فتحي باشاغا.. هل يعبر "الطيار" بليبيا إلى بر الأمان؟
بعد جلسات ماراثونية، جاء تصويت مجلس النواب الليبي بالإجماع على اختيار فتحي باشاغا رئيسا للحكومة خلفا لعبدالحميد الدبيبة.
وترشح لرئاسة الحكومة الجديدة اثنان هما وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وخالد عامر بشير البيباص، بعد استيفاء شروط الترشح للمنصب، إلا أن الأخير أعلن اليوم الخميس انسحابه ليكون الأول الوحيد خلفاً لعبدالحميد الدبيبة الرئيس السابق.
وفي وقت سابق اليوم، قال الناطق الرسمي باسم المجلس، عبدالله بليحق، إن "البرلمان صوّت على منح الثقة لفتحي باشاغا رئيسًا للحكومة بإجماع الحاضرين".
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يترشح فيها باشاغا للمنصب، حيث خسر تحالف رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ووزير داخلية حكومة الوفاق سابقا فتحي باشاغا، رئاستي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، خلال الجولة الأخيرة من انتخابات ملتقى حوار ليبيا بقيادة الأمم المتحدة في جنيف، أمام تحالف محمد المنفي وعبدالحميد الدبيبة في فبراير/شباط من العام الماضي.
وتواجه الحكومة الجديدة تحديات مستمرة منذ بداية الأزمة الليبية أبرزها حل المليشيات واستكمال توحيد المؤسسات الليبية المختلفة على رأسها المؤسسة العسكرية والمصالحة الوطنية الشاملة وإجراء الانتخابات العامة في البلاد حسب خارطة الطريق.
وتعيش ليبيا أزمة سياسية بعد تعذر إجراء الانتخابات وتأجيلها عن موعدها المحدد 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وسط محاولات دولية ومحلية للالتزام بخارطة الطريق الأممية وعقد الانتخابات في أسرع وقت وإعادة الاستقرار للبلاد بعد عقد من الاضطرابات.
ويعاني طيف واسع من الليبيين من تردي الخدمات والبنى التحتية وانحسار فرص العمل، فيما تسبّب الانهيار الاقتصادي في تدهور كبير في سعر الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية.
وتسود تخوفات من أن يتسبب انتخاب رئيس جديد للحكومة من حدة الخلافات السياسية في البلاد، في ظل إصرار رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة بالبقاء في السلطة.
من هو باشاغا؟
وتستعرض "العين الإخبارية" السيرة الذاتية لرئيس الحكومة الجديد بعد تكليفه من قبل مجلس النواب.
ولد فتحي باشاغا في 20 أغسطس/آب من عام 1962 بمدينة مصراتة، وتخرج في الكلية الجوية برتبة ملازم ثان، كطيار مقاتل، وعمل في سلاح الجو قبل أن يستقيل في 1993، ويلتحق بمجال الأعمال الحرة.
برز اسم باشاغا بين الناشطين العسكريين ضد نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في مدينة مصراتة، إبان أحداث فبراير/ شباط 2011، لينخرط بعدها في مجالات أخرى في مدينته، منها الهيئة الوطنية للمصالحة، وعضوية مجلس شورى المدينة، قبل أن يعلن ترشحه للانتخابات البرلمانية عام 2014، كأحد نواب مصراتة.
كان أحد الموقعين على اتفاق الصخيرات في المغرب ديسمبر/كانون الأول 2015، ليرشحه لاحقًا رئيس المجلس الرئاسي السابق، فايز السراج، لرئاسة مجلس الأمن القومي باعتباره أحد الأجهزة الأمنية العاملة على توحيد المؤسسة الأمنية في البلاد، إلا أنه اعتذر.
بعدها بأعوام، وتحديدًا في أكتوبر/تشرين الأول 2018، تولى وزارة الداخلية بحكومة الوفاق بتكليف من المجلس الرئاسي، خلفا لعبدالسلام عاشور.
إلا أن جهوده حينما كان وزيرا للداخلية لم تكلل بالنجاح الكافي، بسبب المليشيات المسلحة التي فهمت تحركاته في إطار مساعي قادة مصراتة للسيطرة على طرابلس وإقصائها، وباتت العلاقات متوترة بينه وبين تلك التشكيلات المسلحة، فيما حظي بدعم شعبي بسبب مواقفه المناهضة للمجموعات المسلحة ومحاولاته المتكررة للحد من نفوذها.
محاولة اغتيال
وقبل أيام قليلة من تنصيب الحكومة الجديدة في فبراير/شباط من العام الماضي، نجا من محاولة اغتيال، عندما فتحت عربة مصفحة النار على موكبه غرب العاصمة طرابلس، في حادث أعقبه توتر أمني كبير انتهى بعد تدخل أطراف سياسية وقادة مجموعات مسلحة نافذة.
وبدأ باشاغا يشتبك مع القضايا السياسية والأمنية في بلاده، مع ترشحه للسلطة التنفيذية في فبراير/شباط 2021، والتي كان يطمح في الفوز بها، حتى أعلن عن ترشحه لمنصب رئيس البلاد في الانتخابات الرئاسية التي تعذر إجراؤها في موعدها الذي كان محددًا له تاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.
أبرز تصريحاته
ومع ترشحه أكثر من مرة لمناصب تنفيذية كان لوزير الداخلية السابق العديد من التصريحات البارزة بينها التزامه بجعل "الأمن والمصالحة الوطنية والإصلاح الاقتصادي" من أولوياته وكذلك أن "الأمن يسير جنباً إلى جنب مع الإصلاح الاقتصادي، وهو ما يجعل من الممكن تحسين مستواه".
وعبر أيضاً عن عزمه على "تعزيز الحكم المحلي من خلال نظام لا مركزي لإدارة شؤون ليبيا الغنية بالنفط".
وشدد الطيار المتقاعد على أن هناك "حاجة ملحة لخطة إصلاح اقتصادي لتحسين قيمة الدينار مقابل الدولار ولتعزيز التجارة"، وعلى أهمية "تشجيع القطاع الخاص".
واعتبر أن ليبيا "متخلفة أمنياً"، وهي بحاجة إلى خطة عاجلة تعيد هيكلة كامل أجهزتها الأمنية، إلى جانب العمل على تأسيس "جيش موحد، ولن يكون الأمر صعباً في ظل وجود حكومة واحدة".
وفي وقت تتعرض فيه السلطات الليبية لانتقادات بعد حملة أمنية استهدفت آلاف المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس، قال باشاغا إن ملف "الهجرة غير الشرعية" قضية مهمة تتطلب العمل على الجانب الأمني وكذلك التعاون مع الأمم المتحدة ودول أخرى.
وأضاف: "لدى ليبيا مشكلة كبيرة على حدودها الجنوبية، وهي خارج سيطرة الدولة"، طارحا "تأمين الحدود من خلال استخدام التكنولوجيا"، كما شدّد على أهمية الاستثمار في القوة العاملة للمهاجرين في ليبيا، قائلا: "يجب الاستثمار في فئات معينة من المهاجرين، لأن ليبيا بحاجة إلى قوة عاملة ماهرة".
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA== جزيرة ام اند امز