المجلس الدستوري بالجزائر.. "كلمة الفصل" في نهاية حكم بوتفليقة
تتوجه أنظار الجزائريين نحو المجلس (المحكمة) الدستوري يترقبون من خلاله الإعلان رسمياً عن شغور منصب رئيس البلاد.
تتوجه أنظار الجزائريين نحو المجلس (المحكمة) الدستوري يترقبون من خلاله الإعلان رسمياً عن شغور منصب رئيس البلاد، عقب تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، ودعوته إلى تطبيق المادة 102 من الدستور التي ترتب الإجراءات حال استحال أداء رئيس الجمهوريّة مهامه.
- اجتماع طارئ للمجلس الدستوري الجزائري عقب كلمة رئيس الأركان
- قائد الأركان الجزائري يدعو إلى إعلان شغور منصب الرئيس
وتعد تصريحات قائد الجيش بمثابة دعوة إلى المجلس الدستوري للاجتماع من أجل النظر في شغور منصب الرئيس أو انتظار وصول إعلان استقالة من عبدالعزيز بوتفليقة الذي تنتهي ولايته، في 28 أبريل/ نيسان المقبل، لمباشرة إجراءات استخلافه.
ويواجه نظام الرئيس بوتفليقة، منذ أكثر من شهر، انتفاضة شعبية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، أعلن على إثرها في 11مارس/آذار الجاري، سحب ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل انتخابات الرئاسة إلى جانب عقد مؤتمر للحوار لصياغة دستور جديد قبل تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لن يترشح فيها.
ورفضت المعارضة والحراك الشعبي مقترحات بوتفليقة، وأكدت في عدة مناسبات أن مطلبها هو رحيله.
في هذا التقرير ترصد "العين الإخبارية" طبيعة مهمة المجلس الدستوري الجزائري خاصة في ظل الأزمة السياسية التي تمر بها الجزائر.
نبذة عن المجلس الدستوري
على عكس بقية مؤسسات الجزائر، لم يظهر المجلس الدستوري بعد استقلال البلاد عام 1962، خاصة في دستوري 1963 و1976، رغم وجود مواد دستورية تقر بوجود هيئة المجلس الدستوري.
ولم يظهر المجلس الدستوري في الجزائر إلا بعد إقرار التعددية السياسية في دستور 23 فبراير/1989 الذي أقره الرئيس الجزائري الأسبق الراحل الشاذلي بن جديد عقب أحداث 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988.
ونص على إثرها دستور 1989 على مبدأ الفصل بين السلطات، وبموجبه أُنشئ المجلس الدستوري بصلاحيات كبيرة، أبرزها الرقابة الدستورية على المعاهدات والقوانين والتنظيمات، ورقابة صحة الاستشارات السياسية والوطنية، والبتّ في طعون الانتخابات وإعلان نتائجها النهائية، مع صلاحيات استشارية يمارسها في ظروف خاصة.
ثم جاء التعديل الدستوري لـ 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1996 في عهد الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال الذي رفع عدد أعضائه من 7 إلى 9 أعضاء، وأقر توسيع صلاحياته لتشمل الرقابة الإجبارية على القوانين العضوية قبل إصدارها، وهي القوانين الصادرة عن البرلمان الجزائري بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) والتي تتضمن مواضيع دستورية.
ثم جاء التعديل الدستوري في شهر فبراير/شباط 2016 في عهد بوتفليقة، والذي أعاد النظر في تنظيم المجلس الدستوري، لاسيما في تشكيلته بزيادة عدد أعضائه من 9 إلى 12 عضواً، مع استحداث وظيفة نائب الرئيس لضمان استقرار المؤسسة، ومُدد ولاية أعضاء المجلس إلى 8 سنوات، وإخضاعهم لأداء القسم الدستوري أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهامهم.
ويرأس المجلس الدستوري في الجزائر وزير العدل الأسبق ومستشار بوتفليقة الخاص الطيب بلعيز الذي عينه الرئيس الجزائري في فبراير/شباط الماضي عقب وفاة رئيس المجلس السابق مراد مدلسي.
صلاحيات المجلس الدستوري في الجزائر
يُعرّف الدستور الجزائري المجلس الدستوري في المادة 182 منه، على أنه "هيئة مستقلة تكلف بالسهر على احترام الدستور، ويتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية".
كما حددت المادة ذاتها صلاحيات المجلس في "السهر على صحة عمليات الاستفتاء، وانتخاب رئيس الجمهورية، والانتخابات التشريعية، ويعلن نتائج هذه العمليات".
"وينظر في جوهر الطعون التي يتلقاها حول النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية ويعلن النتائج النهائية لكل العمليات المنصوص عليها في الفقرة السابقة".
