تمسّك الدبيبة بالسلطة.. هل تعود ليبيا للمربع الأول؟
ساعات طويلة حبست فيها العاصمة الليبية أنفاسها بانتظار وصول رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا إلى مطار معيتيقه.
ساعات تخللتها تخوفات محلية وغربية من عودة ليبيا إلى المربع الأول مرة أخرى، خاصة عقب إعلان رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة رفضه تسليم السلطة، معتبرًا قرار مجلس النواب "محاولة لدخول طرابلس بالقوة".
وفيما أعلن رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا فتح ذراعي حكومته للجميع، مشيرًا إلى أنها ستكون للجميع وبالجميع، أبدى مراقبون تخوفاتهم من حدوث اشتباكات مسلحة بين المليشيات المناوئة والمرحبة باختيار البرلمان فتحي باشاغا رئيسا جديدا للوزراء.
ورغم تلك التخوفات، إلا أن محللين ليبيين استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، قللوا من احتمال نشوب اشتباكات مؤثرة، معتبرين أن الدبيبة لم تعد لديه أوراق يلعب بها، خصوصا في ظل توافق داخلي كبير على إقالته، والترحيب بفتحي باشاغا.
خسارة المليشيات
المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان، يقول إن آخر رهان للدبيبة كان موقف الأمم المتحدة والدول التي تدير الأزمة الليبية، والذي سينجلي خلال الساعات القادمة بعد أن خسر دعم المليشيات، مشيرًا إلى أن الموقف الأولي للبعثة الأممية يعتبر أمر إقالة الحكومة أو تعيين أخرى داخليًا، ما دام هناك توافق.
وأوضح المحلل الليبي أن الدبيبة لم تعد لديه أية أوراق يلعبها، خاصة بعد أن فقد مدينة مصراتة لصالح وزير الداخلية السابق، بالإضافة إلى أن تحالفات باشاغا الداخلية "هامة ومؤثرة ونهائية"، ما أدى إلى نيله ثقة البرلمان.
ولفت إلى أن زيارة باشاغا إلى بنغازي (شرق) في ديسمبر/كانون الأول الماضي، واجتماعه مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ومرشحي الرئاسة، تمخضت عن بيان هام، مفاده المضي قدمًا نحو إجراء الانتخابات والذهاب إلى دولة مدنية، والمصالحة الوطنية.
إلا أن الدبيبة، حاول "بسذاجة" تمرير محاولة اغتياله التي لا تنطلي على أحد، بحسب المحلل الليبي، الذي قال إن رئيس الحكومة السابق "خسر على الأرض كل شيء، بما فيها المليشيات المسلحة، باعتبار أن باشاغا كان أحد القادة الميدانيين".
موقف محسوم
وأكد الخبير أن الموقف حسم بالكامل لصالح الحكومة الجديدة، إلا أن هناك تساؤلات ستحسم الإجابة عنها نجاح الحكومة الجديدة من عدمه: من ذلك: هل لدى باشاغا برنامج حقيقي لحلحلة القوة القاهرة التي أرجأت الانتخابات؟، وهل سيطرح أسماء لحكومة أزمة حقيقية؟، وهل ستكون حكومة مصغرة للذهاب إلى الانتخابات، أم أن الأسماء المقترحة ستكون عبر المساومات؟
فتحي باشاغا: الحكومة الليبية الجديدة ستكون للجميع
أسئلة ستجيب عنها الأيام المقبلة، بحسب المحلل الليبي، الذي أشار إلى إمكانية الوثوق برئيس الحكومة الجديد، شريطة ضمانه بشكل أو بآخر تحالفه مع المشير خليفة حفتر، لأنه سينتج وقائع جديدة على أرض الواقع لإجراء الانتخابات المقبلة.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، إن حكومة الدبيبة تعيش ساعاتها الأخيرة، مشيرًا إلى أن المفاوضات على تسليم السلطة بدأت منذ أمس.
مرور آمن
وأوضح المرعاش أن الدبيبة وعائلته يبحثون عن البقاء في ليبيا و"ضمان عدم الملاحقات القضائية في قضايا فساد من قبل حكومة فتحي باشاغا"، مشيرًا إلى أن "عائلة الدبيبة جندت كل أعيان مصراته لانتزاع وعد بعدم الملاحقة القضائية وحماية أموال العائلة في الداخل والخارج"، على حد قوله.
فتحي باشاغا.. هل يعبر "الطيار" بليبيا إلى بر الأمان؟
إلا أن إمكانية ملاحقة الدبيبة قضائيًا قال عنها المرعاش إنها ستبقى "عقبة صعبة أمام رئيس الحكومة فتحي باشاغا وأيضا أمام النائب العام؛ لأن كليهما ينتمي لنفس المدينة وقبائل مصراتة"، لافتا إلى أن هذه الملاحقات لن ترى النور خلال ولاية حكومة باشاغا لكن ملفات الفساد تبقى ماثلة ولا تسقط بالتقادم، خصوصًا أن حجمها هائل جدًا.
ووفق الخبير، فإن صفحة حكومة عبدالحميد الدبيبة قد طويت، فيما رئيسها يبحث عن مخرج له ولعائلته، من أي ملاحقة قضائية، مؤكدًا أنه مطلب سيكون اختبارًا صعبًا لرئيس الحكومة الجديد الذي صرح بأن من أولويات حكومته محاربة الفساد وعدم التستر على الفاسدين.
مواجهات مليشياوية
وحول إمكانية حدوث اشتباكات مسلحة بين العناصر المؤيدة أو الرافضة للدبيبة، قال المحلل الليبي إنه لن تحدث أي مواجهات عسكرية، لأن المليشيات الموالية لرئيس حكومة الاستقرار الجديدة باتت تسيطر على مفاصل العاصمة طرابلس.
ليبيا.. أول تعقيب من الدبيبة بعد تكليف "باشاغا" برئاسة الحكومة
بدوره، قال المحلل الليبي مختار الجدال، إن الدبيبة لا يملك شيئًا على الأرض، مشيرًا إلى أن الأخير سيسلم السلطة بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة وحصولها على ثقة مجلس النواب.
وفيما توقع أن يبدأ وزراء حكومة الدبيبة بتقديم استقالاتهم، الأسبوع القادم، اعتبر الخبير أن "التحالف الجديد بين مجلسي النواب والدولة والجيش وباشاغا أقوى من حكومة الدبيبة".
تحديات جوهرية
وأشار إلى أن تصريحات الدبيبة الرافضة لتسليم السلطة لا تساوي شيئًا؛ فتمسكه بخريطة طريق جنيف التي سقطت في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، يعد مدفوعا بما يعتقد أنه دعم من المجتمع الدولي الذي تتغير مواقفه باستمرار.
وحول التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة، قال المحلل الليبي إنها كبيرة، إلا أن حلولها تبدأ بخطوات في اتجاه توحيد البلاد والمصالحة الوطنية.
وأكد أن التحديات تتمثل في إعادة السيادة والأمن والاستقرار أولا، ثم توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية والمالية، وتوفير الخدمات والسيولة في المصارف.