DeepSeek يكتب تاريخ الذكاء الاصطناعي.. لحظة سبوتنيك في أمريكا
أحدثت شركة DeepSeek الصينية، الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، مفاجأة كبيرة في وادي السيليكون بإطلاق نموذج مفتوح المصدر للذكاء الاصطناعي يُدعى R1، والذي أثار دهشة الخبراء والمهتمين في هذا المجال.
يتميز النموذج R1 الذي طورته شركة DeepSeek بفاعلية استخدام الموارد، حيث يحتاج إلى قوة حوسبة أقل بكثير وعدد أقل من الرقائق، مما يؤدي إلى تقليل التكاليف بشكل كبير. ويُقدر أن تكاليف تطوير هذا النموذج تبلغ حوالي 3-5% فقط من تكاليف تطوير ChatGPT، مع تحقيق نفس النتائج أو حتى نتائج أفضل.
يتميز النموذج R1 أيضًا بكونه مفتوح المصدر، مما يسمح للمهندسين والخبراء من خارج الصين بمراجعة ودراسة قدرات النموذج بشكل مفتوح وشفاف. هذا الميزة تتيح للمجتمع العالمي للمطورين والباحثين فرصة لفهم وتحسين قدرات النموذج، مما يعزز من ثقة المستخدمين في قدرات النموذج.
سبوتنيك جديد
وصف رجل الأعمال الاستثماري الأمريكي مارك أندريسن، الذي يقدم المشورة للبيت الأبيض في عهد ترامب، نموذج R1 بأنه "لحظة سبوتنيك للذكاء الاصطناعي في أمريكا"، مما يشير إلى أن هذا النموذج يعتبر اختراقًا حقيقيًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويُذكر أن سبوتنيك كان أول قمر صناعي يُطلق في الفضاء، حيث سبقت روسيا الولايات المتحدة بهذا الإنجاز في خمسينيات القرن الماضي. هذا التوضيح يبرز أهمية نموذج R1 في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يُعتبر خطوة كبيرة نحو التقدم في هذا المجال ¹.
اعتبر مجتمع الذكاء الاصطناعي العالمي على نطاق واسع الولايات المتحدة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي لفترة طويلة، حيث كانت تُعتبر في طليعة التطورات والابتكارات في هذا المجال. ومع ذلك، جاء نموذج R1 ليشكك في هذه الهيمنة، حيث أظهر قدرات ومزايا فريدة من نوعها، مما يُشير إلى أن الصين قد باتت تشكل تحديًا حقيقيًا للولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
يمكن أن يؤدي نجاح شركة DeepSeek في تدريب نموذج R1 باستخدام رقائق Nvidia إلى تقويض فعالية الحظر التجاري الذي تفرضه الولايات المتحدة على الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. حيث يشير هذا إلى أن الصين قد وجدت طرقًا للتحايل على القيود التجارية والوصول إلى التكنولوجيا اللازمة لتحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.
على الرغم من أن بيع منتجات Nvidia في الصين يخضع لقواعد تنظيمية صارمة، إلا أن شركة DeepSeek تمكنت من الحصول على حوالي 50 ألف وحدة معالجة رسومية (GPUs) من Nvidia، وفقًا لما ذكره موقع VentureBeat. هذا يظهر أن الشركة الصينية قد وجدت طرقًا للتحايل على القيود التنظيمية وتأمين التكنولوجيا اللازمة لتحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.
على الرغم من أن شركة DeepSeek تمكنت من الحصول على حوالي 50 ألف وحدة معالجة رسومية، إلا أن هذا العدد يبدو قليلاً مقارنةً بالعدد الهائل من الوحدات التي تستخدمها شركة OpenAI، والذي يُقال إنه يصل إلى حوالي 500 ألف وحدة.
ومع ذلك، تشير صحيفة "غارديان" إلى أن القيود التجارية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين لم تؤثر على عمل شركة DeepSeek، ولم تمنعها من تحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، وينبغي أن لا تؤثر في المستقبل.