وأضافت المادة 186 من الدستور الجزائري صلاحيات أخرى للمجلس الدستوري، وذكرت بأنه "بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى التي خولتها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور، يفصِل المجلس الدستوري برأي في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات، ويبدي بعد أن يُخطِره رئيس الجمهورية، رأيه وجوباً في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عـليها البرلمان، كما يَفصِل في مطابقة النظام الداخلي لكلٍ من غرفتي البرلمان للدستور، حسب الإجراءات المذكورة في الفقرة السابقة".
أما المادة 183 من الدستور الجزائري فقد فصلت في تركيبة المجلس وتعيين رئيس البلاد رئيس المجلس ونائبه، وذكرت بأن المجلس الدستوري يتكون "من 12 عضواً، 4 أعضاء من بينهم رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية، واثنان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني (الغرفة العليا للبرلمان)، واثنان ينتخبهما مجلس الأمة (الغرفة السفلي للبرلمان)، واثنان تنتخبهما المحكمة العليا، واثنان ينتخبهما مجلس الدولة".
وفي حالة تعادل الأصوات بين أعضاء المجلس الدستوري، يكون صوت رئيسه مرجحاً، وفق المادة ذاتها.
وتفرض المادة 183 على أعضاء المجلس الدستوري التوقف عن "ممارسة أي عضويّة أو أيّة وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى، وأي نشاط آخر أو مهنة حرة".
وفيما يتعلق بفترة ولاية أعضاء المجلس الدستوري، ذكرت المادة ذاتها أن "رئيس الجمهورية يعين رئيس ونائب رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها 8 سنوات، ويضطلع أعضاء المجلس الدستوري بمهامهم مرة واحدة مدتها 8 سنوات، ويجدد نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل أربع سنوات".
وحدد الدستور الجزائري شروط تعيين أعضاء المجلس الدستوري في المادة 184 منه، والتي تنص على أنه "يجب على أعضاء المجلس الدستوري المنتخبين أو المعينين بلوغ سن 40 سنة كاملة يوم تعيينهم أو انتخابهم، والتمتع بخبرة مهنية مدتها 15 سنة على الأقل في التعليم العالي وفي العلوم القانونية، أو في القضاء، أو في مهنة محامٍ لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة".
رئيس المجلس الدستوري.. ثالث رجل في هرم الدولة الجزائرية
واستناداً إلى عدد من مواد الدستور الجزائري، فإن رئيس المجلس الدستوري هو "الرجل الثالث في هرم الدولة الجزائرية"، في عدة حالات أبرزها شغور منصبي رئاسة الجمهورية ومجلس الأمة في "السلم والحرب"، ومن بين المواد التي أكدت على ذلك، ما جاء في المادة 102.
ومما جاء في المادة 102 من الدستور الجزائري أنه "إذا اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً، ويثبت بالإجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وحصول المانع لرئيس مجلس الأمة، وفي هذه الحالة، يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة، ويضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشروط المحددة في الفقرات السابقة، ولا يمكنه أن يترشح لرئاسة الجمهورية".
إعلان شغور منصب رئيس البلاد
منح الدستور الجزائري صلاحية إعلان شغور منصب رئيس البلاد للمجلس الدستوري، وذلك من خلال المادة 102 التي دعا الثلاثاء قائد أركان الجيش الجزائري إلى تطبيقها، واعتبر أنها "الحل الدستوري الأمثل الذي يرضي كل الجزائريين".
ونصت المادة على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع".
وتضيف "يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معاً، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2/3) أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون يوماً رئيس مجلس الأمّة الذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة104 من الدستور".
وأوضحت المادة ذاتها أنه "في حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين يوما، يُعلَن الشغور بالاستقالة وجوباً حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السابقتين وطبقاً لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادة".
واستناداً إلى المادة نفسها فإنه "في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً ويُثبِت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتُبلّغ فورا شهادة التّصريح بالشّغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوباً".
ومن خلاله "يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون يوماً، تنظّم خلالها انتخابات رئاسية، ولا يَحِق لرئيس الدولة المعيّن بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية".
كما تعتبر آراء المجلس الدستوري وقرارته "نهائية وملزمة لجميع السلطات العمومية والسلطات الإدارية والقضائية" بحسب نص المادة 191 من الدستور الجزائري.
أما عن مدة بت المجلس الدستوري في قراراته، فقد حددت ذلك المادة 189 من الدستور الجزائري، وجاء فيها: "يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة، ويعطي رأيه أو يُصدر قراره في ظرف 30 يوماً من تاريـخ الإخطار، وفـي حال وجود طـارئ، وبطلب من رئيس الجمهوريــة، يخفض هذا الأجـل إلـى 10 أيام".