"سرايا الصحراء".. داعش يبحث عن موطئ في ليبيا بدعم تركي
التنظيم الإرهابي يتمركز في سلسلة جبال الهاروج الممتدة لأكثر من 200 كيلومتر بالقرب من مثلث "زلة- الجفرة- هون" وسط ليبيا
تحذر دائما دول جوار ليبيا من استغلال التنظيمات الإرهابية حالة الاضطرابات ونقل عناصرها وتمركزها بهذا البلد الذي أنهتكته الحرب، قبل أن يعلن الجيش الليبي رصد عناصر إرهابية تحمل اسم "سرايا الصحراء".
وقبل أيام، أصدر التنظيم إصدارا مرئيا أعلن خلاله مبايعة زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي الذي أكد وزير المالية العراقي الأسبق باقر جبر الزبيدي أنه موجود في ليبيا.
ورغم الظهور الأول، بدا التنظيم الإرهابي في حالة من الضعف والانكسار، قوامها قلة التسليح والاعتماد على أسلحة خفيفة ومتوسطة وقلة العدد الذي لا يتخطى 70 شخصا في محاولة للبحث عن موطئ جديد بعد هزيمة مذلة في سوريا والعراق.
ووفق مراقبين فإن التنظيم تمده تركيا بالعناصر الفارة من سوريا وكذلك الأسلحة المهربة بهدف تخفيف الضغط على الجماعات الإرهابية أمام تقدم الجيش الوطني الليبي بمعارك طرابلس.
وتعاني ليبيا من انتشار الجماعات الإرهابية والعصابات التشادية التي تحاول بسط سيطرتها على مدن الجنوب الليبي، فضلاً عن نشاط حركة الهجرة غير الشرعية في تلك المنطقة.
وبعد تمكن الجيش من تحرير الشرق الليبي من الجماعات الإرهابية والعصابات الأفريقية المسلحة، قاد حربا واسعة في جنوب ليبيا لتطهيرها من التنظيمات المتطرفة.
وأكثر من مرة طالب الجيش الليبي تركيا بعدم التدخل في شؤون البلاد والتوقف عن دعم المليشيات دون جدوى بل خرقت الحظر الأممي عبر سفن الموت التي تنقل الأسلحة للإرهابيين في طرابلس ومصراتة (غرب).
سرايا الصحراء
وفي 9 أبريل/نيسان الماضي، أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري رصد القوات المسلحة إنشاء ذلك الفرع من التنظيم الإرهابي.
ويستغل التنظيم الصحراء الشاسعة في الجنوب وغياب السلطة الحقيقية للدولة في محاولة لترسيخ وجوده.
وقاد التنظيم حين تأسيسه أبومعاذ التكريتي، العراقي الجنسية، وبدأ بنحو ثلاث كتائب لداعش خسرت معقلها في سرت (شمال) الساحلية عام 2017 إلا أن معظم قادته وعناصره قتلت في المعارك مع الجيش الليبي كما هو الحال في سوريا والعراق عندما تحولت الحرب من السماء إلى الأرض بمواجهات مباشرة طهرت الكثير من الأراضي الليبية من العناصر الإرهابية.
ويتمركز التنظيم الإرهابي، وفق باحثين، في سلسلة جبال الهاروج الصحراوية الممتدة لأكثر من 200 كيلومتر بالقرب من مثلث «زلة- الجفرة- هون» بوسط ليبيا، نظرا لصعوبة السيطرة الأمنية عليها، ووعرة الدروب بها.
تحالفات الشر
ونفذ التنظيم الإرهابي عددا من الهجمات الإرهابية على مدن الجنوب الليبي بداية من سبها والفقهاء وزلة ومرزق.
وأظهرت هذه الهجمات مدى الارتباط الوثيق بين تنظيم داعش والمليشيات الموالية لحكومة فايز السراج، حيث تسابق الطرفان على تبني ومباركة هذه الهجمات.
ويهدف التنظيم الذي يظهر العداء للجيش الوطني الليبي بحسب ما رصد من تصريحاته وإصداراته المرئية إلى تخفيف الضغط على الجماعات الإرهابية أمام تقدم الجيش الوطني الليبي بمعارك طرابلس.
وهو ما دعا إليه البغدادي أتباعه بإقامة حرب استنزاف ضد قوات الجيش الوطني الليبي وضربه في كل مكان، في آخر ظهور مرئي له نهاية أبريل/نيسان الماضي.
وساهمت تركيا بشكل كبير في تكوين ذلك التنظيم الإرهابي من خلال ما أمدت به من عناصر هاربة من سوريا وداعش.
وفي 20 مايو/أيار 2019، كشف ضابط العمليات في البحرية الليبية العقيد أبوبكر البدري أن الباخرة التركية "أمازون" التي رست قبل ذلك التاريخ بأيام في ميناء طرابلس، كانت تحمل أعدادا كبيرة من الإرهابيين، بمن فيهم عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو الشيء نفسه الذي أكده المسماري في مؤتمرات صحفية.
كما يتحالف التنظيم الإرهابي مع المرتزقة التشاديين الذين يهاجمون الجنوب الليبي وينهبون خيراته.
وحذر حامد الخيالي عميد بلدية سبها الليبية في تصريحات إعلامية من أن تنظيم "داعش" الإرهابي قد يحضر لهجوم على بعض المناطق والمدن الواقعة في الجنوب الليبي خلال الأيام المقبلة خاصة مدن "مرزق وأوباري" وحقلي النفط "الشرارة والفيل"، وكذلك مناطق الفقهاء.
خسائر فادحة
ورغم الدعم التركي، بالأفراد والعتاد، فإن التنظيم الإرهابي تلقى خسائر فادحة من قبل ضربات مكثفة واستباقية للجيش الليبي.
وقضى الجيش الليبي على عشرات من عناصر التنظيم من خلال المعارك المختلفة أبرزها تصفية 12 عنصرا من التنظيم في جبال الهروج بمدينة الفقهاء جنوب البلاد.
إضافة إلى مقتل محمد بن أحمد الفلاتة "أبو عاصم المهاجر" مسؤول ديوان الإعلام الذي اعترف التنظيم الإرهابي رسميا بمقتله.
كما يرجح أن يكون زعيم التنظيم أبومعاذ التكريتي قد قتل خلال الاشتباكات خاصة بعد إعلان التنظيم تنصيب والٍ جديد هو "أبو مصعب الليبي" الذي يعتقد أنه محمود البرعصي مؤسس تنظيم داعش في بنغازي والمُلاحق من قبل مكتب النائب العام.
وتشير المعلومات إلى سقوط عدد من قادة التنظيم الآخرين أهمهم المشرف على التجنيد أبوسدرة حبيب الليبي «أمير مضافات المهاجرين» والإرهابي أكرم الكيلاني مسؤول التسليح واللوجستيات في التنظيم.