قراءة في تحذير صادم.. هل باتت سواحل المتوسط مهددة بـ"تسونامي"؟ (خاص)
بات القلق مسيطرًا على العالم أجمع، في أعقاب تداعيات الزلزال المدمر، الذي ضرب الأراضي التركية والسورية الشهر الجاري.
ومع اتساع رقعة الهزات الأرضية في عدد من البلدان، بات التشاؤم غالبًا على عدد من التقارير العلمية، التي تتوقع مسقبلًا ممتلئًا باضطرابات وتوترات، من شأنها أن تغير ملامح الأرض خلال الأعوام المقبلة.
من بين هذه التقارير ما نشرته صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية، التي سلطت الضوء على تحذير باحثي جامعة أوريجون الأمريكية، بأن زلزال المدمر الأخير هو "مجرد بداية لكارثة عالمية".
نوه التقرير بأن هذه الكارثة عبارة عن "بركان كولومبو" قد ينشط من جديد، بموجب نمو غرفة صهارة في أعماق البحر المتوسط، والتي تبعد عن جزيرة سانتوريني اليونانية بـ7 كيلومترات.
وتسبب هذا البركان في تدمير الجزيرة اليونانية في عام 1650، مع توقعات بأن يخلف هذا البركان تسونامي يدمر سواحل البحر المتوسط خلال 150 عامًا.
كارثة مرتقبة
تعقيبًا على ما سبق، أوضحت الدكتورة هايدي فاروق عبدالحميد، كبير مستشارين بمركز المعلومات الجغرافية الصيني وعضو الجمعية الجغرافية المصرية، أن غرفة الصهارة المتواجدة أسفل بركان كولومبو تتمركز عند قوس الزلازل البحرية.
أضافت "هايدي"، لـ"العين الإخبارية"، أن هذه المنطقة هي المصدر المسبب للزلازل التي وقعت في أعوام 1659 و1973 و1976 و2009 و2010 و2017، وسيكون سببًا في "حدوث تسونامي قريبًا" بناءً على المعطيات التي كشف عنها تحذير العلماء الأخير.
سلطت "هايدي" الضوء على التحذير سالف الذكر، وقالت بشأنه: "تحمي براكين القوس أنظمة معقدة من خزانات الصخور المنصهرة، التي تتراوح من مناطق الهريّة الفقيرة الذائبة إلى غرف الصهارة الغنية بالذوبان".
وأردفت: "تشير البيانات البترولوجية وبيانات الأقمار الصناعية إلى أن غرف الصهارة القابلة للانفجار تتشكل في أعلى بضعة كيلومترات من القشرة الأرضية، ومع ذلك، فقد تم تحديد مواقع قليلة جدًا من الغرف بشكل نهائي، مما يشير إلى أن معظمها قصير العمر أو صغير جدًا بحيث لا يمكن تصويره، مما يترتب عليه آثار مباشرة على تقييم المخاطر ونمذجة تمايز الصهارة".
نوهت "هايدي" بأن الباحثين استخدموا تقنية عالية الدقة، وتبين لهم أن "الخزان المنصهر يمتد من 2 إلى 4 كيلومترات على الأقل تحت مستوى سطح البحر في كولومبو، وأن تلك الصهارة الخطيرة المكتشفة تتزامن وتكون الحلقة المفقودة في تبرير كميات الزلزال الأخيرة، وهي أيضًا همزة الوصل بين خزان ذوبان أعمق ونظام حراري مائي عالي الحرارة ينفث في أرضية الفوهة".
وفقًا لما سبق، تشدد "هايدي" على أن هذه الصهارة تشكل خطرًا مرعبًا، اعتمادًا على استنتاج الخبراء: "يمكن أن ينتج انفجارًا هائلًا في المستقبل القريب، فتشير نتائج الدراسة إلى أن الخزانات المماثلة ربما لم يجر اكتشافها في البراكين النشطة الأخرى، مما يمثل تحديًا هائلًا يجب الإسراع بمواجهته لمنع التدفق التفاعلي".
