واقعة طرد جاب الله.. عندما يلفظ الجزائريون الإخوان
مراقبون أكدوا أن المظاهرات الأخيرة وضعت إخوان الجزائر في "إقامة جبرية داخل غرفة تغيير المواقف وبحراسة وعي شعبي مشدد".
شكلت مظاهرات الجمعة الماضي، ضربة كبيرة لإخوان الجزائر، عقب "الصفعة الجماعية" التي تلقاها الإخواني عبدالله جاب الله رئيس حزب العدالة والتنمية الجزائري من قبل المتظاهرين.
- بالفيديو.. متظاهرو الجزائر يطردون "عجوز الإخوان": ارحل يا جاب الله
- محللون: رهان إخوان الجزائر على ركوب موجة الاحتجاجات "سيبوء بالفشل"
في هذه المظاهرات، لم يكن دخول المسمى "عجوز الإخوان" إليها كما خروجه منها، وذلك بأصوات مئات الجزائريين الذين هتفوا بصوت واحد "ارحل ارحل يا جاب الله"، ولم يهدأ المتظاهرون حتى سارع أتباع جاب الله إلى إخراجه بعد أن كسروا له "قرون الانتهازية لركوب موجة حراكهم السلمي الحضاري"، كما عبر عن ذلك جزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يكن الإخواني جاب الله يعلم بحسب المتابعين، أن ساحات مظاهرات الجزائريين كانت مملوءة "برادارات الكشف عن نفاق السياسيين والإخوان أكثرهم".
وإن كان جاب الله قد وقع في فخ رفض الجزائريين لأي دور له في حراكهم السلمي وفي مستقبلهم وشاهده بعينه، إلا أن عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية والوجه الآخر لإخوان الجزائر، استبق ذلك المشهد في الجمعتين السابقتين "بفبركة بطولة وهمية" وسط المتظاهرين.
بطولة لم يفضحها "أعداء الإخوان إعلاميا" كما يحاول مقري وأتباعه الترويج لذلك في كل مرة يُنشر فيها فضائح إخوان الجزائر، بل متظاهرون جزائريون "يملكون رادارات الكشف عن فبركة ونفاق الإخوان" في مواقع التواصل الاجتماعي.
وفضح رواد مواقع التواصل الاجتماعي تلك البطولة الوهمية التي حاول الإخواني مقري إظهارها من خلال صور نشرها وأتباعه عبر منصات التواصل، لكن مقري كان يعلم جيداً ردة فعل الجزائريين إذا دخل ملعب حراكهم، فقرر "تصوير مشهد تمثيلي لم تتعد مساحته عقر مقر حزبه".
مشهدان مختلفان لحقيقة واحدة، وهي أن الجزائريين "لفظوا إخوان الجزائر" بحسب المتابعين للشأن السياسي، من أي دور يحاولون لعبه "للتسلل إلى حراكهم" الذي حملوا فيه رايات ورددوا هتافات رافضة "أن تكون مظاهراتهم بأي لون سياسي ومن أي تيار انتهازي".
ردة فعل الجزائريين تجاه الإخوان لم تكن من فراغ بحسب المراقبين، بل كانت نتيجة تجاربهم معهم في التسعينيات، ولمواقفهم المتناقضة التي لا تخرج إلا مع اقتراب المواعيد الانتخابية، أو مع احتجاجات الجزائريين، الذين يعرفون أن تلك الاحتجاجات ليست "إلا جسراً عند الإخوان يوصلهم إلى حكم بعيد عنهم أو يبتعد عنهم، وفق أجندة مرسومة خارج حدود الحراك الشعبي وحتى خارج حدود الجزائر" كما كشفت عن ذلك صحف جزائرية في الأعوام الأخيرة.
ويقول جزائريون: إن "عُمر" الإخواني جاب الله في المشهد السياسي أكبر من فترة حكم بوتفليقة للجزائر، ومع ذلك لم يجد حرجاً في الخروج ضد بقائه في الحكم، والإخواني مقري الذي "اختلطت عليه أقنعة المواقف"، بين ترويجٍ لمبادرة تأجيل الانتخابات تضمن تمديد ولاية بوتفليقة "دون أي سند دستوري"، ثم ترشحٍ لانتخابات حذّر منها، إلى رفض "تمديدٍ غير دستوري" كما قال بعد قرار بوتفليقة عدم الترشح، وتحذيرٍ من المظاهرات، ثم خروج فيها ولو في "شارع خالٍ من المتظاهرين".
"تسلل" إخوان الجزائر إلى ملعب الحراك الشعبي المناهض لنظام بوتفليقة بدأ مع تصريحات مسؤوليهم التي زعموا فيها أنهم "كانوا وراءه"، وبأن "الملايين التي ملأت جميع محافظات الجزائر خرجت تلبية لندائهم"، فوصلهم الرد "الحقيقي والافتراضي" في الشارع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أخرج الجزائريون بطاقات الطرد والتحذير من أي خطة إخوانية بديلة غير التي رسمها "المدرب واللاعب الشعب".
لم يجد المغضوب عليهما الإخوانيان مقري وجاب الله، إلا نشر فيديوهات وتعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتراجع عن "كذبة أطلقوها وصدقوها"، واعترفوا بأن "لا دور لهم في تحريك انتفاضة الجزائريين"، التي انطلقت واستمرت عفوية وسلمية.
وبين المشهد "الحقيقي" لطرد الإخواني جاب الله من مظاهرات الجزائريين، إلى المشهد "التمثيلي" للإخواني مقري في "مظاهرة إخوانية معزولة"، اتضح بحسب كثير من المتابعين، أن الجزائريين "لم يعقدوا العزم فقط على تغيير نظامهم، بل على إغلاق غرفة تغيير المواقف التي لطالما كانت وكراً لإخوان الجزائر، ومنها قرروا ركوب حراك الجزائريين، وهي الغرفة التي حوّلها الجزائريون بعد سنوات من الصمت والمراقبة عن بعد إلى إقامة جبرية فضحت وعزلت خطط إخوان الجزائر تحت حراسة وعي شعبي مشدد".