«دومينو» دارفور.. الجنينة بقبضة «الدعم السريع»
واحدة تلو الأخرى بدأت مدن دارفور غربي السودان، بالتساقط كقطع «الدومينو»، بقبضة قوات الدعم السريع، إثر معارك عنيفة خاضتها مع قوات الجيش.
وذكرت قوات الدعم السريع، في بيان مقتضب، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، السبت، أن "قواتها تحرر الفرقة 15 مشاة الجنينة وتعلن حسم الفلول والانقلابيين بغرب دارفور"، بحسب وصفها.
- دارفور على صفيح ساخن.. المدنيون في شراك أزمة السودان
- واشنطن تحذر قوات الدعم السريع السودانية.. شمال دارفور السبب
ونشرت قوات الدعم السريع، فيديوهات من داخل مقر الفرقة 15 مشاة بمدينة الجنينة توضح إحكام سيطرتها على المقر، وسط أهازيج من الفرح.
وذكرت القوات أن "وجهتها المقبلة "تحرير" مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، والضعين حاضرة ولاية شرق دارفور.
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، بأن قوات الدعم سيطرت بشكل كامل على مقر الفرقة 15 مشاة بمدينة الجنينة.
كما أفاد شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، بأن موجة نزوح كبيرة شهدتها المدينة جراء الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وخلال الأيام الماضية سيطرت قوات "الدعم السريع" بشكل كامل على ولايتي جنوب ووسط دارفور، ووجهت أفرادها بضبط النفس وتسهيل الحركة أمام حركة المواطنين.
ويقول المواطن عبد الرحمن يوسف، إن "مجموعات كبيرة من المواطنين لجأت إلى الحدود مع دولة تشاد المجاورة، خوفا من الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع".
وأشار يوسف في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "المدينة تعيش أوضاعا كارثية بعد الاشتباكات التي اندلعت صباح السبت، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية والصحية على أرض الواقع."
تاريخ المدينة
وتقع مدينة الجنينة في أقصى غرب السودان على ارتفاع 800 متر فوق سطح البجر (2.624 قدم) وتبعد عن الخرطوم العاصمة حوالي 1200 كيلومتر (745.64 ميل) وهي مركز تجاري ومعبر حدودي نحو تشاد، وسائر بلدان غرب أفريقيا، حيث تبعد عن الحدود التشادية حوالي 27 كيلومتر (16.77 ميل).
ولفظ "الجنينة" في السودان يعني "الحديقة"، وهو لغة تصغير للفظ الجنة أي الحديقة أو البستان، وسميّت مدينة الجنينة بهذا الاسم نسبةً إلى كونها مدينة ذات طبيعة خضراء تعج بالحدائق والبساتين والحقول المخضرة.
كذلك ترجع التسمية إلى السلطان بحر الدين سلطان المساليت، وهو أول من حكم المدينة وأقام فيها حديقة كبيرة عرفت بجنينة السلطان بحر الدين.
وتلقب المدينة باسم «الجنينة اندوكا» وهو لقب السلطان محمد بحر الدين اندوكا. واللفظ اندوكا يعني بلغة المساليت "القدح الكبير" دلالة على شدة الكرم والسخاء.
وتقع المدينة جغرافيا في الجهة الغربية من إقليم دارفور وتبعد عن مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور 350 كيلومتر (217.47 ميل)، فيما تقع فلكياً على خط طول 22.43333 درجة شرق خط غرينتش، وعلى خط عرض 13.45 شمال خط الاستواء.
وتعتبر مدينة الجنينة عاصمة لدار مساليت، التي نشأت فيها سلطنة المساليت إحدى سلطنات بلاد السودان القديمة الواقعة في المنطقة ما بين السودان وتشاد الحاليتين والتي انضمت إلى السودان الإنجليزي المصري بموجب اتفاقية عام 1919.
وكان السلطان محمد بحر الدين ولقبه اندوكا أول سلطان للمساليت قد نقل العاصمة من مدينة دار جيل إلى الجنينة عام 1913 واهتم بعمرانها وقد خلف والده على السلطة بعد مقتل عمه السلطان تاج الدين في معركة دوتي مع الفرنسيين عام 1910 وأقام في موقع الجنينة حدائق وبساتين لتكون بمثابة منتجع له عرف بجنينة (حديقة) السلطان بحر الدين.
وفي فترة الحكم الثنائي وحتى في فترة ما بعد استقلال السودان أصبحت الجنينة جزء من مديرية دارفور ثم تحولت أخيراً إلى عاصمة ولاية غرب دارفور إحدى ولايات دارفور الكبرى.
ويسود الجنينة مناخا حارا وشبه جاف، ويتميز بموسمين هما موسم رطب قصير ودافئ من منتصف يونيو/حزيران إلى أواخر سبتمبر/أيلول، وموسم جاف طويل حار وجاف يغطي الأشهر التسعة المتبقية من العام.
وتهطل في المدينة الأمطار الموسمية، والتي هي السبب الرئيسي في خصوبة أرضها وفي الانتشار الكبير للمساحات الزراعية فيها.
الزراعة والاقتصاد
تتميز المدينة بوجود العديد من المصادر الاقتصادية ويعتمد اقتصادها على قطاعات: الزراعة، والرعي والتجارة والخدمات.
وتشكل الزراعة القطاع الذي يعتمد عليه الاقتصاد بشكل أكبر لخصوبة التربة ووفرة الأمطار والمياه الجوفية ، كما أدى انتشار غابات أشجار الهشاب حول المدينة إلى جعلها مصدرا مهماً لإنتاج الصمغ العربي وإلى جانب ذلك تزرع محاصيل مثل القطن والتبغ والذرة الرفيعة والسمسم والدخن والبطيخ والكركديه والبامية وبعض الفاكهة مثل المانجو و الجوافة والبابايا والبرتقال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.