النجاح الذي حققته شركة DeepSeek في إنشاء نموذج R1 باستخدام موارد متواضعة مقارنة بالشركات الأخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، يثير تساؤلات حول مدى ارتفاع الطلب على الرقائق في المستقبل. قد يكون المستثمرون قد افترضوا سابقًا أن الطلب على الرقائق سيرتفع بشكل كبير مع تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ولكن نجاح DeepSeek يُظهر أن هذا قد لا يكون ضروريًا.
شهدت شركة Nvidia انخفاضًا بنسبة 17% في أسهمها يوم الإثنين، مما أدى إلى محو مئات المليارات من القيمة السوقية، هذا الانخفاض جاء بعد إطلاق شركة DeepSeek الصينية نموذجًا لغويًا كبيرًا مجانًا ومفتوح المصدر، مما أثار مخاوف بشأن القدرة التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي وريادة أمريكا في هذا القطاع.
وأثارت شركة DeepSeek مخاوف بين المستثمرين بعد إطلاق نموذجها الجديد، والذي يُقال إنه تفوق على أحدث تقنيات OpenAI في العديد من اختبارات الطرف الثالث، كما خسرت أسهم شركات تصنيع الرقائق الأخرى، مثل Micron وAMD، بنسب تتراوح بين 5.5% و8.6%.
تعد شركة Nvidia واحدة من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد استفادت بشكل كبير من طفرة الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، يبدو أن إطلاق شركة DeepSeek لنموذجها الجديد قد أثار مخاوف بين المستثمرين بشأن القدرة التنافسية للشركة في هذا المجال.
شهد قطاع التكنولوجيا انخفاضًا في أسعار الأسهم، مما أثار مخاوف من عمليات بيع أوسع نطاقًا. هذا الانخفاض يأتي في أعقاب تقرير أرباح مخيب للآمال لشركة تسلا، حيث تراجعت الأرباح لكل سهم (EPS) بنسبة 47% إلى 0.45 دولار، وانخفضت الإيرادات بنسبة 9% على أساس سنوي إلى 21.3 مليار دولار.
من المتوقع أن يواجه قطاع التكنولوجيا تحديات متعددة في المستقبل، بما في ذلك تصاعد المنافسة، والتغيرات الاقتصادية، والضغوط المالية. ومع ذلك، يرى المحللون أن هناك فرصًا كبيرة للنمو في هذا القطاع، خاصة مع استمرار التطورات التكنولوجية والابتكارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية.
إذا استطاعت شركة DeepSeek الصينية تحقيق نفس النتائج مع استخدام معدل أقل من الطاقة وعدد أقل من الرقائق ومراكز البيانات، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل الطلب على الكهرباء.
هذا يعني أن هناك احتمالًا أقل لزيادة الطلب على الكهرباء إلى الحد الذي يتطلب تشغيل محطات الطاقة النووية الصغيرة. وبالتالي، قد لا تكون هناك حاجة ملحة لتشغيل هذه المحطات، مما قد يؤثر على خطط شركات المرافق العامة المرتبطة بطفرة الذكاء الاصطناعي.
بعد أن حققت شركة DeepSeek نجاحًا كبيرًا وارتفعت في مخططات التطبيقات، وأثارت ضجة في أسواق الأسهم العالمية، تعرضت الشركة لهجوم إلكتروني. وردًا على هذا الهجوم، قامت الشركة بقيد التسجيلات في نموذج R1، وهو نموذج الذكاء الاصطناعي الذي طورته الشركة. هذا القرار يهدف إلى حماية الشركة ومنع أي استخدام غير مصرح به أو غير قانوني لنموذج R1.
