مليونية بالجزائر ترفع شعار "يرحلون جميعا" في وجه نظام بوتفليقة
طالبت بتفعيل مادة "سيادة الشعب"
جزائريون يقرون مادة جديدة 2019 لرحيل جميع النخب السياسية بنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
خرج آلاف الجزائريين بجميع محافظات البلاد، للجمعة السادسة على التوالي، مطالبين "بالتغيير الجذري" في أضخم مظاهرات تشهدها الجزائر، وفي سابقة لم تعرفها من قبل، بأن يطالب ملايين الجزائريين "بتغيير النظام" وبشعار موحد "يرحلون جميعاً".
- أسبوع الجزائر.. إسدال الستار على حقبة بوتفليقة وحراك شعبي لا يفتر
- مئات الآلاف من الجزائريين يتظاهرون في وسط العاصمة للمطالبة بتنحي بوتفليقة
مظاهرات الجزائريين التي بدأت في 22 فبراير/شباط الماضي، رافضة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، ثم مناهضة لتمديد ولايته الحالية، سرعان مع توسعت مطالبها إلى "رحيل كل مكونات الطبقة السياسية" من مقربي الرئيس المنتهية ولايته وأحزاب الموالاة والإخوان وحتى أحزاب المعارضة.
وحمل المتظاهرون شعارات رافضة لتدخل "كل الأحزاب السياسية" في حراكهم، ووضعوا قوائم لشخصيات يقولون إنها "باتت مرفوضة بالكامل".
وكان من أبرز اللافتات "لا يمكن بناء سفينة جديدة بأخشاب قديمة" حيث جاءت كرسالة من الجزائريين في حراكهم السلمي، ودليل على رغبتهم في "التغيير الجذري" بحسب المراقبين.
المادة 2019.. يرحلون جميعا
وفي الوقت الذي قدمت فيه أحزاب وشخصيات معارضة "حلولاً غير دستورية" بنظر عدد من القانونيين، طالب قائد أركان الجيش الجزائري بتفعيل المادة 102 من الدستور التي تنص على شغور منصب الرئيس، وإقرار العجز الناجم عن الاستقالة أو المرض أو الاستقالة.
دعوة وإن لقيت ترحيباً شعبياً، إلا أن مظاهرات يوم الجمعة كشفت عن "رفض المتظاهرين تطبيق المادة لوحدها"، داعين إلى إسناد تطبيق المادة 102 بالمادة 7 من الدستور الجزائري.
وتنص المادة السابعة من الدستور الجزائري على أن "الشعب مصدر كل سلطة، والسيادة الوطنية ملك للشعب وحده".
وكان بين الافتات أيضاً أخرى حملت صوراً لسياسيين من بينهم رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح الذي يخوله الدستور الجزائري وفقاً للمادة 102 بخلافة بوتفليقة لفترة انتقالية مدتها 90 يوماً، وطالبتهم بالرحيل عن حكم هذا البلد.
كما حمل المتظاهرون لافتات ثانية تطالب "بمنع تدخل الجيش في العملية السياسية"، رغم تحذيرات سابقة من "دخول مندسين يحملون لافتات ضد الجيش"، ودعت المتظاهرين إلى "طردهم".
كما جدد متظاهرون مطالبهم للجيش بمساندة الحراك والإدارة الشعبية، رافعين لافتات "جمعة الشعب والجيش إخوة".
الكلمة للجيل الجديد
وقال الدكتور محمد سي بشير، الباحث والمحلل السياسي الجزائري، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "سقف مطالب الجزائريين تتكيف مع المستجدات"، لافتاً إلى أن أول سبب دفع الجزائريين للخروج هو رفض العهدة الخامسة لبوتفليقة، لأنهم لم يروه ولم يظهر للعيان منذ 7 سنوات إلا نادراً.
وعن تطبيق المادة 102، قال المحلل السياسي"إن الجزائريين لم يرفضوا تطبيق المادة، لكن مع رفضهم أن تتولى شخصية من النظام المرحلة الانتقالية، وهو رئيس مجلس الأمة، وهم يطالبون بالسعي لتطبيق روح المادة 102 أي الانتقال إلى المرحلة الانتقالية لكن بدون رموز ونخب نظام بوتفليقة".
