بعد أسبوع من تولي المحافظ الجديد.. أزمة طارئة على طاولة المركزي الليبي
لم يكد الليبيون يفرحون بحل أزمة مصرف ليبيا المركزي، التي كادت أن تقذف بالبلاد في دوامة الاقتتال، حتى دب خلاف جديد بين الفرقاء.
فقد بدأ المحافظ الجديد للمصرف إصدار قراراته. وفي أول قرار لمجلس الإدارة الجديد، ألغى العمل بكل القرارات الصادرة عن سلفه، وأي قرارات اتخذت في فترة الخلاف، والبالغ عددها نحو 70 قرارا، وإعادة الأمر للوضع السابق قبل بداية الأزمة التي نشبت في أغسطس/آب الماضي.
ولم يثِر هذا أي اعتراضات ذات شأن، إلى أن قرر مجلس إدارة المصرف، يوم الاثنين، فتح خدمة توفير العملات الأجنبية للأغراض الشخصية للأفراد، وهنا دب الخلاف بين الفرقاء الليبيين مجددا.
وقال المصرف، في تدوينة عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، إن هذا القرار "يأتي في إطار الحرص على تعزيز الخدمات المالية وتلبية احتياجات المواطنين بشكل فعّال".
وكان الليبيون قد استبشروا باتفاق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الاستشاري، على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي، ناجي عيسى، بعد مفاوضات شاقة، رعتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وطوت أكثر من شهر ونصف الشهر من الخلاف حول مَن له صلاحية إقالة وتعيين محافظي المصرف.
تخفيض الضريبة وإلغاؤها
يتركز الخلاف الجديد على الضريبة المفروضة على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية، وأطراف الخلاف هم: مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في طرابلس، والتي يقودها عبدالحميد الدبيبة.
وأصدر رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، قرارا بخفض الرسم الضريبي المفروض على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية 7%، ليصل إلى 20% بدلا من 27%.
وجاء في نص قرار رئيس مجلس النواب أن هذا القرار يهدف لتخفيف الحمل عن المواطنين الذين عانوا لسنوات، واشتدت عليهم الأزمة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تضارب أسعار العملات في السوق والسوق الموازية.
ولفت إلى أن الإيراد المتحقق من الرسم الضريبي يستخدم في تغطية نفقات المشروعات التنموية، أو يضاف إلى الموارد المتخصصة لدى مصرف ليبيا المركزي لسداد الدين العام.
في المقابل، خاطب عبدالحميد الدبيبة، المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، بالاستمرار في بيع النقد الأجنبي لجميع الأغراض، دون فرض أي ضريبة على سعر الدولار، أي بعدم تطبيق نسبة الـ20% لكل الأغراض.
وأرجع الدبيبة مطالبته بإلغاء الضريبة كليا، كون الضريبة تؤثر سلبا، وفق قوله، في معيشة المواطن، بعد ارتفاع سعر السلع الأساسية اللازمة.
ويعد هذا الموقف أول اختبار يواجهه مجلس الإدارة الجديد للمصرف المركزي؛ لأنه رغم تبعيته القانونية لمجلس النواب، وعدم وجود سلطان لحكومة الدبيبة عليه، فإن ما أعلنه الدبيبة يُحمل المصرف عبئا أمام الرأي العام؛ إذ يظهر الدبيبة في صورة المدافع عن مستوى معيشة المواطنين، في حين أن تقرير هيئة الرقابة الإدارية الأخير كشف أن الحكومة صرفت مليارات الدولارات في ملفات لم تأتِ بالنفع عليهم، وفق متخصصين في الشأن الليبي.
تقرير الرقابة الإدارية
أعلنت هيئة الرقابة الإدارية بلوغ الإنفاق العام منذ عام 2012 حتى 2023، أكثر من 722 مليار دينار، وأن إجمالي المصروفات العامة من 2012 حتى 2022، بلغ أكثر من 648 مليار دينار.
وأضافت الرقابة الإدارية، في تقريرها السنوي، أن إجمالي الإنفاق للقطاعات الممولة من الخزانة العامة خلال عام 2023 بلغ أكثر من 125 مليار دينار، وإجمالي الدين العام منذ 2011 بلغ أكثر من 154 مليار دينار، منها 84 مليار دينار خلال الـ3 سنوات الماضية، وهي ضمن فترة حكم حكومة الدبيبة في طرابلس.
دعم أمريكي
في استمرار لدورها في ملف المصرف المركزي، استضافت الولايات المتحدة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، لإجراء مباحثات حول دعم واشنطن لـ"النزاهة التكنوقراطية لمصرف ليبيا المركزي"، وفق تعبير المبعوث الأمريكي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند.
وأضاف نورلاند، في تدوينة نقلها عنه حساب السفارة الأمريكية في ليبيا على موقع "إكس"، الاثنين، أن اجتماعات المسؤولين الأمريكيين التي عقدت بمقر وزارة الخارجية الأمريكية "أكدت على دعوة جميع الأطراف للعمل معا من أجل تعزيز المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة، لإحياء العملية السياسية المؤدية إلى الانتخابات".
وفشلت ليبيا في عقد انتخابات عامة منذ عام 2014 نتيجة الانقسامات وخلافات القوى السياسية المتنازعة بشأن المرشحين وشروط الترشح والصلاحيات، وتم إلغاء إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة عام 2021، بعد عدم الاتفاق على قاعدة دستورية تجري على أساسها.