خبايا الهروب الكبير.. ماذا استخدم الأسرى الفلسطينيون وإلى أين فروا؟
قبل أكثر من شهر طلب الناشط البارز في حركة "فتح" زكريا الزبيدي الانتقال إلى قسم أسرى الجهاد الإسلامي في سجن جلبوع.
لم يلفت هذا الطلب انتباه سلطة السجون الإسرائيلية التي وافقت عليه قبل أن تدرك اليوم الإثنين، المغزى من هذا الطلب.
الحصن المنيع
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في مصادر عبرية، يعتبر جلبوع أكثر السجون الإسرائيلية تحصينا وأحدثها على الإطلاق، إذ أقيم عام 2004 لاعتقال من تعتبرهم إسرائيل الأسرى الأكثر خطورة من بين أكثر من 4500 معتقل.
تخلل الإعلان عن طريقة بناء السجن والإجراءات الأمنية فيه إطلاق أوصاف عديدة عليه من بينها السجن الأكثر تحصينا في إسرائيل.
ويقع السجن على مقربة من الجدار الإسرائيلي المحيط بمحافظة جنين، شمالي الضفة الغربية، وهي المحافظة التي ينحدر منها الأسرى الستة الذين فروا من السجن.
حتى صباح اليوم، كان عدد الأسرى الفلسطينيين في هذا السجن أكثر من 400 معتقل، يجري حاليا نقلهم إلى سجون أخرى.
عملية الهروب
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن 6 أسرى فلسطينيين، محكومين بأحكام عالية 5 منهم من "الجهاد الإسلامي"، تمكنوا في الساعة الواحدة والنصف من فجر اليوم من الخروج من فتحة نفق بعشرات الأمتار قاموا على مدى عدة أشهر بحفرها من زنزانتهم.
وذكرت مصلحة السجون الإسرائيلية أن الهروب حدث حوالي الساعة 1:30 من ليل الإثنين.
وتلقت الشرطة بلاغات عن أشخاص مشبوهين يسافرون في منطقة السجن بعد ذلك بوقت قصير.
ونشرت على شبكات التواصل صوتا لرجل يبلغ الشرطة عبر الهاتف أنه لاحظ مشبوهين يعتقد بأنهم فلسطينيون بالقرب من السجن قرابة الساعة 3:30 فجرا.
في الساعة الرابعة فجرا تم اكتشاف حقيقة أن المعتقلين قد فروا من السجن بعد إحصاء طارئ للأسرى.
بدا المشهد بالنسبة للكثير من الإسرائيليين مشابها لما سبق وأن شاهدوه في الكثير من الأفلام الأجنبية.
ماذا استخدم الهاربون في عملية الهروب؟
وللأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات البسيطة جدا للمعتقلين، فإنهم على الأرجح استخدموا أدوات الطعام لحفر النفق.
وقال قائد المنطقة الشمالية في مصلحة السجون الإسرائيلية، أريك يعقوب، إن الستة استخدموا فجوة تحت أحد الأسرة في زنزانتهم للخروج من السجن.
وأضاف للصحفيين: "لم يحفروا نفقًا بالضبط. من الواضح أنهم استخدموا خللًا في هيكل الزنزانة، باستخدام الفجوة الموجودة أسفل السرير" دون مزيد من التفاصيل.
أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فقالت إن "القوات عثرت على ملابس وأحذية من المرجح أنها تخص الهاربين، وكذلك عثرت على النفق الذي تمكنوا من الفرار منه".
ولفتت إلى أنه "في عام 2014، أحبطت مصلحة السجون محاولة هروب مماثلة من السجن بعد تلقيها معلومات استخبارية عن قيام أحد سجناء الجهاد الإسلامي بحفر نفق في أحد دورات المياه".
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، التي أفردت هي الأخرى مساحة كبيرة للعملية، ذكرت أن طول النفق الذي حفروه يصل إلى عشرات الأمتار، وتم اكتشاف فتحة النفق على بُعد أمتار قليلة خارج أسوار السجن.
وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل": "لم يُعرف على الفور كيف حفر الرجال في الأرضية الخرسانية والمعدنية، بينما لا يُسمح حتى بالملاعق المعدنية بدخول الزنازين، على الرغم من أن إدارة السجون تعاملت منذ فترة طويلة مع عمليات تهريب واسعة النطاق وفي بعض الأحيان كانت متقنة إلى منشآتها".
وأضاف: "قال مسؤولو السجن إن الرجال لم يشقوا نفقًا في طريقهم للخروج من السجن، لكنهم شقوا طريقهم في فجوة موجودة واستخدموها للهرب".
وتابع: "خرج الرجال من نفق آخر إلى طريق على الجانب الجنوبي من السجن".
"إخفاق" ومخاوف
ونقلت القناة الإسرائيلية (12)، عن مسؤول كبير في الشرطة، قوله إن حادثة هروب الأسرى "أحد أخطر الحوادث الأمنية بشكل عام".
بدوره، وصف الجنرال احتياط آفي بن ياهو، هذا الهروب بأنه "إخفاق كبير جداً يكشف عن أوجه قصور خطيرة للغاية في المخابرات والأمن بالمنشأة".
وأوضح "يستغرق حفر مثل هذا النفق شهوراً ويتطلب اتصالات وتعاوناً مكثفاً".
من جهته، قال مصدر أمني إسرائيلي لموقع (والا) الاخباري إن "الحديث يدور عن سلسلة إخفاقات خطيرة".
وتساءل " كيف نفذوا الحفر دون علم السجانين في واحد من أكثر السجون أمنا، وكيف تمكنوا من إخفاء النفق والرمل الناتج عن عملية الحفر؟".
وتجري القوات الإسرائيلية عمليات بحث واسعة عن المعتقلين
وأعلن رئيس قسم عمليات الشرطة الإسرائيلية آفي بيتون، أنه عقب هروب الفلسطينيين الستة من المعتقل في الشمال، تم رفع حالة التأهب الأمني في جميع أنحاء البلاد.
وقال: "لا أستبعد أن يحاولوا تنفيذ هجوم. في الفترة الزمنية من وقت الهروب إلى هذه النقطة، قد يكون الفلسطينيون في أي وقت في البلاد. كما أنهم يأخذون في الاعتبار خيار أن الفلسطينيين مازالوا هنا وسيحاولون تنفيذ هجوم".
من جهته، علّق الصحفي الإسرائيلي تال رام ليف: "زكريا الزبيدي الذي لا ينتمي للجهاد الإسلامي طلب قبل فترة الانتقال إلى غرفة الجهاد، ألم يثر هذا انتباه أحدا، خاصة في قسم كان فيه محاولة هروب سابقة".
خيارات الفارين
وعن خيارات الفارين، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن لديهم عدة خيارات وهي "الحصول على دعم خارجي من سلاح وذخيرة، ومحاولة اختطاف إسرائيليين ورهن إطلاق سراحهم مقابل نقل الأسرى إلى دولة عربية، ويتطلب ذلك مساعدة من مسؤولين بمحافظة جنين".
خيار آخر تطرقت له الصحيفة، وهو أنه "يمكن للأسرى الاستفادة من الحدود المخترقة نسبيا مع الأردن والعبور منها أو الفرار نحو لبنان شمالا".
ويبقى خيار غزة "بعيدا جدا عن هروب الأسرى إليها وكذلك الجدار الفاصل يصعب عبوره" بحسب الصحيفة التي ذكّرت "بنجاح البعض بالفعل في القيام بذلك وهذا خيار موجود لكنه ضعيفا".
واستدركت "أية مواجهة مع الأسرى الفلسطينيين الفارين أو قتلهم في محاولة لاعتقالهم، سيؤدي إلى انتقام فصائل المقاومة في قطاع غزة بإطلاق الصواريخ على إسرائيل أو من لبنان ويجرنا إلى مواجهة".
aXA6IDE4LjE5MS4xOTIuMTA5IA== جزيرة ام اند امز