نداء "النيهوم" إلى الليبيين: خافوا على دينكم من الأصنام البشرية
مقولة للمفكر الليبي الصادق النيهوم قبل وفاته منذ 25 عاما تجسد روح الأزمة الليبية التي خلقتها الجماعات الإرهابية
"ﺧﺎﻓﻮﺍ على دينكم ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻞ ﺭﺅﻭﺳﻜﻢ ﻭﺗﺴﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻮﻟﻜﻢ".. مقولة أطلقها المفكر الليبي الصادق النيهوم الذي تحل ذكرى وفاته الـ25، الجمعة، وكأنه يوجه حديثه إلى أتباع الغرياني بلحاج والصلابي وغيرهما من رموز الإرهاب والتطرف، حسب المحلل السياسي ناصف الفرجاني لـ"العين الإخبارية"، مؤكدا أن النيهوم "أديب بدرجة فيلسوف يقف عنده التاريخ".
ولد النيهوم في بنغازي عام 1937، ودرس مادة الأديان المقارنة كأستاذ مساعد خلال الفترة من عام 1968 إلى عام 1972 بجامعة هلسنكي الفنلندية.
أجاد اللغات العربية والإنجليزية والفنلندية والألمانية، ومن أهم أعماله “الذي يأتي والذي لا يأتي" "من مكة إلى هنا" و"القرود ".
وقال الدكتور جبريل العبيدي، الأكاديمي والأستاذ المساعد بجامعة بنغازي الليبية، إن ما كتبه النيهوم من أفكار كان في الواقع بداية مشروع نهضوي تم إجهاضه، ولم يجد من يستثمره في الحرب على الإرهاب وتحصين الشباب من التطرف.
وأضاف "أفكار النيهوم التي كانت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تسببت برحيله ليسكن بلاد الثلوج في هلسنكي، بعد أن لاحقته مضايقات النظام إثر بروز أفكاره وشهرته، وما حذر منه النيهوم هو ما تحصد ليبيا آثاره اليوم بتنوعه الإخواني والقاعدي والداعشي، وكل التنظيمات الإرهابية التي تغرق البلاد في فوضى عارمة".
ويقول الأديب والمفكر سالم الهنداوي "إن النيهوم مفكر تنويري بامتياز عقلا وفكرا". ويضيف لـ"العين الإخبارية" أن "الصادق النيهوم لم يكن استشرافيا في فكره، ولا شرقيا في معتقده الديني، ولا غربيا في سلوكه الحياتي".
وتابع الهنداوي "كان النيهوم منتميا للإنسان والمكان هنا وهناك، فهو مسلم علماني يؤمن بأن الحياة في معناها الوجودي هي في اعتناقها للدين، وقد كانت ثمرة جهده الطويل في مقارنة الأديان هي تحرير الدين الإسلامي من الإسلاميين".
ويقول "رحل النيهوم وترك أسئلة قائمة لجيل آخر قد يبحث فيها عن إجابات للمستقبل، فقد قارع الجهل والتخلف لمدة 4 عقود من الزمن، ورحل في زمن مبكر لم يلتفت فيه لأطروحاته الفكرية على الصعيد المعرفي، إضافة لكونه متفوقا في كل مراحل تعليمه فقد نال الماجستير في الأدب المقارن، ونال الدكتوراه في الأديان المقارنة، بالإضافة لإجادته جميع أغلب لغات العالم، الأمر الذي جعله الباحث الواثق من رأيه ونقده للفكر الديني".
ويعلق الدكتور سالم النويري، المدرس بآداب سبها، قائلا إن "الصادق النيهوم يمثل نهضة للأدب الليبي، وبإخلاصه لعلمه ووطنه لامس النجوم، ويكفي ليبيا فخرا أنه حين يذكر التاريخ الإنساني أعلام الأدب والفلسفة لا بد أن يذكر الصادق النيهوم".