نهاية حلم «ليبرتي ليفتر».. مشروع طائرة بحرية عملاقة يلقى مصير «كونكورد»

رغم الطموحات الجريئة والتوقعات بمستقبل "ثوري"، أعلنت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية الأمريكية (DARPA) إلغاء مشروع الطائرة البحرية "ليبرتي ليفتر"، والذي كان يُفترض أن يُحدث تحولاً جذرياً في عالم النقل الجوي العسكري الثقيل.
القرار أثار موجة تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على الموازنة بين الطموح التكنولوجي والقيود المالية التي أصبحت تخنق الابتكار العسكري.
حلم "ليبرتي ليفتر"
لم يكن "ليبرتي ليفتر" مجرد طائرة، بل كان رؤيا مستوحاة من أسطورة "Spruce Goose" التي بناها هوارد هيوز.
استند المشروع إلى تقنية "تأثير الأرض" (WIG)، التي تسمح للطائرات بالتحليق على ارتفاع منخفض لتحقيق أكبر قدر من الرفع مع أقل استهلاك للطاقة.
- شراكة «ايدج» و«ليوناردو» تؤسس لمركز تكنولوجي رائد في أبوظبي
- تحديثات «كروم» تتوقف لهذه الأجهزة.. هل هاتفك بينها؟
الهدف كان تطوير طائرة بحرية عملاقة مصنوعة من مواد مركّبة متطورة، قادرة على تنفيذ عمليات نقل عسكرية وإنسانية حتى في الظروف البحرية القاسية دون الحاجة إلى موانئ أو مدارج هبوط.
المرحلة الأولى من المشروع، التي أُوكلت لشركتي General Atomics وAurora Flight Sciences التابعة لبوينغ، كانت تهدف إلى تطوير نموذج أولي بحجم طائرة C-130 Hercules، بقدرة رفع تصل إلى 22.6 طن.
أما الطموح النهائي، فكان بناء نسخة ضخمة مزودة بثمانية محركات، تعادل طائرة C-17 Globemaster III، وقادرة على نقل 77 طناً لمسافة تتجاوز 22 ألف كيلومتر.
الطموح يصطدم بالواقع
لكن الحلم اصطدم بالحسابات الاقتصاديةـ كلفة التطوير المبدئية قُدرت بـ98 مليون دولار، ومع مرور الوقت، بدأت تتضح تحديات أخرى: ضرورة قدرة الطائرة على الهبوط والإقلاع وسط أمواج بارتفاع 4 أمتار، واعتماد طرق تصنيع مستوحاة من الصناعات البحرية لتقليل التكاليف.
ورغم ما قدمه المشروع من نتائج مفيدة في مجال المحاكاة والتصنيع، رأت داربا أن الاستمرار فيه لم يعد مبرراً في ظل الضغوط المالية المتزايدة.
قرار الإلغاء جاء وسط تلميحات بأن الوكالة اكتفت بما حققته من معرفة تقنية، لكن مراقبين رأوا فيه تراجعاً عن طموح كان يمكن أن يعيد تشكيل مشهد الطيران العسكري.
إرث تقني لا يُستهان به
رغم انتهاء المشروع، تُقرّ داربا بأن ما تم تحقيقه من بيانات وتقنيات تصنيع سيجد طريقه إلى مشاريع مستقبلية. من بين هذه الابتكارات، تحسينات في استخدام المواد المركبة، وأساليب بناء مرنة منخفضة الكلفة، يمكن أن تُحدث تحولاً في تصميم الطائرات العسكرية وحتى التجارية.
لكن البعض يخشى أن يلقى هذا المشروع مصير "الكونكورد": تحفة هندسية سبقتها ظروفها الاقتصادية والسياسية، وبقيت فقط كرمز لما يمكن تحقيقه وما يمكن التخلي عنه بسرعة.
انقسام داخل الأوساط العسكرية
ردود الفعل على قرار الإلغاء كانت متباينة. ففي حين اعتبره البعض قراراً واقعياً في ظل الظروف المالية، وصفه آخرون بأنه خسارة لفرصة نادرة لدفع حدود التكنولوجيا الجوية.
وقال مهندس مشارك في المشروع، في تصريح لمجلة لو بوان: "لقد دفنا المشروع بسرعة مفرطة… كنا قريبين من تجاوز الكثير من التحديات التقنية. ما كنا نحتاجه هو فقط الإرادة السياسية".
هل تنجح الابتكارات في زمن التقشف الدفاعي؟
هذا القرار يفتح نقاشاً أوسع حول مستقبل برامج الابتكار العسكري الضخمة. فهل تستطيع المؤسسات الدفاعية الحفاظ على وتيرة التطور في ظل قيود مالية صارمة؟ وكيف يمكن للوكالات مثل داربا الموازنة بين الطموح والتكلفة؟
قد تكون "ليبرتي ليفتر" قد أُجهضت قبل أن ترى النور، لكنها تترك خلفها إرثاً تكنولوجياً قد يعيد تشكيل مشاريع الطيران في المستقبل.
فبين الإحباط والاحتمالات، تبقى الأسئلة مفتوحة: من سيحمل الراية بعد سقوط هذا المشروع؟ وهل هناك مكان للطموحات الثورية في عصر تقشف عسكري؟
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTc1IA==
جزيرة ام اند امز