مفتي مصر: ظاهرة "التأسلم السياسي" تحولت إلى كابوس للعالم
جماعات التأسلم السياسي توزع الأدوار فيما بينها، فهناك جماعة لنشر المفاهيم الجامدة، واختصار الإسلام في مظاهر بعينها، وأخرى تتبنى العنف.
دعا الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، إلى ضرورة استخدام مصطلح "التأسلم السياسي" بدلاً من "الإسلام السياسي"، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة تحولت من دعوة تدعي أنها إسلامية، وتدعو إلى إحياء شعائر الإسلام في نفوس الناس، إلى كابوس مزعج للأمة الإسلامية، والعالم بأسره.
وشدد "علام" على أن الإخوان المسلمين، والجماعات التي خرجت من عباءتها، حوّلوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، وكل مرحلة مرت بها هذه الجماعات كانت أسوأ وأضل سبيلاً من سابقتها.
جاء ذلك في افتتاح الحلقة النقاشية التي أقامتها مكتبة الإسكندرية، الأحد، بعنوان "مسؤولية الحديث في الشأن العام (الإسلام والسياسة)"، وشارك فيها عدد كبير من العلماء ورجال الدين والمثقفين والإعلاميين.
واستعرض مفتي مصر أسباب وعوامل انهيار وفشل مشروع "التأسلم السياسي"، مؤكداً أنه حمل منذ نشأته عوامل الفشل في ذاته، وأن هذا المشروع "ساقط أخلاقياً وإنسانياً ودينياً"، لأنه قام على أسس واهية ومفاهيم خاطئة وتصورات باطلة.
وأضاف أن جماعات التأسلم السياسي توزع الأدوار فيما بينها، فهناك جماعة لنشر المفاهيم الجامدة، واختصار الإسلام في مظاهر بعينها، وجماعة أخرى تتبنى العنف، وجماعة ثالثة تشارك في الانتخابات، ولا غرض لها إلا مناهضة الدولة.
واستطرد قائلاً: "لعلنا نتذكر فتاوى التكفير، وغزوات الصناديق، ووصول المشروع المتأسلم إلى سدة الحكم، وفشل أصحاب هذا المشروع وهم في الحكم أن يغالبوا شهوة أسلوب الجماعة، التي هي في وجدانهم فوق الدولة والمؤسسات".
الالتزام بالوطنية المصرية
ومن جهته، أكد الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، أن "الأديان براء من الجرائم التي ترتكب باسم الدين، وأن الحديث في الشأن العام مفتوح أمام الكافة، طالما أن هناك التزاماً بالوطنية المصرية، ولكن يظل الحديث في الدين للعلماء".
وتناول الأنبا أرميا، رئيس المركز الثقافي القبطي، مفهوم الشأن العام من زاوية مصالح البلاد، واللجوء إلى رأي المتخصص في مجال تخصصه.
وأضاف: "الشأن العام يحتاج إلى بناء المواطن، وإتاحة وسائل المعرفة من مصادرها الحقيقية، واحترام حقوق وحريات الأفراد، وغرس روح المواطنة، وإبراز الإنجازات والمشروعات التي تتحقق، والتوعية بمخاطر الفكر المتطرف".
ومن جانبها، أشارت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية وعضو مجلس النواب المصري، إلى تكريم الله للإنسان، في الوقت الذي تستغله الجماعات التي تتخذ الدين ستاراً لتحقيق مآرب سياسية.
ودعا الدكتور سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن، إلى أهمية أن يشمل الخطاب الديني توقيراً للأديان، واحترام دين الآخر، والتحلي بروح المسؤولية والمواطنة.
ولفت منير فخري عبدالنور وزير السياحة والصناعة المصري الأسبق، إلى أهمية أن يراعي الخطاب الديني الوحدة الوطنية، سواء كان إسلامياً أو مسيحياً.
فيما أشار الكاتب حلمي نمنم، وزير الثقافة المصري الأسبق، إلى أن مشروع الإسلام السياسي غير قابل للنجاح والاستمرار، لأنه ينطوي على أفكار متناقضة وغير سوية، مضيفاً: "الإخوان المسلمون نسخة من مذهب ولاية الفقيه لدى الشيعة، حيث استبدلت المرشد بالفقيه".
ومن ناحيته، أكد الدكتور عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية، أن الدولة القومية الحديثة تقوم على الفصل بين الدين والدولة، وليس معاداة الدين، داعياً إلى تواصل أفضل مع أفراد المجتمع، لا سيما الأجيال الشابة، بهدف نقل أفكار التقدم والمواطنة والتسامح على نطاق واسع.
وقال الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، إن الشأن العام هو المظلة التي تندرج تحتها المصالح الخاصة، والرؤى الفردية، مشيراً إلى أن الأزهر يشارك في الشأن العام من خلال العديد من المبادرات، منها "بيت العائلة" الذي يعزز ثقافة المواطنة، والعلاقات بين أبناء الوطن الواحد.