجية.
أسواق نمو رئيسية
ومن المتوقع أن تبرز الولايات المتحدة وأوروبا، على وجه الخصوص، كأسواق نمو رئيسية لإنتاج المغناطيسات المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة خلال العقد القادم.
مع ذلك، لا يزال المحللون متشككين في قدرة الدول الغربية على التخلص من هيمنة الصين على المعادن في أي وقت قريب.
وقال رحيم سليمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة "نيو بيرفورمانس ماتيريالز" الكندية، في تصريحات لشبكة سي إن بي سي، "بصراحة، كنا الحل لمشكلة لم يكن العالم يدرك وجودها".
وتابع قائلاً، "إن السوق ينمو انطلاقاً من الفيزياء، وليس البرمجيات، وهو لا يعتمد على سوق واحد، فلا يعتمد على السيارات أو المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات أو الطائرات المسيّرة أو مزارع الرياح فقط، بل على أي محرك موفر للطاقة في مختلف المجالات".
وأشار سليمان إلى الطلب على المغناطيس من الصناعات سريعة النمو، مثل الروبوتات.
وجاءت تصريحاته بعد نحو ثلاثة أشهر من افتتاح شركة نيو مصنعها للمغناطيسات الأرضية النادرة في نارفا، إستونيا.
ويُتوقع على نطاق واسع أن يلعب هذا المصنع، الواقع على مقربة من روسيا، دوراً محورياً في خطة أوروبا لتقليل اعتمادها على الصين.
فعلى سبيل المثال، أشاد ستيفان سيجورنيه، رئيس قطاع الصناعة في الاتحاد الأوروبي، بالأهمية الاستراتيجية للمصنع، قائلاً في فعالية أقيمت مطلع ديسمبر/كانون الأول إن المشروع يُمثل "ذروة سيادة أوروبا".
وقال سليمان من شركة نيو إن منشأة الشركة في إستونيا تسير على المسار الصحيح لإنتاج 2000 طن متري من مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة هذا العام، قبل أن يرتفع الإنتاج إلى 5000 طن وأكثر.
وأضاف سليمان، "يبلغ حجم السوق العالمي 250 ألف طن، ويتجه نحو 600 ألف طن، أي أكثر من الضعف خلال عشر سنوات، والأهم من ذلك، أن تركيزنا يتركز بنسبة 93% في منطقة واحدة، لذا عند الجمع بين هذين العاملين، أعتقد أننا سنشهد سوقًا سريع النمو بشكل هائل".
نمو هائل في الطلب
ولا شك أن بكين هيمنت لفترة طويلة على الإمدادات العالمية من العناصر الأرضية النادرة.
فبحسب وكالة الطاقة الدولية، تُنتج الصين ما يقارب 60% من مناجم هذه العناصر في العالم، وأكثر من 90% من صناعة المغناطيس.
وقدّر تقرير حديث صادر عن شركة الاستشارات IDTechEx أن طاقة إنتاج مغناطيس العناصر الأرضية النادرة في الولايات المتحدة في طريقها للنمو ستة أضعاف تقريبًا بحلول عام 2036، مدفوعًا بالدعم الاستراتيجي والتمويل من وزارة الدفاع، فضلًا عن ازدياد أنشطة قطاع التكرير والتصنيع.
وفي المقابل، توقع التقرير نمو إنتاج المغناطيس في أوروبا 3.1 أضعاف خلال الفترة نفسها، مدعومًا بقانون المواد الخام الحيوية للاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلى أن يُلبي الإنتاج المحلي 40% من احتياجات المنطقة بحلول عام 2030.
وصرح جون ماسلين، الرئيس التنفيذي لشركة فولكان إيليمنتس، وهي شركة مقرها ولاية كارولاينا الشمالية متخصصة في إنتاج مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة، لشبكة سي إن بي سي، بأن الشركة تسعى إلى زيادة إنتاجها بأسرع ما يمكن "حتى لا يعيق هذا الخلل في سلسلة التوريد الأساسية تقدم أمريكا".
وتُعدّ فولكان إيليمنتس إحدى الشركات التي تلقت تمويلًا مباشرًا من إدارة ترامب.
فقد حصلت الشركة المصنعة للمغناطيسات على قرض فيدرالي مباشر بقيمة 620 مليون دولار الشهر الماضي من وزارة الدفاع لدعم إنتاج المغناطيسات محليًا، وفق ما أفادت شبكة سي إن بي سي الأمريكية.
وأوضح ماسلين في تصريحاته لسي إن بي سي، "تحوّل مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة الكهرباء إلى حركة، ما يعني أن جميع الآلات والتقنيات المتقدمة تقريبًا - الابتكارات التي تُشكّل حياتنا اليومية وتحافظ على سلامتنا - تتطلبها لكي تعمل".
وأضاف، "تتزايد الحاجة إلى المغناطيسات عالية الأداء بشكل متسارع وسط ارتفاع الطلب على التقنيات المتقدمة وإنتاجها، بما في ذلك محركات الأقراص الصلبة، ومعدات تصنيع أشباه الموصلات، والمحركات الهجينة/الكهربائية، والأقمار الصناعية، والطائرات، والطائرات المسيّرة، وتقريبًا جميع القدرات العسكرية".
وفي سياق منفصل، صرّح ويد سنتي، رئيس شركة "أدفانسد ماغنيت لاب" لصناعة المغناطيسات ومقرها فلوريدا، بأنّ السبيل الوحيد لتوفير سلاسل توريد بديلة هو الابتكار.
وأضاف سنتي في تصريحاته لشبكة CNBC: "يتزايد الطلب على المغناطيسات الدائمة المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة من مصادر غير صينية بشكلٍ كبير".
وتابع، "يكمن التحدي في قدرة منتجي المغناطيس في الولايات المتحدة على إنشاء سلسلة توريد محلية بالكامل (غير صينية) لهذه المغناطيسات، وهذا يتطلب من مُصنّعي المغناطيس أخذ زمام المبادرة وربط سلسلة التوريد معًا، بدءًا من المنجم وصولًا إلى المغناطيس ثم إلى العملاء".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز