ابنة الفلسطيني المقتول لـ"العين الإخبارية": تركيا تماطل لتتجنب تحقيقًا دوليًا
رحلة معاناة عاشتها أسرة زكي مبارك، بين فقدان الأب والحرمان من رؤية جثمانه حتى الآن والاتهامات الملفقة ضده من قبل تركيا، ناهيك عن غربة الشتات
ما بين فقدان الأب والحرمان من رؤية جثمانه حتى الآن والاتهامات الملفقة ضده والغربة.. رباعية قهر وألم تعيشها الفلسطينية هدى زكي مبارك حسن، الابنة الكبرى للفلسطيني القتيل في سجون تركيا.
وبصوت ضعيف وباكٍ تحدثت هدى لـ"العين الإخبارية" لتروي فصول المأساة التي تعيشها هي وشقيقاها أحمد (14 عاما)، وشيماء (22 عاما)، بعد جريمة قتل والدهم في سجون رجب طيب أردوغان، والسؤال الذي لا يغادر لسانها "لماذا قتلوه؟".
وقتل والد هدى، زكي مبارك حسن (55 عاما) الأحد الماضي، خلال احتجازه في سجون المخابرات التركية في ظروف غامضة، وسط ادعاءات السلطات بانتحاره، بينما اتهمت أسرته نظام أردوغان بتصفيته بعد فشلها في انتزاع اعترافات بجريمة التجسس التي لم يرتكبها.
فرية غير مقبولة
وقالت هدى: "والدي خريج الكلية العسكرية، وهو ضابط في المخابرات خرج للتقاعد، ويحمل درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف من مصر، وهو شخص مؤمن، ولا يمكن أن يقدم على الانتحار، هذه كذبة وفرية لا مجال لقبولها".
وأشارت إلى أن والدها وصل إلى تركيا، بهدف الترتيب لإقامة مشروع استثماري متعلق بالمواد الغذائية، حيث كان يعتقد أنها بلد إسلامي وتحتضن الفلسطينيين وتوفر بيئة للاستثمار، ولكن أمله لم يكن في محله حيث تعرض للتآمر والإخفاء القسري قبل جريمة القتل.
إخفاء فإعلان اعتقال وقتل
وذكرت أنها فقدت الاتصال بوالدها مطلع شهر أبريل/نيسان خلال تواجده في تركيا، حيث تعرض للإخفاء القسري، ووكلت أحد المحامين للبحث عنه، ولاحقا بعد أكثر من أسبوعين جاءت الصدمة بأنه معتقل ثم بدأت وسائل الإعلام الصفراء بترويج الاتهامات الكاذبة والملفقة له.
وتقطع صوتها بفعل بكائها، وهي تروي كيف أن المحامي طمأنهم الجمعة الماضي، أن والدها بريء وأنه سيخرج بكفالة يوم الثلاثاء (المقصود اليوم) وتحدث معه عمي عبر المحامي وكان مطمئنا لسلامة موقفه وأنه بريء من كل التهم، وأنه مجرد روتين وسيفرج عنه بعدما ثبت أن التهم ملفقة.
وحول ملابسات معرفتها بمقتل والدها، قالت: "في البداية قرأت على صفحة عمي (زكريا ويقيم في بلغاريا أيضا) يكتب على صفحته على فيسبوك حول مقتل والدي، فاتصلت به وأنا في حالة صدمة وإرباك فأبلغني بوقائع الجريمة".
صدمة
صمتت لحظات قبل أن تقول بصوت متهدج: "كان الأمر صدمة كبيرة علي وعلى شقيقتي شيماء وشقيقي أحمد، ولا نزال نواجه هذه الصدمة، نحن نعيش لوحدنا هنا، وكان معنا والدي، أظلمت الدنيا أمامي".
وبصوت موجوع قالت: "اليوم نحن على يقين أن والدي بريء من التهمة الملفقة، وأنه تعرض لجريمة اغتيال وقتل متعمدة، فأبي مؤمن وقوي ويصلي ومستحيل أن يقدم على الانتحار، باختصار ما جرى جريمة اغتيال دولية بحق والدي".
وذكرت أنها توجهت أمس مع عمها إلى الحدود التركية مع بلغاريا، بهدف تسلم جثة والدها، ولكن السلطات التركية رفضت السماح لعمها بالمرور، ثم جرى إبلاغنا أنه سيتم تسليم الجثة يوم الأربعاء ثم أبلغونا أن التسليم هو يوم الخميس.
ورأت أن ذلك مماطلة تركية متعمدة لإخفاء شيء ما على الجثة يفند المزاعم التركية عن الانتحار.
هدى الطالبة الجامعية، باتت فجأة مسؤولة عن شقيقتها وشقيقها، ومتابعة جريمة مقتل والدها إلى جانب عمها زكريا.
رحلة معاناة
تهدل صوتها وهي تروي رحلة المعاناة التي عاشتها أسرتها مشتتة بين البلدان: "خرجنا من غزة بعد الانقلاب عام 2007، وعشنا في الخارج، وأكمل والدي دراسته العليا وحصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف".
وقبل نحو 6 سنوات انتقلت هدى وشقيقاها إلى العاصمة البلغارية صوفيا للدراسة هناك، حيث تدرس وشقيقتها تصميم جرافيك، أما أحمد فهو في الصف الحادي عشر، والتحق بهم والدهم بعد خروجه للتقاعد الرسمي من عمله.
إصرار على تحقيق دولي
وقالت: "لن نسلم بالادعاء التركي، ومطلبنا تحقيق دولي في هذه الجريمة".
وتشعر هدى بالغضب لما تصفه "تقصير" السفارة الفلسطينية في تركيا: "السفير لا يرد على رسائلنا، والمعلومات نستقيها من المحامي، وهناك مماطلة في تسهيل تسليم الجثة لنا هنا في بلغاريا".
وذكرت أنهم تبلغوا أنه سيجري نقل جثمان والدها إلى مصر، وأنه مطلوب منهم التوجه إلى هناك لوداعه، قبل نقله إلى غزة ليدفن في وطنه.
وتشدد هدى وشقيقاها على مطلب فتح تحقيق دولي في جريمة القتل، وقالت: "لا نثق بالأمن ولا القضاء التركيين، هم تآمروا لاختطاف والدي وتلفيق التهم الكاذبة له ثم قتلوه، فكيف نأمنهم على التحقيق في جريمة قتله؟".
aXA6IDMuMTQ1LjU3LjQxIA== جزيرة ام اند امز