تحديث لا استيراد.. كيف تعزز الصين رقائق الذكاء الاصطناعي؟
كشف تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» عن مساعي حثيثة للصين لتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتحدث التقرير عن استراتيجية صناعية لبكين تعتمد على تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة لديها، وفي مقدمتها معدات تصنيع الرقائق الأقدم التي تنتجها شركة ASML (إيه إس إم إل) الهولندية.
وفي ظل القيود الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها على تصدير أحدث تقنيات أشباه الموصلات إلى بكين، لجأت الشركات الصينية إلى حلول بديلة تهدف إلى رفع الإنتاجية وتحسين الأداء دون الوصول إلى التكنولوجيا الأحدث.
ووفقا للتقرير، بدأت الصين بترقية آلات الطباعة الضوئية العميقة (DUV)، وهي معدات أقل تقدماً من تقنية الطباعة فوق البنفسجية القصوى (EUV) التي تُعد حجر الأساس في تصنيع أكثر الرقائق تطوراً في العالم. ورغم الفجوة التقنية، تعمل المصانع الصينية على إدخال تحسينات هندسية دقيقة على هذه المعدات، إلى جانب تطوير البرمجيات والتحكم في العمليات الإنتاجية، بما يسمح بتقليل العيوب ورفع كثافة الترانزستورات على الرقائق.
ويرى محللون أن هذا التوجه يعكس واقعية صينية في التعامل مع القيود المفروضة، إذ تركز بكين على ما هو ممكن عملياً بدلاً من انتظار انفراجة سياسية أو تقنية غير مضمونة. فبدلاً من الاعتماد على استيراد معدات متقدمة يصعب الحصول عليها، تسعى الشركات المحلية إلى استخلاص أقصى طاقة إنتاجية من الأصول القائمة، مع الاستثمار المتوازي في البحث والتطوير المحلي.
نمو متسارع في الطلب على الرقائق
وتأتي هذه الجهود في وقت يشهد فيه الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي نمواً متسارعاً، مدفوعاً بتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الحوسبة السحابية، والسيارات الذكية، والأنظمة الصناعية. ومع استمرار القيود على استيراد الرقائق المتقدمة، ترى الصين أن تعزيز الإنتاج المحلي حتى وإن كان أقل تطوراً -يمثل خطوة حاسمة لضمان استمرارية نموها التكنولوجي.
وفي الوقت نفسه، تعكس هذه الخطوة تحولاً أوسع في السياسة الصناعية الصينية، يقوم على تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز سلاسل التوريد المحلية. فالحكومة الصينية ضخت استثمارات ضخمة في قطاع أشباه الموصلات خلال السنوات الأخيرة، وشجعت الشركات على الابتكار الداخلي وتطوير حلول تقنية محلية، حتى وإن تطلب الأمر وقتاً أطول للوصول إلى مستويات الأداء العالمية.
ورغم أن تحديث معدات ASML القديمة لا يضع الصين على قدم المساواة مع الشركات الرائدة عالمياً في تصنيع الرقائق المتقدمة، إلا أنه يمنحها هامشاً مهماً من الاستقلالية والمرونة. ويرى خبراء أن هذه المقاربة قد تساعد بكين على سد جزء من الفجوة التقنية، وتوفير قاعدة صناعية صلبة يمكن البناء عليها مستقبلاً.
ومن ثم، تعكس استراتيجية الصين في تعزيز إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي عبر تحديث المعدات المتاحة مزيجاً من البراغماتية والطموح. وبينما تستمر المنافسة التكنولوجية العالمية في التصاعد، تبدو بكين مصممة على المضي قدماً بخياراتها الخاصة، حتى في ظل بيئة دولية معقدة وقيود متزايدة على الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز