علاج جديد للاكتئاب.. صعقات كهربائية في الرأس
دراسة أمريكية تثبت فاعلية تحفيز التيار الكهربائي المتناوب عبر الجمجمة (TACS)؛ لعلاج الأشخاص الذين تشخص حالاتهم بالاكتئاب الشديد.
نجح باحثون في الحد من أعراض الاكتئاب باستهداف نمط كهربائي يحدث بشكل طبيعي في جزء معين من الدماغ، عن طريق إرسال تيار ضعيف بالتناوب عبر أقطاب كهربائية متصلة بفروة الرأس.
ووضع باحثون من كلية الطب بجامعة نورث كارولينا الأمريكية، خلال دراستهم السريرية التي نشرت نتائجها 5 مارس/آذار الجاري بمجلة "ترنسلاشين سيكتري" Translational Psychiatry، المتخصصة في الطب النفسي، الأسس اللازمة لإجراء دراسات بحثية أكبر لاستخدام نوع معين من التحفيز الكهربائي للمخ، يسمى "تحفيز التيار المتناوب عبر الجمجمة" (TACS)؛ لعلاج الأشخاص الذين شخصت حالاتهم بالاكتئاب الشديد.
وقال الباحث فلافيو فروهليتش، أستاذ مشارك في الطب النفسي ومدير مركز كارولينا لتحفيز الأعصاب، في تقرير نشره موقع الجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: "أجرينا دراسة صغيرة على 32 شخصا، لأن هذا النوع من النهج لم يحدث من قبل، الآن وقد وثقنا كيف يمكن لهذه الطريقة الحد من أعراض الاكتئاب، يمكننا ضبط نهجنا لمساعدة العديد من الناس بطريقة غير مكلفة نسبيا وغير موسعة".
ويُعَد فروهليتش، الذي انضم إلى كلية الطب بجامعة نورث كارولينا في 2011، رائدا في هذا المجال؛ إذ سبق وأجرى أولى تجارب سريرية لعلاج مرض انفصام الشخصية والألم المزمن، باستخدام تحفيز التيار المتناوب عبر الجمجمة (TACS).
ويختلف أسلوب التحفيز الذي يستخدمه فروهليتش عن أسلوب تحفيز الدماغ الأكثر شيوعا، والذي يسمى "التحفيز المباشر عبر الجمجمة" (tDCS)، والذي يرسل تيارا ثابتا من الكهرباء الضعيفة، من خلال أقطاب كهربائية متصلة بأجزاء مختلفة من الدماغ.
وتستخدم طريقة فروهليتش تذبذبات ألفا المحددة لكل فرد، والتي تظهر موجات بين 8 و12 هيرتز على مخطط كهربية الدماغ (EEG)، وترتفع الموجات بهذا النطاق في الغالب عندما نغلق أعيننا وأثناء أحلام اليقظة أو التأمل أو استحضار الأفكار، أي عندما تغلق أدمغتنا عن المنبهات الحسية، مثل ما نراه ونشعر به ونسمعه.
وأظهرت الأبحاث السابقة أن المصابين بالاكتئاب كانت تذبذبات ألفا عندهم غير متوازنة، كما كانت الموجات مفرطة النشاط في القشرة الأمامية اليسرى، بالتالي تصور فروهليتش أن فريقه يمكن أن يستهدف هذه التذبذبات لإعادتها، بالتزامن مع تذبذبات ألفا في القشرة الأمامية اليمنى، وإذا تمكنوا من تحقيق ذلك، ربما تنخفض أعراض الاكتئاب.
وأجرى مختبر فروهليتش الدراسة على 32 شخصا شخصت حالاتهم على أنهم مرضى بالاكتئاب، وأجرى مسح كل مشارك قبل الدراسة وفقا لمقياس معدل اكتئاب مونتجمري-آسبرج (MADRS)، وهو مقياس قياسي للاكتئاب، ثم قسم المشاركين إلى 3 مجموعات.
وتلقت المجموعة الأولى التحفيز الوهمي، وهو محفز كهربائي قصير لتقليد الإحساس في بداية الجلسة، والثانية 40 هيرتز من التيار المتناوب عبر الجمجمة (TACS)، وتلقت الثالثة تيارا كهربائيا 10 هرتز TACS، وتستهدف كل موجات ألفا التي تحدث بشكل طبيعي لكل فرد، وخضع كل شخص لمدة 40 دقيقة على مدار 5 أيام متتالية.
وبعد أسبوعين من العلاج، وجد الفريق البحثي أن 70% من الأشخاص في مجموعة العلاج أبلغوا عن انخفاض بنسبة 50% على الأقل في أعراض الاكتئاب، وفقا لمقياس معدل اكتئاب مونتجمري-آسبرج (MADRS)، وكان معدل الاستجابة هذا أعلى بكثير في المجموعة الثالثة، كما كانت لدى بعض المشاركين انخفاضات كبيرة لدرجة أن الفريق البحثي يكتب حاليا دراسات حالة عنهم.