المجمع الثقافي بأبوظبي.. 38 عاما من احتضان الإبداع

المجمع لعب دورا محوريا في الحراك الثقافي الذي شهدته الإمارات ككل عبر إسهامه في اكتشاف المواهب الأدبية والفنية وتحفيز النبوغ الفكري.
على مدى 38 عاما، تحول المجمع الثقافي في قلب العاصمة أبوظبي إلى أحد أبرز حاضنات الإبداع والثقافة الإماراتية، التي نجحت في تحقيق المعادلة بين المادي والمعنوي، وأعلت من شأن قيم المعرفة والفن.
ولعب المجمع دورا محوريا في الحراك الثقافي الذي شهدته الإمارات ككل، عبر إسهامه في اكتشاف المواهب الأدبية والفنية وتحفيز النبوغ الفكري بمختلف أشكاله.
يمثل المجمع الذي دشن عام 1981 رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في إنشاء منصة تنطلق منها المبادرات الثقافية والفنية وتكون معلماً وطنياً يرتكز على قناعاته الإسلامية والعربية، ويندفع بتطلعاته نحو الحداثة والتقدم.
ويتميز تصميم المجمع الثقافي، الذي يقع في محيط قلعة قصر الحصن، بالمزج بين العمارة الإسلامية والطابع الحديث في البناء، كذلك جاء تصميم المبنى ميالاً نحو البساطة في الجماليات المعمارية؛ لإفساح مجال للدور الوظيفي للبناء في تغليب المساحة على الكتلة.
استوحيت الأشكال الهندسية، التي استعملت في بناء الأقواس والأعمدة والساحات والحدائق، من فن العمارة الإسلامي، إذ اتَّشحت الأروقة بالطوب المصقول، الذي يبرز جماله، من خلال تناقضه مع بساطة الجدران الخرسانية عادية المظهر، كذلك زينت الأرضيات والألواح التي تغطي الأقواس بزخارف هندسية فائقة الجمال، كما وضعت اللمسات الأخيرة بواسطة إضافة بلاط السيراميك المنقوش بيد حرفية، الذي جاء على هيئة مربعات ونجوم مثمنة.
ويتكون المجمع الثقافي من 3 أقسام رئيسة هي: مركز حفظ الوثائق والبحوث، والمكتبة الوطنية، ومؤسسة الثقافة والفنون، وهو ما جعله يستقبل الباحثين والمثقفين والفنانين، إضافة إلى الأطفال الصغار الذين كانوا يتلقون فيه دورات تدريبية متعدّدة، ليتحوّل مع الوقت إلى خلية نحل لا تهدأ في مختلف فترات النهار وطوال شهور السنة.
وضمّ المجمع الثقافي عند افتتاحه أول مكتبة وطنية، إضافة إلى مسرح لعروض الأداء ومركز للمعارض، وشهد إطلاق عدد من البرامج الرائدة التي تحتفي بالثقافة الإماراتية والإقليمية، وقدم مجموعة متنوعة من أشكال الفنون لتشجيع التبادل الثقافي مع العديد من ثقافات العالم.
وحظي المجمع الثقافي منذ ذلك الحين بإشادة إقليمية ودولية؛ باعتباره صرحاً عالمياً للثقافة والفنون، كما نال مكانة بارزة كأحد معالم التراث الحديث، وتم تسجيله كأحد مصادر التراث الثقافي الأصيل لأبوظبي.
عام 2009 قررت الجهات المشرفة على المجمع إغلاقه بغرض الصيانة والتجديد لمنطقة الحصن، إلى أن أعيد افتتاحه في 2018، ورغم فترة الغياب الطويلة بقي المجمع حاضرا في وجدان وذاكرة المثقفين والفنانين والجمهور الذين رحبوا بهذه العودة الحميدة والانطلاقة الجديدة.
وشهد المجمع 4 سبتمبر/أيلول 2019 تدشين مساحات جديدة في داخله، تضمنت معارض فنية ومسرحا يتسع لـ900 مقعد تقام عليه سلسلة من العروض الأدائية طوال العام، ومكتبة أبوظبي للأطفال ذات التصميم المبتكر إلى جانب استحداث "بيت الخط" وعودة "المرسم الحر" إلى مكان انطلاقه في ثمانينيات القرن الماضي.
أعلنت دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي الموسم الافتتاحي للمجمّع الثقافي بدءاً من 4 سبتمبر/أيلول، الذي يتضمن معارض وورش عمل وفعاليات فنية مميزة.
ويستضيف المجمّع الثقافي على مدار العام سلسلة من المعارض المعاصرة لفنانين محليين وإقليميين ودوليين تُقام تحت إشراف قيمين فنيين في مختلف المساحات المنتشرة داخل المجمّع الثقافي، بما فيها الطابق الأرضي والقاعة الرئيسية والمساحات الأخرى المرممة حديثاً، تأكيداً على رؤية منطقة الحصن المستقبلية انطلاقاً من جذور إرثها العريق.
وينطلق الموسم الافتتاحي مع معرض "نجاة مكي: إضاءات" وهو معرض فردي يقدم مجموعة كبيرة من أعمال الفنانة الإماراتية البارزة نجاة مكي، ويُقام في القاعة الرئيسة ومساحات الطابق الأرضي بالمجمّع الثقافي.
ويضم المعرض، الذي يقام خلال الفترة من 4 سبتمبر/أيلول إلى 15 ديسمبر/كانون الأول، برنامجاً عاماً يشمل سلسلة من الحوارات الفنية وورش العمل والدورات التدريبية والجولات الإرشادية، وغيرها من عروض الأفلام إلى جانب البرامج الإبداعية الأخرى.