هدم مخيم كاليه.. اللاجئون أمام المجهول
مع بدء السلطات الفرنسية هدم مخيم كاليه للمهاجرين، بات طالبو اللجوء هناك على أول طريق مجهول.
"أكواخ ومدن صفيح" كانت تجهيزات مخيم "الغابة" بمدينة كاليه الواقعة شمال فرنسا، التي شهدت منذ عصر الثلاثاء بدء عملية إزالة كبرى تنفذها السلطات الفرنسية بعد إخلائه بشكل نهائي، في خطوة جاءت نتيجة توجيه انتقادات للسلطات الفرنسية على سوء مستوى النظافة والمعيشة داخل المخيم الذي استقبل حوالي 9 آلاف لاجئ منذ بداية العام الجاري.
"يوسف" الشاب السوداني صاحب 35 عاما، الذي حمل شهادته الجامعية، واتجه للهجرة والسفر هربا من العنف الذي تعرض له لسنوات، بحلم الوصول إلى المملكة المتحدة، لكن لم تكتمل أحلامه كما تخيلها دائما بسبب إغلاق السلطات البريطانية الطرق أمام اللاجئين والمهاجرين المتجهين إلى أراضيها.
وتحدث يوسف إلى صحيفة " الجارديان" البريطانية، قائلًا "لم أرغب في رؤية اللحظات الأولى لهدم المخيم، وصدمت عندما رأيت قوات الشرطة قادمة لإخلاء كاليه من جميع اللاجئين"، متمنيا الانتقال لساحل مدينة كينت البريطانية.
وكانت الحياة في مخيم كاليه سيئة وصعبة للغابة، بينما ظن الشاب السوداني أن الحياة في فرنسا تصبح أكثر رفاهية، حيث باريس مدينة الحب والجمال، ويتذكر انطباعه الأول عند الدخول لفرنسا، عندما قال "هنا أنا بدأت رحلة الحب"، ليدرك بعد ذلك أنه لم يعلم شيئا عن فرنسا.
وقال يوسف: "عندما حصلت على خريطة فرنسا، لتحديد الأماكن التي أفضل التوطين بها، أخبرتني السلطات أنه ليس من حقي تحقيق اسم المدينة أو طبيعة المكان، ولكن متاح فقط رسم حدود المنطقة المتجه لها".
وتمنى الشاب السوداني أن يبدأ حياة جديدة والعمل بجدية، واثقا في السلطات الفرنسية أنها ستضمن له حياة آمنة وتوفر له مكانا بلا عنف وديكتاتورية، لكن يبدو أن الرسالة الصحيحة لم تصل إلى السلطات والمسؤولين بباريس، مرجحا أن الجميع جاء لتحسين ظروفه الاقتصادية، وقال "أغمضت عيني ووضعت يدي على الخريطة فقط".
أما "عوض" ساكن آخر بمخيم كاليه المنهدم، يقول: "أحببت بريطانيا، ولكن بريطانيا لم ترد استقبال اللاجئين"، فقرر الشاب الذي لم يتجاوز عمره 31 عاما الاتجاه بعيدا دون تحديد شروط لحياته الجديدة، ووجه سؤالا لأحد المنضمين في الحافلة نفسها: "إلى أين ذاهبون؟".
وتبرز مأساة اللاجئين الأفغان في مخيم كاليه، حيث قضى لاجئان أفغانيان عدة أشهر داخل "الغابة" بحثا عن سبل للمساعدة في فرنسا دون تقدم، ويقول محمد اللاجئ الأفغاني: "معاناتي استمرت كثيرا وتعرضت لمخاطر عديدة للعودة إلى بلدي مرة أخرى والموت هناك أفضل من العيش داخل الأكواخ الصغيرة".
وشهد اليوم الأول لعملية نقل اللاجئين من مخيم "الغابة"، رحلات عديدة عبر الحافلات التي تحمل 700 شخص في كل مرة، وعبرت اللاجئة "إرتيان" عن ضعف حيلتها، حيث لم تجد طريقة أخرى للانتقال إلى وسط فرنسا، فأغلب الأشخاص تم نقلهم في حافلات متكدسة لا تحافظ على آدمية هؤلاء اللاجئين.
وبنظرة متعمقة داخل المخيم، تخرج مئات الأصوات التي تطالب بالحق في الحياة، قائلة "نحن سوريون، نتمنى أن نعيش"، وسرد "محمد" اللاجئ السوري القادم من مدينة منبج الواقعة بمحافظة حلب، معاناة الحياة داخل "المدن الصفيح"، وطالب مرات عديدة بفتح نوافذ وأبواب للمخيم، ولكنه كان يصدم بعبارة أن الإصلاحات تتطلب من 3 إلى 4 آلاف يورو.
محمد تفرقت أسرته قبل مغادرته لسوريا، حيث انضم بعضهم إلى المقاتلين الأكراد، وآخرون لقوات النظام السوري، والجزء الآخر لصفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، واكتفى هو بحلم الذهاب إلى لندن والعمل بإحدي المحال التجارية فقط.
وبينما يشكو اللاجئون السوريون من مأساة النوم في المخيم التي تشبه كثيرا مأساة السجون والقتال داخل المدن السورية، يرجون أن يوما ما يمكنهم العودة إلى موطنهم سوريا دون حرب.
aXA6IDMuMTQ1LjE4MC4xNTIg جزيرة ام اند امز