الحزبان الحاكمان بالجزائر: نظام بوتفليقة ارتكب أخطاء جسيمة
قياديان في الحزبين الحاكمين بالجزائر يتهمان نظام بوتفليقة "بارتكاب أخطاء جسيمة" وصرحا بأن ترشيحه كان "فقدان بصيرة".
اعتبرت قيادات من أحزاب الائتلاف الحاكم بالجزائر أن "نظام بوتفليقة ارتكب أخطاء جسيمة" وبأن "ترشيحه لولاية خامسة كان مغامرة وفقدان بصيرة".
- قيادي بالحزب الحاكم بالجزائر: بوتفليقة أصبح تاريخا
- بالصور.. تجمع حاشد لأنصار بوتفليقة دعماً للولاية الخامسة
وفي تصريح أدلى به لوسائل إعلام جزائرية، كشف حسين خلدون الناطق الرسمي باسم حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر أن "الحزب لا يريد أن يكون واجهة لنظام ارتكب أخطاء جسيمة، وأنه يؤيد الحراك الشعبي"، وهو ما يعني بحسب المراقبين "قطع ما تبقى من شعرة تربط الحزب بالرئيس الجزائري المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة".
ونفى خلدون نية الحزب قيادة ندوة الحوار التي دعا إليها بوتفليقة الأسبوع الماضي، وقال "ليس لدينا تصور للندوة لأن اقتراح الرئيس مطروح للشارع والطبقة السياسية، نحن لدينا صوت واحد كباقي الأطراف المدعوة للندوة"، مضيفاً أن "جبهة التحرير لا تبحث عن الريادة بل تريد استرجاع حجمها في المشهد السياسي، ونريد ديمقراطية حقيقة وليس ديمقراطية الواجهة".
ورغم التغير الكبير في موقف أكبر الأحزاب الداعمة للرئيس الجزائري منذ وصوله إلى الحكم سنة 1999 وترشيحها له لولاية خامسة، فإن الناطق الرسمي باسم "الأفالان" دافع عن بوتفليقة، وذكر أنه "ليس متمسكاً بالسلطة، والحل ليس في إحداث حالة الشغور التي من شأنها الإطالة في عمر الأزمة".
كما دعا الطبقة السياسية في الجزائر إلى "تبني مقترح الندوة الوطنية التي من شأنها جمع كل الأطراف على طاولة واحدة للتأسيس لمرحلة انتقالية سلسة بعيدا عن أي انزلاق".
وكان جمال ولد عباس الأمين العام السابق للحزب العتيد في الجزائر من أكبر الداعمين لبوتفليقة، وصرح قبيل إقالته من منصبه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأن "بوتفليقة سيحكم الجزائر إلى الأبد"، وهو التصريح الذي أدى إلى انقسام داخل الحزب.
بدوره، قال صديق شهاب الناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يرأسه رئيس الوزراء المستقيل أحمد أويحيى أن "ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة وهو في هذه الحالة الصحية كان فقدان بصيرة من طرفنا ومغامرة".
وفي مقابلة مع قناة "دزاير نيوز" الجزائرية، ذهب شهاب في كلامه إلى أبعد من ذلك، واعترف بأن الحزب "أخطأ بترشيح الرئيس، ولم تكن لدينا الشجاعة الكافية للإدلاء بقوة بكل ما كان يخالجنا، لم نكن مقتنعين بترشيح الرئيس وهو في هذه الحالة الصحية".
كما أقر مسؤول حزب الأرندي الذي يعتبر من أحد ركائز الائتلاف الحاكم منذ تأسيسه قبل نحو 15 عاماً بأن "التحالف الرئاسي جزء من الأزمة قائلا "كنا سبباً في هذا الوضع".
ويأتي ذلك بعد يوم عن الموقف "المفاجئ" الذي أعلن عنه أحمد أويحيى رئيس "الأرندي" ورئيس الوزراء السابق والذي قُرأ على أنه "تخلٍ عن دعم بوتفليقة"، بعد أن دعا الحكومة الجزائرية إلى "الاستجابة لمطالب الجزائريين بالتغيير".
وفي رسالة بعث بها أويحيى إلى مناضلي حزبه، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، ذكر فيها "أنه لا بد من الاستجابة في أقرب الآجال للمطالب التي عبر عنها الجزائريون بسلمية خلال المظاهرات الشعبية".
وأضاف "مثلما يُحيي الجميع المطالب السلمية لشعبنا، فلا بد من الاستجابة لها في أقرب الآجال، حتى نجنب بلادنا أي انزلاق لا قدر الله، وحتى تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلة مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية".
وأكد أويحيى في رسالته على أنه "لا يوجد شيء أغلى من إنقاذ الجزائر من أي مأزق أو أزمة تعترضها فلا حكم ولا سلطة أغلى من الجزائر".
تصريحات المسؤولين في أكبر الأحزاب الداعمة لبوتفليقة أجمع المراقبون على أنها "آخر مسمار فيما تبقى من الداعمين" للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة البالغ من العمر 82 عاماً والذي يعاني من متاعب صحية منذ 2013 أبعدته عن المشهد السياسي للبلاد.
واعتمد بوتفليقة طيلة العشرين سنة التي حكم فيها الجزائر على دعم أحزاب سياسية ومنظمات وهيئات المجتمع المدني، التي قادت حملته الانتخابية خلال خوضه غمار رئاسيات 2014 لولاية رابعة، وأدى خلالها اليمين الدستورية مقعداً على كرسي متحرك.
ومنذ بدء الحراك الشعبي في الجزائر في 22 فبراير/شباط الماضي ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة تصدع التحالف الداعم لبوتفليقة، وأعلن عدد من المنظمات والقيادات دعمها للحراك الشعبي، فيما ردد المتظاهرون شعارات ضد الأحزاب الحاكمة في الجزائر، وحمّلتها إضافة إلى شخصيات أخرى مسؤولية "ما وصلت إليه البلاد"، وطالبت "بوضعها في المتحف" كما برز ذلك في هتافاتهم ولافتاتهم.