الاكتئاب والانتحار.. انعكاسات سلبية للأزمات التي تعصف بلبنان
موجة من الأزمات ضربت لبنان في الفترة الأخيرة، غرق اللبنانيون فيها دون أن يعلموا متى الخلاص، حاول بعضهم المقاومة، فيما استسلم البعض الآخر لليأس والإحباط واضعين حداً لحياتهم بـ"الانتحار".
قبل أيام أطلق المجند في الجيش اللبناني خالد شحود على النار على نفسه في شمال لبنان، حيث نُقل إلى مستشفى في حالة حرجة، قبل أن يعلن الأطباء إطباق عينيه للأبد وذلك بسبب الظروف المعيشية، وسبقه بأيام الشاب بلال إبراهيم الذي أقدم على ذات الخطوة لنفس الأسباب.
"أصبحت تحديات الحياة وضغوطها ظاهرة ملموسة في المجتمع اللبناني بسبب تراكم الأزمات والمشكلات التي تركت انعكاساتها على صحة الأفراد النفسية، لا بل على وطن وشعب برمته"، بحسب ما قالته أخصائية علم النفس هيفاء السيد لـ"العين الإخبارية".
وأضافت: "من جائحة كورونا إلى انهيار العملة المحلية والقدرة الشرائية، مروراً بانقطاع الكهرباء، ونفاد المحروقات والظروف الاقتصادية الصعبة، كل ذلك جعل اللبنانيين عاجزين عن سد احتياجاتهم الأساسية، والنتيجة اضطرابات نفسية وجسدية ترجمت بحالات الاكتئاب والوسواس والمخاوف المرضية، ونوبات الهلع، فقدان الأمن النفسي والقلق من المستقبل والخوف من المجهول".
وتابعت السيد: "وبذلك يفتقد المرء محاور الصحة النفسية التي أشار إليها العالم النفسي ماسلو من خلال ضرورة تأمين الحياة البيولوجية، ومن ثم الحاجات النفسية لأن الأمن النفسي هو أحد مقومات الحياة، وهو حاجة ضرورية في المرتبة الثانية بعد الحاجات الفيسيولوجية بهدف محاربة المخاوف وتجاوز مشاعر التهديد والقلق".
ما يزيد الوضع سوءاً -كما قالت السيد- "انفجار مرفأ بيروت الذي ترك أثاره السلبية في نفوس كل اللبنانيين، عبّر عن ذلك الأكثرية بفقدان الطاقة والتراجع في الأداء وضعف التركيز وتذكر تفاصيل الحادثة سواء أثناء النوم أو في اليقظة، والشعور بالذنب، والأرق، وفقدان الشهية، نوبات الغضب، والغثيان، وضيق التنفس، ضربات القلب والتعرق".
وتابعت: "كما أن الصدمات النفسية المستمرة يمكن أن تترجم عند البعض منا باضطراب ما بعد الصدمة، التي قد تظهر أعراضها مباشرة أو بعد أسابيع أو شهور وربما سنوات".
وأكدت: "الخطير في هذه المؤشرات السلبية انعكاسها على الشباب من خلال سوداوية نظرتهم للمستقبل، وبأن ليس لحياتهم معنى أو هدف أو قيمة ما يدفعهم إلى اللامبالاة وفقدان الاهتمام ومظاهر الكرب والتوجه للعزلة الحياتية نتيجة شعورهم بفقدان الهوية حيث تغلب عليهم مشاعر الاغتراب النفسي".
لهذا كله -كما قالت السيد- "يسيطر التفكير بالهجرة على شباب لبنان، بعد أن دُمر كل ما تبقى لديه من آمال واندثرت الطموحات، فهم يعيشون دائماً في حالة من التوتر والقلق، حيث ستنعكس مؤشرات ذلك على المجتمع في ارتفاع نسبة الانحرافات الاجتماعية كالسرقة والإدمان على المخدرات أو الكحول والعنف وحتى زيادة معدلات الانتحار".
وأشارت إلى أنه لمواجهة التحديات وتخطي الأزمات يتطلب الأمر تعزيز الإرادة الشخصية في الحياة واللجوء للعلاج الروحي الذي له قوة خارقة تمد الفرد بالطاقة وتساعده على تحمل المشاكل ومجابهة الصعاب والتغلب عليها.
وأكدت: "يجب على الفرد عدم الاستسلام والتحدي وتشجيع النفس من خلال التحفيز العقلي مع البقاء هادئاً والتنفس بعمق والاسترخاء، فالمهم النهوض وإعادة الوقوف مع ضرورة الحفاظ على الإيجابية والثقة بالنفس لإيجاد الحلول".
aXA6IDMuMTUuMjI4LjMyIA== جزيرة ام اند امز