تراجع سواحل المتوسط.. علماء يكشفون حقيقة "التسونامي" المنتظر؟
أكد عدد من الخبراء أن تراجع مياه البحر المتوسّط في عدة سواحل بالتزامن مع اندلاع زلزال 6 فبراير/ شباط في تركيا وسوريا، ظاهرة معتادة.
وقال هؤلاء الخبراء إن هذه الظاهرة الطبيعيّة مرتبطة بحركة المدّ والجزر، وذلك ردا على منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وصفت الأمر بأنه "غامض" وربطته بزلزال تركيا المدمر..
وتضمنت المنشورات المتداولة صوراً لشواطئ تراجعت المياه عنها، من بينها شاطئ مدينة سيدي إفني في جنوب المغرب، والذي انكشفت مساحات كبيرة من رماله بفعل تراجع مياه البحر ما جعل منشأة تيليفيريك قديمة تظهر بشكل كامل.
وتناولت منشورات صورا لتراجع لمياه البحر في لبنان ومصر وفلسطين، وكذلك تراجع منسوب البحر في السواحل الإيطالية وجفاف الأنهار في البندقية، معتبرة الأمر "ظاهرة غريبة" تنذر "بحدوث شيء ما" وقال البعض إنها إشارة لحصول موجات مدّ بحريّ (تسونامي).
المد والجزر
لكن التراجع الأخير للبحر في بعض السواحل ظاهرة طبيعيّة مألوفة تسبّبت فيها عوامل عدّة يشرحها الخبراء. ويحدث المدّ حينما يرتفع منسوب المياه في المحيط والسواحل. وحينما ينخفض منسوب المياه ويتراجع في الشواطئ يحدث ما يسمى بالجزر أو المدّ المنخفض.
ويقول الحسين يوعابد رئيس مصلحة التواصل في المديريّة العامّة للأرصاد الجوية في المغرب لوكالة فرانس برس إن المدّ والجزر ظاهرة طبيعيّة "تحدث نتيجة قوى الجذب من القمر والشمس، التي تؤثر على مياه البحار والمحيطات".
ويضيف يوعابد "يكون تأثير جاذبية القمر أكبر نتيجة قربه من الأرض". وإن كانت الشمس والقمر والأرض على الخط المستقيم نفسه يؤدي ذلك إلى ظاهرة المدّ الكبرى، ومنها حركة المدّ والجزر الربيعية.
الضغط الجوي
إضافة إلى ذلك، تؤثّر عوامل أخرى في حركة المد والجزر كالضغط الجوي وعمق المياه وشكل السواحل. ويؤكد الحسين يوعابد أن ما شهدته بعض السواحل ومنها ساحل سيدي إفني من تراجع لمنسوب المياه هو أمر طبيعي و"ليس ظاهرة غريبة ولا استثنائية".
ويقول "في ما يتعلق بمدينة سيدي إيفني، التي يحدث فيها المدّ والجزر مرتين في اليوم الواحد كسائر الشواطئ المغربية، ليست هذه المرة الأولى ولا الأخيرة التي يصل فيها مستوى سطح البحر إلى ذلك المستوى المنخفض".
ويعزو الحسين يوعابد مستوى الجزر المنخفض الذي سُجّل على البحر الأبيض المتوسط في خلال الأسبوع الثاني من فبراير/ شباط 2023، إلى ظاهرة الجزر الفلكية ويضيف إليها "تأثير الضغط الجوي الذي شهد ارتفاعاً بلغ 1035 HPA".
وعمّ هذا الضغط جزءاً كبيراً من منطقة البحر الأبيض المتوسط مما أدى إلى تقليص مستوى سطح البحر بحوالي 22 سنتيمتراً، وفقاً للخبير.
أمر معتاد
في هذا السياق، يقول ألفيس بابا المسؤول عن مركز مراقبة حركة المد والجزر في البندقية لوكالة فرانس برس إن الجَزر الذي شهدته أنهار البندقية وتسبب بجفافها هو "أمر عادي تماماً".
ويضيف "حوالى 70٪ من ظاهرة الجَزر تحدث على وجه التحديد خلال هذه الفترة، من يناير/ كانون الثاني إلى فبراير/ شباط".
ويؤكد ألفيس بابا أن الأمور ستعود إلى شكلها الطبيعي". وتؤيّد ذلك كلير فرابول رئيسة قسم المدّ والجزر والرياح في مصلحة علوم المحيطات والمياه البحرية بفرنسا، معتبرة أن تراجع المياه في البحر الأبيض المتوسط مؤقّت.
وتقول لفرانس برس "إنها ظاهرة موسميّة لتقلّص الكتلة المائية، مرتبطة بانخفاض درجات الحرارة في الشتاء، ممّا يؤدي إلى انخفاض مستوى سطح البحر". وتضيف أن هذا التقلّص الطبيعي هذا العام اقترن بتشكّل "إعصار قوي مضاد".
والإعصار المضاد هو منطقة في الغلاف الجوي يكون الضغط فيها أعلى مما هو حولها، مما يؤدي عادةً إلى طقس جاف ومشمس. ومع ذلك، فإن هذه الظاهرة ليست مقلقة، كما تؤكد كلير فرابول "فالظواهر التي تحدث خلال هذا الوضع لا تشكل خطراً، ونحن قيد العودة إلى الوضع الطبيعي".
خطر التسونامي
بحسب المركز الوطني للإنذار بأمواج المدّ البحريّ (تسونامي) (CENALT)، "يحدث تسونامي بسبب زلزال تحت الماء بقوة 6.5 درجات على الأقل. وابتداءً من 8 درجات يمكن أن يكون المدّ البحري المتولّد مدمّراً". في معظم الحالات، "يسبق الموجة الأولى للتسونامي انخفاض سريع في مستوى سطح البحر".
وفي هذا السياق تؤكد عالمة الرياضيات التطبيقيّة سيلفي بينزوني-غافاج أنه "لو كان من الممكن أن يتشكّل تسونامي عقب زلزال تركيا وسوريا، لوقع ذلك منذ وقت طويل"، أي بعد الزلزال مباشرة.
وتحسم آن ريبلوماز أستاذة الجيولوجيا في جامعة جوزيف فورييه بفرنسا الجدل بخصوص الموضوع قائلة " في حالة زلزال فبراير شباط ، كان الصدع الزلزالي في البرّ وليس في البحر، لذا كانت إمكانية حدوث مد بحري مدمر ضئيلة للغاية".