أسبوع الجزائر.. استمرار رفض التمديد لبوتفليقة وضربات شعبية موجعة للإخوان
من أبرز مشاهد أسبوع الجزائر طرد مهين للإخواني جاب الله وتخلي أحزاب الموالاة عن دعم بوتفليقة وجولة لعمامرة الخارجية وتهاوي قيمة الدينار
أكمل الحراك الشعبي المناهض لنظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الجزائر خلال الأسبوع المنقضي شهره الأول، مع استمرار الغموض حول مستقبل الأزمة السياسية التي باتت هاجساً مشتركاً يغذّي مخاوف الجميع، وسط حديث عن احتمال تخلي بوتفليقة عن رئاسة البلاد مع انتهاء ولايته الحالية في 28 أبريل/نيسان المقبل.
- أسبوع الجزائر.. بوتفليقة يتراجع عن ولاية خامسة وحراك متجدد ضد"التمديد"
- أسبوع الجزائر.. تعهدات لبوتفليقة واتساع الاحتجاجات ضد الولاية الخامسة
أسبوع الجزائر الأخير، وإن لم يخل من التطورات، إلا أنه أظهر تأقلما للمحتجين مع المخاض السياسي الذي تشهده البلاد، لكن حراكهم السلمي الذي ظهر ضخماً الجمعة الماضي، وتوج بطرد الإخواني جاب الله منه، أثمر تغيراً في مواقف أكبر أحزاب الموالاة الداعمة لبوتفليقة بموازة جولة خارجية لرمطان لعمامرة وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء في الخارج، لشرح حقيقة الوضع السياسي في البلاد، التي تراجعت عملتها 10% منذ بداية الشهر الحالي.
مظاهرات رافضة للتمديد وللإخوان
كانت الجمعة الرابعة الرافضة لتمديد ولاية بوتفليقة الرابعة مختلفة عن المظاهرات الأخرى التي شهدتها الجزائر منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، حيث خرج عشرات الآلاف في جميع محافظات البلاد، للمطالبة بتغيير النظام في سابقة هي الأولى من نوعها.
- بالفيديو.. رسائل المتظاهرين الجزائريين لماكرون وترامب
- بالصور.. أطباء وطلاب جزائريون يتظاهرون ضد التمديد لبوتفليقة
وشهد الأسبوع الماضي أيضاً خروج الأطباء وأفراد الحماية المدنية الجزائرية (الدفاع المدني) في أول مظاهرات لهم منذ بدء الحراك الشعبي، رافضين ما سموه "سياسة الأمر الواقع"، وحملوا لافتات كُتب عليها "لا تأجيل لا تمديد، الشعب هو السيد".
وتجاوز رفض المحتجين التمديد لولاية بوتفليقة الرابعة، إلى لفظ لجماعة الإخوان التي اتهموها بمحاولة السطو على الحراك، وهو الرفض الذي جسده طرد ألاف المتظاهرين لعبد الله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية الإخواني من إحدى ميادين التظاهر.
ويمثل طرد الإخواني جاب الله رئيس أسوأ موقف في تاريخه السياسي، كما يدلل على رفض المحتجين لوجود الجماعة في مستقبل العملية السياسية للجزائر.
- واقعة طرد جاب الله.. عندما يلفظ الجزائريون الإخوان
- بالفيديو.. متظاهرو الجزائر يطردون "عجوز الإخوان": ارحل يا جاب الله
تصدع التحالف الداعم لبوتفليقة
أسبوع الجزائر الأخير شهد أبرز حدث سياسي بجانب المظاهرات الحاشدة، وهو التصدع الكبير في أحزاب الائتلاف الحاكم التي دعمت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه الحكم قبل 20 عاما، حيث كانت من أشد الداعمين لترشحه لولاية خامسة، خاصة حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، لكنها التقت جميعا عند "التخلي عن دعم بوتفليقة" بحسب المراقبين.
- استقالة 2000 عضو من حزب "أويحيى" دعما للحراك الشعبي بالجزائر
- الحزبان الحاكمان بالجزائر: نظام بوتفليقة ارتكب أخطاء جسيمة
وتوالت المفاجآت الصادرة من مقر التحالف الرئاسي، أبرزها التصريح الذي أدلى به حسين خلدون الناطق الرسمي باسم حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لوسائل إعلام محلية، وذكر فيه أن "الحزب لا يريد أن يكون واجهة لنظام ارتكب أخطاء جسيمة وبأنه مع الحراك الشعبي"، وهو ما يعني بحسب المراقبين "قطع ما تبقى من شعرة تربط الحزب بالرئيس الجزائري المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة".
ثم جاء "التصريح الأبرز" بحسب الإعلام الجزائري، الذي صدر على لسان صديق شهاب الناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وسرعان ما أصدر الحزب بياناً "تبرأ" فيه من كل تصريحاته، واعتبر أنها "كانت نتيجة انفعاله وابتعاده عن المواقف المعروفة للتجمع الوطني الديمقراطي".
وفي مقابلة مع قناة محلية جزائرية، كشف شهاب وهو المقرب من رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى أن "قوى غير دستورية هي من كانت تُسير الجزائر خلال السنوات السبع الماضية"، أي منذ غياب بوتفليقة عن المشهد السياسي بسبب وضعه الصحي.
واعتبر شهاب أن ترشيح حزبه للرئيس الجزائري لولاية خامسة "وهو في هذه الحالة الصحية كان فقدان بصيرة من طرفنا ومغامرة".
تصريحات رافقتها مواقف جديدة ومغايرة للحزبين الحاكمين من الحراك الشعبي المطالب "برحيل نظام بوتفليقة"، وأعلن معاذ بوشارب منسق هيئة تسيير حزب جبهة التحرير الوطني وأحمد أويحيى رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي دعمهما للحراك الشعبي ومطالباته بالتغيير.