الأمر طبيعي
من جانبه، حرص عالِم الجيولوجيا المصري محمد الجزار، على سرد الطريقة التي تكوّن بها البحر المتوسط، لتحليل التحذير الأخير سالف الذكر.
وقال "الجزار"، لـ"العين الإخبارية": "البحر المتوسط تكوّن بعد انفصال قارتي إفريقيا وأوروبا، ونتج عنه سقوط قطعة من الأرض ودخل ماء المحيط بينهما وتكون البحر".
استطرد: "هذه القطعة بها فوالق كثيرة لأنها انكسرت مع الانفصال، وبالتالي هذه الفوالق تحدث براكين أو زلازل لأنها تحرك القشرة الأرضية، والفالق حينما يتحرك يحرك صفائح القشرة الأرضية للمنطقة".
أكمل "الجزار": "الدول حول البحر لمتوسط دائمًا ما تتعرض لزلازل، بخلاف البراكين في باطن الأرض بالمناطق التي بها هذه الصفائح. هي أمور في نهاية الأمر متوقعة ومعروفة من السابق".
يرى العالِم المصري أن أهم شيء في هذه القصة، هو أن أنظمة الدول تضع علامات استرشادية بحيث تحدد الحركات التي تشهدها وكيفية حدوثها من حيث استمرارها وسرعتها، حتى تتوقع المخاطر التي قد تتعرض لها: "منطقة البحر المتوسط هي قارة مفقودة وقد تُحدث تسونامي".
تسونامي البراكين ضعيف
من جانبه أوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في مصر، أن التسونامي الناتج عن البراكين يكون "ضعيفًا ومحدودًا".
شرح "شراقي"، في تصريحه لـ"العين الإخبارية": "البركان يُحدث تسونامي حينما تخرج الحمم الخاصة به وتصب في البحر، ومن ثم قد ينتج عنه اضطراب في الأمواج في المنطقة المحيطة، لكن ليست بقوة الزلزال".
أضاف: "حدوث التسونامي من البراكين أقل كثيرًا من الزلازل، مع العلم أن حدوث البراكين في هذه المناطق شيء طبيعي، فعلى مستوى العالم هناك حوالي 20 أو 30 بركانًا نشطًا، وكلهم في مناطق الضعف عند ملتقى الكتل. إيطاليا على سبيل المثال بها بركان نشط منذ 7 أو 8 سنوات وما زال مستمرًا حتى الآن".
نوه "شراقي" بأن تأثيرات تسونامي تكون قوية خاصة إذا كان مصدرها زلزالًا بقوة أعلى من 6 درجات على مقياس ريختر، ويكون مركزها في البحر.
أشار العالِم المصري إلى أن البحر المتوسط به الفاصل بين الكتلة الأفريقية ونظيرتها الأوروبية، ويحدث هذا التلاقي بدايةً من تركيا ثم صقلية وكريت واليونان وإيطاليا، حتى بات هذا الخط بمثابة المنطقة الأضعف التي تشهد وقوع زلازل وبراكين.
أردف: "الخوف من تركيا أن يحدث بها زلزال أشد في نفس الفالق كما وقع الفترة الماضية، ومركزة في الأناضول ويفصلها عن الكتلة العربية بدايةً من سوريا حتى خليج عدن، بخلاف فالق ثان يقع شمال الأناضول ويفصل بين آسيا وأوروبا، وفي البحر المتوسط غربًا يوجد فاصل بين الكتلة الإفريقية والأوروبية، ما يجعل تركيا على ملتقى 3 كتل".
استطرد: "إذا حدث زلزال في تركيا على الشاطئ بقوة كبيرة ينتج عنه تسونامي، حينها تنتشر موجات دائرية، وإذا وقعت هذه الهزة غرب تركيا على السواحل جزيرة قبرص فتحمي هذه المنطقة السواحل المصرية من الأمواج بدايةً من دمياط حتى السلوم".