"يرحلون جميعا".. شعار جديد بمظاهرات الجزائر للمطالبة برحيل النظام
سفيان تريكي، شاب جزائري، تحول إلى ملهم للمحتجين بجملة "يَتْنَحَّاوْ قاع" التي باتت شعارا لمظاهراتهم.. فما قصة الشعار؟
"يَتْنَحَّاوْ قاع"، شعار جديد للحراك الشعبي السلمي في الجزائر الذي بدأ في 22 فبراير/شباط الماضي، مناهضا لترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، ثم تحول إلى رفض تمديد ولايته الرابعة وطالب بتغيير النظام.
- بالصور.. "القنفذ" يلفت الانتباه في مظاهرات الجزائر بلافتات فكاهية
- بالصور.. الإخوان في قائمة "المطَالبين بالرحيل" بمظاهرات الجزائر
المظاهرات التي شارك فيها مئات الآلاف من الجزائريين، اختار نشطاء تسميتها بـ"ثورة الابتسامة" لإصرارهم على أن "يكون تحقيق مطالبهم سلمياً ودون عنف وبابتسامات غاضبة"، مستخدمين أساليب ساخرة، أضفت زخماً جديداً على المظاهرات.
ومع تدرج طرق تعبير الجزائريين في مظاهراتهم منذ جمعتها الأولى، التي بدأت بشعار واحد "لا للعهدة الخامسة"، باتت بعد ذلك موحدة بشعار جديد وهو "يَتْنَحَّاوْ قاع" في العاصمة الجزائرية ومحافظات أخرى، ومعه شعارات أخرى من بينها "ترحلوا يعني ترحلوا"، و"قلنالكم "يَتْنَحَّاوْ قاع ماشي تجيو قاع" بمعنى "قلنا لكم ترحلون جميعاً وليس تأتون جميعاً"، في إشارة إلى دعم الأحزاب الحاكمة الحراك الشعبي.
كيف خرج الشعار؟
"يَتْنَحَّاوْ قاع" هي عبارة باللهجة الجزائرية وتعني "يرحلون جميعاً" ظهرت في 11 مارس/آذار الماضي، مباشرة بعد إعلان الرئيس الجزائري عدوله عن الترشح لولاية خامسة في رسالة إلى الجزائريين، وخلالها خرج متظاهرون، منهم من عبّر عن فرحته بالقرار واعتبره "انتصاراً لإرادة الشعب"، ومنهم من خرج غاضباً معتبراً تمديد بوتفليقة ولايته الرابعة "التفافاً على الحراك الشعبي".
وبعد رسالة بوتفليقة، خرجت وسائل إعلام جزائرية وعالمية لتنقل على المباشر تلك الصور والمشاهد، التي بدت أن الجزائريين يحتفلون بقرار بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة، حتى ظهر شاب جزائري في إحدى القنوات الفضائية بشكل عفوي وقال "لسنا فرحين.. خرجنا ضد التمديد ومع التغيير" واستعمل هذه العبارة "يَتْنَحَّاوْ قاع"، التي باتت شعاراً لانتفاضة الجزائريين ضد نظامهم.
غَزَت تلك الجملة مواقع التواصل الاجتماعي وشبهها الجزائريون بعبارة "بن علي هرب" التي أطلقها أحد التونسيين خلال المظاهرات التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
من صاحب الشعار؟
لم ينتظر الجزائريون طويلاً بعد تداولهم ذلك الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت تلك الجملة إلى هاشتاق (#يتنحاو_قاع) عبر منصات التواصل ثم إلى ترند رقم واحد في الجزائر، مؤكدين أنها تلخص كل مطالبهم بالتغيير ورحيل كل "من يدور في فلك النظام الحالي"، حتى أن جمعة المظاهرات الخامسة أسماها الجزائريون بجمعة "يَتْنَحَّاوْ قاع"، رافعين لافتات كبيرة للوجوه السياسية التي يطالبون برحيلها.
ويقول مراقبون إن مظاهرات الجزائريين بدأت عفوية، حتى إن شعاراتها وإن كانت قوية في مضامينها و"عبرت عن درجة وعيهم" حسب المراقبين، إلا أنها اتسمت أيضا بالعفوية في كلماتها وحتى في لافتاتها.
وبهذه الطريقة وُلد شعار "يَتْنَحَّاوْ قاع" من رحم مداخلة تلفزيونية، والذي كان بطله الشاب "سفيان تريكي" البالغ من العمر 33 عاماً من العاصمة الجزائرية، وهو أب لطفلين ويعمل في محل "بيتزا"، وأصبح اسمه وصورته أشهر من كل السياسيين في الجزائر بعد أن تحول إلى "مُلهم للمحتجين".
وفي مقابلات مع وسائل إعلام جزائرية، ذكر سفيان أنه تخلى عن الدراسة ليساعد عائلته ووالده، خاصة أنه الأكبر بين أشقائه، ولظروفه الصعبة عمل سفيان بعد تركه الدراسة "شيالا ثم عامل نظافة"، مؤكداً "رفضه الهجرة عبر قوارب الموت وأنه يسعى للقمة شريفة".
ولا يزال سفيان يبحث عن مهنة تساعده على تحمل مسؤولية أطفاله ووالده وأشقائه، بعد أن فشل في الظفر بمنصب عمل في مطار الجزائر الجديد، مرجعاً ذلك إلى "المحسوبية وأنه لا يملك علاقات مثل بقية من حصلوا على وظائف في المطار".
وعن الأسباب التي دفعته لقول "يَتْنَحَّاوْ قاع"، أكد سفيان في تصريحاته أن "الأمر لا يتعلق بظروفه المعيشية فقط، بل بالسياسات التي دفعت أصدقاءه ومعارفه للموت في البحار بعد أن قرروا الهرب عبر القوارب إلى أوروبا، بحثاً عن حياة كريمة" كما قال.
ويأمل سفيان، المعروف بكرم أخلاقه لدى المقربين منه، في تحقيق مطالبهم في التغيير وأن "يرحل كل من أسهم في الفساد واللاعدالة" وفق ما ذكره لإحدى الصحف الجزائرية.