وأوضح أن شعار "ترحلون جميعاً" يمثل كل فئات المجتمع، ويجب التغيير بعد 57 عاماً من الاستقلال، خاصة أن الجيل الجديد الذي يمثل معظم هذا الحراك هو جيل التكنولوجيا والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف: "ليس أمامنا مع هذا الجيل إلا القبول بما يريده ونكون عيناً حارسة له وناصحين له، ونعتمد على كفاءاته وقدراته، خاصة أنه أثبت بشعاراته وبسلميته وحضاريته على أنه الأقدر والأنسب لقيادة المرحلة المقبلة".
وتابع " إذا تمكن الحراك من الحصول على بقية مطالبه فهذا جيد، والأهم اليوم هو تطبيق روح المادة 102 بدون رموز النظام الحالي وبلجنة مراقبة الانتخابات مستقلة، والمادة 102 هي المتاح الآن".
ويرى الباحث الجزائري أن "الصف الأول في أحزاب الموالاة والمعارضة هي التي تتحمل مسؤولية الاحتجاجات، لرفضها طوال الفترة السابقة صعود كفاءات أخرى".
رحيل النخبة السياسية
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" قال الدكتور حسين قادري، إن رفض الحراك الشعبي لكل الطبقة السياسية هو اليأس الذي أصاب الشعب من تلك الطبقة، ليس في العشرين سنة الأخيرة بل منذ استقلال الجزائر.
وأوضح المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر أن الطبقة السياسية بالجزائر لم تكن وفية للثورة التحريرية ولدماء الشهداء، كما كانت العمليات السياسية سواء الفردية أو الجماعية دائماً تطغى على المصلحة العامة للشعب، ولذلك فإن الشعب لا يريد أن يضيع هذه الفرصة الحالية التي قد تمكنه من إحداث التغيير.
وأضاف أن "الشعب الجزائري يرى أنه طوال كل تلك الفترة سرقت منه السلطة من قبل أشخاص أساء بعضهم الحكم ومنهم من لم يستطع ممارسة مهام منصبه في الأصل".
وفيما يتعلق بالمادة 102، يرى المحلل السياسي أن "تطبيقها تجاوزه الزمن".
وقال إن "رغم كثرة الحديث حولها لكنها ظاهرة إيجابية جدا، وهي أن الشعب الجزائري أصبح يعرف القانون الدستوري، ولأول مرة الشعب يهتم بالسياسة ويبحث عن حقوقه".
وتابع"تطبيق المادة 102 سيؤول الحكم بموجبها إلى رموز النظام الحالي الذين يرفضهم الحراك الشعبي، ولذلك مع حساسية الفترة وحساسية الحراك الذي يجب أن نعترف بأنه به ما به وتم اختراقه من كل الأطراف، والتجارب السابقة أثبتت بأنه دائماً يقع الالتفاف حول مطالب الشعب ونواياه الصادقة في التغيير".
وقال قادري إن"مطالب الجزائريين ليست أمام نظام صادق لكل يتجاوب إيجاباً مع تلك المطالب، ويقع الالتفاف من حولها باستخدام بعض وسائل الإعلام وشخصيات سابقة وأصحاب المال، ومكمن الخطورة اليوم هو أن الأصوات الشعبية بدأت تنادي بالحساب وبالعقاب، وهذا ما يدفع إلى تخوف من هم في النظام ومن حقهم ذلك، لأنهم مسؤولون عن كل ما حدث وباعتراف بعضهم".
واختتم قادري قوله "ننصح بضرورة وضع الدستور جانباً، نحن الآن في مرحلة ما بعد الدستور، والدستور اليوم انتهى ولو كان هناك دستور لما أعلن الرئيس بوتفليقة إلغاء الانتخابات الرئاسية، والجزائر اليوم أمام حل سياسي توافقي".