وضرب حزب رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى "تسونامي استقالات" بعد الاستقالة الجماعية لـ2000 عضو، احتجاجاً على بيانه الذي أعلن فيه "أن الحزب لا زال وفياً لبوتفليقة"، وأعلنوا التحاقهم بالحراك الشعبي.
ويقول المتابعون للشأن السياسي في الجزائر، إن مواقف الأحزاب الحاكمة "تعطي إشارة واحدة، وهي أن بوتفليقة لن يكون في المرحلة المقبلة"، وبأن مواقفهم "جاءت بعد تأكدهم من وافدٍ جديد على قصر المرادية".
ومنذ بدء المظاهرات في الجزائر، ردد المتظاهرون شعارات مطالبة برحيل أحزاب الائتلاف الحاكم، وطالب المتظاهرون برحيل "أويحيى عن الحكومة وعن السياسة ووضْع جبهة التحرير في المتحف".
في مقابل ذلك، جددت قيادة أركان الجيش الجزائري للأسبوع الرابع على التوالي "وقوفها مع الشعب الجزائري"، وتعهدت بأن "يكون الجيش الحصن الحصين للوطن"، وأنه ينأى بنفسه عن الأحداث الأخيرة، رغم أن قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح كان من أشد المؤدين لبوتفليقة قبل بداية الحراك الشعبي.
ومع استمرار الضغط الشعبي، اصطدم نور الدين بدوي رئيس الوزراء الجزائري الجديد بتعثر مشاورات تشكيل الحكومة في سابقة لم تشهدها الجزائر من قبل، خاصة بعد رفض أكثر من 14 نقابة في مختلف القطاعات المشاركة فيها، إضافة إلى شخصيات أخرى أكدت زهدها في الانضمام للتشكيلة الوزارية الجديدة، وسط مطالبة المتظاهرين بحكومة مستقلة تسير مرحلة انتقالية وتشرف على انتخابات رئاسية جديدة.
ووسط تحذيرات من تكرار "السيناريوهين العراقي والسوري"، كشفت صحيفة "النهار الجديد" الجزائرية المعروفة بقربها من بعض أجنحة السلطة في البلاد، أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يتجه لمغادرة الحكم مع نهاية ولايته الرئاسية الحالية التي يحددها الدستور الجزائري في 28 أبريل/نيسان المقبل.
وأرجعت ذلك إلى "التشكيك في شرعيته كرئيس وتلبية لمطالب قطاع واسع من الجزائريين"، وبأنه سيتم الإعلان عن ذلك في غضون الأيام المقبلة.
جولات خارجية
مع اتساع رقعة الرفض الشعبي "لبقاء النظام الحالي"، تنقل وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى 3 عواصم في أسبوع واحد لشرح حقيقة الوضع في البلاد، بدأها من روما ثم موسكو التي أعربت عن رفضها التدخل في شؤون الجزائر الداخلية، وهي الزيارة التي اضطرت الرئاسة الروسية لنفي أخبار تحدثت عن "طلب بوتفليقة دعماً من بوتين" على خلفية المظاهرات المطالبة برحيله.
- وزير خارجية الجزائر: خطة طريق تنص على عدم ترشح بوتفليقة
- الخارجية الجزائرية تحذر من حساب مزيف منسوب لرمطان لعمامرة
ومن برلين ثالث محطات لعمامرة، أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماكس رفض بلاده التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر و"الاكتفاء بمراقبة الوضع"، وقال إن "الجزائريين يقررون بأنفسهم حول طبيعة الحكومة التي يتم تشكيلها".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الجزائري في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني "أن بوتفليقة سيسلم السلطة إلى رئيس منتخب ديمقراطياً بعد إقرار دستور جديد وعقد مؤتمر وطني للحوار".
ودعا رمطان لعمامرة المعارضة الجزائرية للمشاركة في الحكومة للخروج "من هذه المرحلة الدقيقة"، وقال إن "الدولة الجزائرية على استعداد للحوار بل تذهب إلى أبعد من ذلك، فهي على أتم الاستعداد للترحيب بممثلي المعارضة والمجتمع المدني في الحكومة الجديدة التي يتم تشكيلها حالياً".
تهاوي الدينار الجزائري
من ناحية أخرى، تهاوت قيمة الدينار الجزائري في الشهرين الأخيرين مقابل العملات الأجنبية في التعاملات البنكية، بعد أن تراجعت بنسبة 5% شهر فبراير/شباط الماضي، وبـ10% منذ بداية الشهر الحالي.
- %10 تراجعا بالدينار الجزائري خلال شهر بسبب الأزمة السياسية
- 1.4 مليار دولار قيمة العجز التجاري الجزائري بفعل تراجع صادرات النفط
وبلغت قيمة الدينار الجزائري في التعاملات البنكية الرسمية 118.7007 دينار مقابل 1 دولار أمريكي، و134.8084 مقابل 1 يورو.
وأكد خبراء اقتصاديون لـ"العين الإخبارية" أن الدينار الجزائري تفاعل سلبياً مع الحراك الشعبي، ونجم عن ذلك التخلي عنه بشراء كميات كبيرة من العملات الأخرى خصوصا الدولار الأمريكي والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو".
كما أدى انخفاض قيمة الدينار إلى ارتفاع في أسعار مختلف السلع بالأسواق، وسط توقعات بأن يكون 2019 عاماً صعباً على الاقتصاد الجزائري، خاصة إذا استمرت الأزمة السياسية على حالها.
aXA6IDE4LjIxOS40Ny4yMzkg جزيرة ام اند امز