«عتبة القلق السام».. كيف غير عالم عربي استراتيجية وكالة حماية البيئة الأمريكية (حوار)

في عصر يتزايد فيه الاهتمام بسلامة الإنسان والبيئة، يقود عالم عربي جهود وكالة حماية البيئة الأمريكية لتقييم المخاطر الكيميائية.
- بعد تسببها في وفاة 5 أطفال.. كيفية الوقاية من المبيدات الحشرية
ومن خلال منهجية تعرف بـ"عتبة القلق السام"، يسعى العالم المصري د. محمد غراب وفريقه لتحديد الحد الآمن للتعرض للمواد الكيميائية بشكل أكثر أمانًا وأخلاقية، دون الحاجة للاعتماد على التجارب التقليدية على الحيوانات، ما يمثل خطوة ثورية في حماية صحتنا وبيئتنا على حد سواء.
وفي هذا الحوار، يكشف د. غراب أسرار هذه الطريقة العلمية، ويستعرض تطبيقاتها العملية وأهميتها.
ما هي فكرة "عتبة القلق السام" التي تقود استخدامها في وكالة حماية البيئة الأمريكية؟
تخيل أنك في بوفيه مكتوب عليه "تناول كل ما تريد بأقل من 500 سعر حراري، لا خطر على صحتك". هذه الفكرة تشبه طريقة "عتبة القلق السام"، التي تحدد كمية آمنة من المواد الكيميائية، بحيث تعتبر غير ضارة طالما لم يتم تجاوز هذا الحد. نحن نستخدم هذه الطريقة لتقييم المخاطر الكيميائية بطريقة أكثر كفاءة وأخلاقية مقارنة بالاختبارات التقليدية على الحيوانات.
لماذا تعتبر هذه الطريقة مفيدة مقارنة بالاختبارات الحيوانية التقليدية؟
الاختبارات الحيوانية تواجه تحديات كبيرة، منها القلق بشأن رفاهية الحيوانات، والاستغراق الطويل في الوقت لإجراء التجارب، وتأثيرها على أعداد الأنواع المهمة. "عتبة القلق السام" توفر بديلاً يقلل من الحاجة لاستخدام الحيوانات، مع الحفاظ على دقة تقييم المخاطر.
هل يمكن أن تعطينا مثالاً عملياً لتطبيق هذه الطريقة؟
بالطبع، في دراستنا الأخيرة المنشورة في دورية" كِموسفير" ، طبقنا طريقة "عتبة القلق السام" على مادة ألفا تيربينول، وهي مادة خاملة تستخدم بتركيز منخفض في المبيدات الحشرية ومستحضرات التجميل. وجدنا أن الطريقة تستطيع تقييم المواد منخفضة السمية، أي التي يكون التعرض لها منخفضاً، بطريقة دقيقة وآمنة.
كيف يتم تقييم المواد الكيميائية بهذه الطريقة؟
يقوم العلماء بتحليل البنية الجزيئية للمادة الكيميائية وتصنيفها حسب مخاطر السمية المعروفة، وتُحدد عتبة التعرض الآمنة، أي الكمية اليومية التي يمكن التعرض لها دون ضرر. المواد منخفضة الخطر قد تكون آمنة حتى 3 مليغرام يومياً، بينما المواد عالية الخطر تكون العتبة أقل بكثير، حوالي 0.1 مليغرام يومياً. بعد ذلك، نقارن هذه العتبة مع التعرض المتوقع للبشر، فإذا كان التعرض أقل من العتبة، تعتبر المادة آمنة ولا تحتاج لمزيد من الاختبارات.
وماذا كانت نتائج تطبيق هذه الطريقة على مادة "ألفا تيربينول"؟
بالمقارنة بين التقييم التقليدي باستخدام تجارب الحيوانات وتقييم المخاطر وفق "عتبة القلق السام"، وجدنا أن الطريقة الجديدة فعالة لتقييم سلامة المكونات الخاملة مثل ألفا تيربينول عند استخدامها بتركيزات أقل من 1٪ في المبيدات الحشرية. إنها طريقة أكثر كفاءة وأخلاقية، وتقلل الحاجة للاختبارات الحيوانية.
ما أهمية هذا الإنجاز العلمي؟
يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر تقدماً في تقييم المخاطر الكيميائية، يجمع بين الدقة العلمية والأخلاقيات الإنسانية، ويعزز سلامة الإنسان والبيئة على حد سواء.