مع صعود نموذج R1 إلى قمة متاجر التطبيقات في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، تطرح هذه الحالة تساؤلات حول كيفية تعامل واشنطن مع تطبيق صيني آخر شائع للغاية يثير مخاوف الدعاية. هذا يأتي بعد الجدل الدائر حول تطبيق TikTok الصيني، الذي اتهمته الحكومة الأمريكية بجمع بيانات المستخدمين وتسليمها إلى الحكومة الصينية.
ستارغيت رد محتمل.. ولكن
يعتقد بعض المحللين أن مشروع ستارغيت الذي أعلن عنه ترامب، قد يكون الرد الأمريكي على تقدم شركة ديب سيك الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي. حيث أظهرت ديب سيك تقدمًا كبيرًا في تطوير نماذج لغوية كبيرة مفتوحة المصدر، مما دفع بعض الخبراء إلى القول إن الولايات المتحدة قد وصلت إلى "لحظة سبوتنيك" في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقا لصحيفة "الغارديان".
رغم ذلك، و بعد يوم واحد من دعم ترامب لمشروع ستارغيت، أعلن إيلون ماسك أن المشروع عبارة عن مهزلة مالية. وقال عن المشروع، "إنه لا يوجد المال اللازم له في الواقع".
يعد تعليق إيلون ماسك على مشروع ستارغيت، الذي أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب، قطيعة غير عادية مع البيت الأبيض، خاصة وأن ماسك يُعتبر واحدًا من أقرب مستشاري ترامب وأكثرهم خبرة. رغم ميل ماسك إلى النشر على منصة إكس حول مجموعة كبيرة من المواضيع المثيرة، فإن تغريداته الأخيرة التي يعلن فيها أن ستارغيت ليست أكثر من مجرد كلام فارغ، تُعد استثناءً غير عادي في تعاملاته مع البيت الأبيض.
حاول سام ألتمان، رئيس شركة OpenAI، أن يتبنى نبرة تصالحية في رده الأول على مبادرة ستارغيت، حيث حاول أن يظهر تفهمه للمبادرة واهتمامه بالتعاون. ومع ذلك، تغيرت نبرته في وقت لاحق، حيث اتخذ موقفًا هجوميًا عندما كتب بسخرية عن ملاحظات إيلون ماسك حول المبادرة. يبدو أن ألتمان لم يكن متفقًا مع وجهة نظر ماسك، واختار أن يرد عليها بلهجة ساخرة.
وأفادت صحيفة بوليتيكو أن أعضاء طاقم ترامب غاضبون من أن ماسك قد يدمر التزامًا عامًا وصفه الرئيس بأنه "ضخم".
وأعطى أحد حلفاء ترامب اقتباسًا قاصدا به ماسك، قال به "من الواضح أنه أساء استخدام القرب من الرئيس، المشكلة هي أن الرئيس لا يملك أي نفوذ عليه وإيلون لا يهتم على الإطلاق".
من هو مؤسس شركة DeepSeek
أصبح ليانغ ونفينغ، المؤسس المشارك لشركة DeepSeek الصينية، شخصية بارزة في صناعة التكنولوجيا في الصين خلال فترة قصيرة. يُعتبر ليانغ ونفينغ رمزًا للأمل في التغلب على القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على تصدير التقنيات المتقدمة إلى الصين.
وتأتي أهمية ليانغ ونفينغ من دوره في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في شركة DeepSeek، والتي تُعتبر واحدة من الشركات الصينية الرائدة في هذا المجال.
ليانغ، المؤسس المشارك لشركة DeepSeek، ظل بعيدًا عن الأضواء حتى الأيام الأخيرة، حيث طُلب منه مؤخرًا إلقاء خطاب في ندوة مغلقة استضافها رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ.
هذا الدعوة تعكس الدور المتنامي الذي تلعبه شركته في مشهد الذكاء الاصطناعي الصيني، خاصة مع إطلاق نموذج DeepSeek-V3، الذي يُعتبر خطوة كبيرة في تعزيز مكانة الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.
aXA6IDMuMTM4LjEyMy4yNDAg جزيرة ام اند امز