"أيام سوق الحُب" ينعش ذكريات أهالي الدمام
سوق الحب اشتهر بانتشار المقاهي الشعبية وبيع الذهب والملابس والمقتنيات النسائية، الأمر الذي أغرى الشباب وجعلهم يترددون على هذا السوق
أنعش مهرجان "أيام سوق الحب"، الذي نظمته أمانة المنطقة الشرقية بمدينة الدمام السعودية، ذكريات العشاق وكبار السن مع أقدم أسواق المنطقة.
وأعاد المهرجان للمدينة نمط الحياة القديمة قبل نحو 70 عاماً مع بداية اكتشافات النفط وتنامي أحياء الدمام وانتعاش الحياة التجارية فيها.
واشتهر سوق الحب بانتشار المقاهي الشعبية وبيع الذهب والملابس والمقتنيات النسائية، الأمر الذي أغرى الشباب وجعلهم يترددون على هذا السوق.
ويعتقد البعض أن "الأحباب" كانوا يتقابلون للمرة الأولى في هذا المكان، كما يعد بادرة من أجل الاحتفاء بالماضي العريق، لما لهذا السوق من أصالة واسم تاريخي.
توافد على أيام سوق الحب، الذي جاء تحت شعار "قديمك نديمك.. لو الجديد أغناك"، زوّار من مختلف المدن للاستمتاع بالفعاليات المتنوعة التي تضمنها المهرجان من عروض تراثية وأركان وفلكلور شعبي ومهن حرفية قديمة، إضافة للمسرح التفاعلي الذي قدمت خلاله محاضرات تثقيفية للتعريف بحضارة وتاريخ الدمام والأسواق الشعبية ومنها سوق الحب.
وأتاح المهرجان، الذي يختتم فعالياته السبت، فرصة للشباب والأبناء للتعرف عن قرب على حياة الآباء والأجداد في الماضي في ظل وجود "الدكاك" و"المركاز" والتي كانوا يجلسون فيها ويحتسون أكواب الشاي المطعم بحبات الهيل والقهوة العربية وتذوق الأكلات الشعبية.
ويهدف المهرجان، الذي بلغ عدد زواره منذ انطلاقته الخميس أكثر من 34 ألف زائر، لإحياء موروث الأسواق الشعبية القديمة التي تجاوزت نشأتها ما يقارب 60 عاما، مستهدفا في محطته الأولى سوق الحب بمدينة الدمام، فيما سيتجول المهرجان في العديد من المواقع بمختلف المدن والمحافظات من خلال برامج هادفة متنوعة تهدف لإحياء الموروث الشعبي وتعريف جيل الشباب بالحضارة والثقافة السعودية.
وأتاح المهرجان الفرصة لكبار السن لمناقشة الباحثين والمؤرخين من خلال أمسية الدمام سبب تسمية السوق بهذا الاسم، حيث اختلف الحضور على التسمية، وتحسر بعض الزوار على سبب اختفاء "الدكاك" في الأحياء السكنية، مشيرين إلى أن بعض أصحاب البيوت يقومون بعمل "الدكاك" بداخلها والاستمتاع بالجلوس فيها.
ويعتقد المصور الصحفي السعودي عبدالله سيهات أن تسمية السوق بهذا الاسم جاءت من كلمة "سوق الحب" التي ترجع لبيع "البذور" في بادئ الأمر، لأن السوق كان به ملحق خلفي لبيع البذور كما اشتهر بالعديد من الأقسام ومنها المكسرات وقسم خاص لبيع الذهب والملابس.
وقال سيهات، لـ"العين الإخبارية": "عندما كبر السوق فإن أغلب العرسان كانوا يذهبون إلى هناك لشراء الذهب وخياطة وتفصيل الملابس"، ويعتقد أن التسمية تحولت إلى "سوق الحُب" في وقت لاحق بعد تردد الكثير من الشباب عليه.
وذكر أن السوق كان ينبض بالكثير من النشاط والحيوية بسبب تخصيص الأقسام المختلفة من أماكن بيع الذهب والملابس ووجود الجاليات المختلفة، بالإضافة إلى وجود جزء خلفي من السوق كان يسمى سوق "سيكو" وهي من أشهر ماركات الساعات، لكن خفت بريقه مؤخرا.
ورأى سيهات أن مثل هذه النشاطات ستعيد للسوق بريقه رغم وجود المجمعات التجارية والمولات التي أخذت مساحة كبيرة، وأن سوق الذهب ما زال نشطا وهو السوق الرئيسي للعديد من الزبائن من مختلف الطبقات في المنطقة.
وعرض أحمد أبو ردحة، وهو (مقتنٍ للتراث)، خلال المهرجان، أكثر من 100 قطعة تراثية تعود لفترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وقبل ظهور النفط، وأقدم المقتنيات منذ فترة الخمسينيات وهي عبارة عن "تلفزيون ومذياع"، جذبت زوار المهرجان، مطالباً باستمرار السوق طيلة أيام العطل وفي شهر رمضان المبارك.
وحظي المهرجان بزيارة نخبة من الشخصيات الذين أشادوا بالمهرجان وما تضمنه من فعاليات متميزة لإحياء الموروث الشعبي والفعاليات التي نالت رضا الحاضرين.
وأشاد نائب رئيس غرفة الشرقية رئيس لجنة الضيافة والترفيه بالغرفة حمد البوعلي بما احتواه المهرجان من فعاليات، الأمر الذي أعطى دلالة واضحة على الاختيار الجيد لها، مبينا أن المهرجان يمثّل واجهة حقيقية للسياحة في المنطقة، حيث تبذل أمانة الشرقية جهوداً كبيرةً في سبيل تنظيم مثل هذه المهرجانات.
وأشار البوعلي إلى أن الغرفة تعمل بالتكامل مع الأمانة في جميع الأعمال ذات المردود الإيجابي على المنطقة، وسيتم تحديد اجتماع مع الأمانة لدراسة تحويل هذا السوق إلى ممشى يضم محلات تراثية ويكون على مدار العام، مبدياً الاستعداد للمساعدة بالدراسات والعمل على توفير الرعايات لاستمرار نجاح السوق.
ونوه رجل الأعمال عبدالعزيز التركي، خلال زيارته، بالمهرجان الذي أعطى انطباعات إيجابية لجميع زوار وأهالي المنطقة الشرقية، ويمثل علامة فارقة في صناعة السياحة فيها.
وأكد أن القطاع الخاص وقطاع الأعمال يقف جنبا إلى جنب مع الجهود التي تبذلها الأمانة في سبيل النهوض بالقطاع السياحي وإدخال عنصر الترفيه في المجتمع، معتبرا أن مساهمة رجال الأعمال جزء من المسؤولية الاجتماعية التي تتطلب دعم الأنشطة الترفيهية والسياحية.
وأشادت رئيسة مجلس شابات الأعمال بغرفة الشرقية نجلاء العبد القادر بالجهود الكبيرة المبذولة لإقامة المهرجان الذي يمثل إنجازاً كبيراً لجميع اللجان المشاركة في تنظيم الفعاليات، مؤكدةً أن استقطاب العديد من الجهات الحكومية الأهلية أمر إيجابي، مقدمة شكرها لأمانة الشرقية على إقامة المهرجان ومن حسن التنظيم وجمالية الفعاليات وتحقيق النجاح والتميز للمهرجان.