1.4 مليار دولار قيمة العجز التجاري الجزائري بفعل تراجع صادرات النفط
صادرات الجزائر من المحروقات انخفضت في يناير الماضي وبلغت قيمتها 2.14 مليار دولار مقابل 3.58 خلال الشهر ذاته من العام الماضي.
سجل العجز التجاري الجزائري ارتفاعاً كبيراً خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إذ بلغ 1.436 مليار دولار مقابل 45 مليون دولار في الشهر نفسه من 2018 بحسب أرقام قدمتها، الإثنين، مصالح الجمارك الجزائرية.
- الجزائر تعلق رحلات بوينج "737 ماكس" في مجالها الجوي
- "المركزي الجزائري" يزيد الاحتياطي الإلزامي للبنوك إلى 12%
وأظهرت الأرقام أن تراجع الصادرات الجزائرية أسهم بشكل كبير في ارتفاع العجز التجاري، وبلغت قيمتها خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي 2.367 مليار دولار مقابل 3.835 مليار دولار في يناير 2019.
كما سجلت صادرات الجزائر من المحروقات انخفاضاً كبيراً في يناير الماضي وبلغت قيمتها 2.14 مليار دولار مقابل 3.58 خلال الشهر ذاته من العام الماضي، بانخفاض قدره 1.44 مليار دولار ونسبته (- 40%)، وتمثل نسبة 90.32% من إجمالي حجم الصادرات بحسب مصالح الجمارك الجزائرية.
فيما كشف تقرير دولي نهاية الأسبوع الماضي عن تراجع صادرات الغاز الجزائري عبر الأنابيب الموجهة إلى أوروبا بنسبة 40% خلال شهر فبراير/شباط الماضي، مرجعة ذلك إلى تذبذب الانتاج الجزائري مقابل ارتفاع صادرات الولايات المتحدة وروسيا والنرويج نحو أوروبا.
وانخفضت أيضا الصادرات الجزائرية خارج المحروقات بحسب الإحصائيات الرسمية، لتسجل 229 مليون دولار في يناير 2019 قابل 250 مليون دولار في يناير 2018، وتمثل نسبة 9.7% من إجمالي حجم الصادرات الجزائرية.
واردات الجزائر عرفت هي الأخرى انخفاضاً طفيفاً خلال يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة (- 1.98%) مقارنة بالفترة نفسها من 2018، ووصلت قيمتها إلى 3.803 مليار دولار مقابل 3.880 مليار دولار في يناير 2018.
وسيطرت فاتورة الواردات على قيمة الواردات الجزائرية في يناير/كانون الثاني الماضي، وبلغت قيمتها 733 مليون دولار مقابل 851 مليون دولار في الشهر ذاته من 2018.
وبحسب أرقام مصالح الجمارك الجزائرية، فقد احتلت فرنسا المركز الأول في قائمة زبائن الجزائر بـ 488 مليون دولار، فيما تصدرت الصين قائمة مموني الجزائر بـ 726 مليون دولار.
ورغم الارتفاع الكبير في العجز التجاري للجزائر، فإن خبراء اقتصاديين اعتبروا أن الأرقام المقدمة كانت متوقعة، بالنظر إلى عدة أسباب أبرزها أن الاقتصاد الجزائري لا يزال يعاني من الأزمة التي دخلت عامها الخامس، إضافة إلى الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها والمتعلقة بنظام الاستيراد وتجديد الجزائر عقودها تصدير الغاز مع الأوروبيين.
وقال الدكتور جمال بركات الخبير الاقتصادي لـ "العين الإخبارية" إن "الكشف عن قائمة السلع الخاضعة لرسوم الحماية الإضافية الجديدة بين 30 إلى 200% أسهم في ارتفاع العجز التجاري ما جعل قيمة الواردات أكبر من الصادرات".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "ارتفاع العجز لن يستمر طويلاً وسيتغير الوضع خلال الأشهر المقبلة بعد أن يتم تنفيذ العقود قصيرة الأجل الخاصة بتصدير النفط الجزائري إلى أوروبا، ونحن أمام مرحلة ابتدائية للعام ولا يمكن الحكم على ميزان المدفوعات أو الميزان التجاري بالعجز إلا بعد مرور عام كامل، ويبقى السبب الأساسي لارتفاع العجز التجاري الجزائري فتح المجال أمام استيراد منتوجات كانت ممنوعة من قبل عن طريق السلم الجديد للرسوم الجمركية".
واستبعد الدكتور بركات أن يكون ذلك مؤشراً على أزمة اقتصادية جديدة في الجزائر، وقال "إن الأزمة بدأت منذ 2014 وهي تتفاقم عاماً بعد عام، خاصة مع طبع ما قيمته نحو 40 مليار دولار، وهذا في حد ذاته يعتبر مؤشراً خطراً جداً على ضخامة الأزمة الاقتصادية في الجزائر".
ومع نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، كشفت وزارة التجارية الجزائرية عن قائمة السلع الخاضعة لرسوم الحماية الإضافية إلى 20 صنفاً تمثل 1095 سلعة، كل صنف يمثل عدداً من السلع والمنتجات، من بينها الفواكه الجافة والطازجة، ومواد التجميل والمناديل الورقية، والرخام والسيراميك، واللحوم المجمدة التي ضمت "لحوم البغال والحمير"، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الجزائر.
وأضفى نظام الاستيراد الجديد في الجزائر توازناً بالنسبة لأسعارها حسب بيان وزارة التجارة الجزائرية، إذ أقر رسوماً متفاوتة تبدأ من 30% إلى 50 و60 و70 و120 و200%، "بما يتناسب مع تلبية الطلب من خلال الإنتاج المحلي والطلب على المنتج" كما ذكرت الوزارة في بيانها.
وأرجعت وزارة التجارة الجزائرية استحداث رسوم جمركية على السلع المستوردة بشكل مؤقت إلى "حماية ميزان المدفوعات، وتشجيع الإنتاج الوطني، وتطوير الصناعات الناشئة، وضمان توفر السلع على اختلافها".
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور علاوة خلوط أن "تفسير ارتفاع العجز التجاري الجزائري يعود إلى ارتباط الاقتصاد الجزائري بعائدات المحروقات بنسبة تفوق 90%، رغم محاولات التصدير خارج المحروقات مثل الفوسفات وبعض المواد الأخرى، لكن العملية فشلت إلى حد الآن، والجزائر لم تتمكن إلى يومنا من تنويع اقتصادها، ووجدت صعوبة في العثور على أسواق للتصدير، وهو ما دفعنا للبقاء في نفس الهيكل الاقتصادي المعتمد على النفط".
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن "تذبذب أسعار النفط أسهم أيضا في انخفاض قيمة صادرات الجزائر من المحروقات وحتى من حيث الحجم، بسبب الصعوبات التي تواجه الجزائر في زيادة طاقاتها الانتاجية، كما أن كل السياسات التي سعت لتقليص حجم الواردات فشلت، وبالتالي وجدت الجزائر نفسها أمام وضع متمثل في عدم التمكن من رفع قيمة الصادرات وخفض الواردات، وهذا يؤثر سلباً على الميزان التجاري المتجه نحو العجز".