"الدجاج والنقانق" تخمد احتجاجات كوبا
حدث لافت أخمد الغضب في نفوس معارضين كانوا يستعدون للاحتجاج في إطار دعوات لتغيير النظام في كوبا، وحول ساحة المظاهرات إلى "مكان احتفال".
فلقد كان من المفترض أن يكون 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اليوم الذي يطلق فيه المعارضون البارزون المناهضون للحكومة حركتهم الاحتجاجية التي تدعو لتغيير النظام في كوبا.
وأعرب العشرات عبر الإنترنت عن أملهم في أن تقرب جولة جديدة من الاحتجاجات تشبه احتجاجات 11 يوليو/تموز، الجزيرة من الإطاحة بالديكتاتورية الشيوعية الموجودة منذ 60 عاما، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وفي 11 يوليو/تموز الماضي، وبينما استعدت كوبا لموجة من العجز المؤلم وزيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا، اندلعت تلقائيا احتجاجات في سان أنطونيو دي لوس بانيوس، وهي ضاحية فقيرة خارج العاصمة هافانا.
وبدأ العديد من الأشخاص بإلقاء الحجارة على الشرطة، وانتشرت الأنباء، وبنهاية الظهيرة، تدفق الآلاف إلى الشوارع في 50 مدينة بشتى أنحاء الجزيرة، مرددين هتافات "فلتسقط الديكتاتورية". وكان تلك أول احتجاجات كبرى تشهدها كوبا خلال 30 عاما.
وحينها، كان قادة المعارضة يأملون في تكرار ما حدث في يوليو/تموز، لكن الحكومة رفضت الطلب الرسمي الذي تقدمت به المعارضة لتنظيم مظاهرات في 15 نوفمبر/تشرين الثاني.
واعتبر الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل أن الاحتجاجات المخطط لها "مؤامرة" لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، وهو نفس الادعاء الذي قاله عن احتجاجات يوليو/تموز.
ويحتاج كل تجمهر في كوبا تصريحا من الحكومة أو تفضه الشرطة، ومع ذلك، كان زعماء المعارضة عاقدون العزم على المضي قدما.
ونشرت مجموعة تضم موسيقيين وكتابا مسرحيين وطلاب طب ومصممين، النداء عبر الشبكات الاجتماعية، محددين اللون الأبيض باعتباره رمز ثورتهم الوشيكة.
وعلق المتعاطفون الشراشف البيضاء، أو "سابانس بلانكس"، خارج نوافذهم – رمز الفخر الوطني والثقافي الكوبي، مدعوما بالنشيد الكوبي التقليدي الذي يحمل نفس الاسم.
المفاجأة
ليلة 15 نوفمبر/تشرين الثاني، تم تشغيل أغنية "سابانس بلانكس" بأعلى صوت في سنترو هابانا، أحد أفقر أحياء هافانا، حيث تفجرت احتجاجات 11 يوليو/تموز.
لكن لم يكن الناس يحتجون بل كانوا يرقصون. وبدلًا من سيارات الدوريات المقلوبة ونهب المتاجر والمواجهات الدامية مع هراوات الشرطة – المشاهد التي شهدها الناس في سنترو هابانا في 11 يوليو – بدا لبعض السكان أن الحكومة تقيم حفلًا.
وقال يوسماني، وهو معلم طلب استخدام اسم مستعار حفاظا على سلامته ويعيش في سنترو هابانا، إن يوم 15 نوفمبر بدا وكأنه عطلة، مضيفًا: "لم يكن كما تخيلنا على الإطلاق. إنه تلاعب".
وعزت وسائل الإعلام خارج الجزيرة عدم تنظيم الاحتجاجات إلى احتجاز الحكومة لزعماء المعارضة؛ حيث حاصرت الشرطة وأنصار الحكومة عدة معارضين مشهورين داخل منازلهم لمنعهم من الخروج في مسيرات ذاك اليوم.
لكن يوسماني، إلى جانب عدة شباب آخرين في سنترو هابانا، أرجعوا السبب إلى "الدجاج منخفض السعر" باعتباره السبب في هدوء المدينة المخيف.
وإلى جانب منصات الصوت، عند منضدة خشبية تم تنصيبها أمام مطعم صغير كان يتم توزيع المشروبات بينما يتم تجهيز البيتزا والشطائر.
وقال يوسماني إنه عند تلك المنضدة وأخريات في شتى أنحاء الحي، باع التجار الدجاج والنقانق وغيرها من المواد الغذائية بأسعار أقل بكثير عن أسعار السوق السوداء خلال الأيام التي سبقت 15 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأعرب يوسماني عن اعتقاده في أن خفض الأسعار كانت حيلة للحكومة لتملق سكان سنترو هابانا حتى تمنعهم من الاحتجاج، قائلًا: "إذا كان السكان قادرين على شراء الطعام، فسيكونون راضين".
من جهتها، قالت مونيكا، وهي بائعة في السوق السوداء طلبت ذكر اسمها الأول فقط، إن المواد الغذائية المتوفرة غالبا ما تعكس قوة حماس المعارضة على الجزيرة.
وأشارت إلى أنه "بعد 11 يوليو وعلى مدار بضع أسابيع، كانت هناك لوازم متوفرة في المتاجر لم يستطع أحد العثور عليها طوال أشهر، طوال فترة الجائحة تقريبا".
وأضافت: "فجأة أصبح متوفر صوص الطماطم والحليب. واستمر ذلك لفترة، ثم عاد كل شيء لما كان عليه قبل بضعة أشهر. ثم فجأة قبل 15 نوفمبر، أصبحت الأغراض متوفرة مجددًا. الأمر واضح للغاية".