عدوى انقلاب مالي تهدد دول الجوار بـ"سيناريوهات مشابهة"
انتخابات رئاسية وتشريعية تطرق أبواب 5 دول أفريقية وجميعها تملك حدودا مشتركة مع مالي وسط مخاوف من سيناريوهات ديكتتاورية مشابهة.
لا مجال لإنكار أن الانقلاب العسكري في مالي أعطى ضوءا أخضر لخطوات مماثلة بدول الجوار المتراصة غرب القارة الأفريقية لتغير معها خريطة الديمقراطية المتآكلة بالفعل.
انتخابات رئاسية وتشريعية تطرق أبواب 5 دول (غينيا وكوت ديفوار وبوركينا فاسو والنيجر) وجميعها تملك حدودا مشتركة مع مالي، إضافة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى غير البعيدة عنها أيضاً.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في غينيا وكوت ديفوار وأفريقيا الوسطى، وتحديداً الربع الأخير من 2020، فإن مشهدا ضبابيا ينتظر تلك البلدان الثلاثة، إذ تعاني من سلسلة أزمات سياسية وتنامي خطر التنظيمات الإرهابية.
وبعد 9 أيام من احتجازه، سمحت سلطات الانقلاب للرئيس المالي المعزول إبراهيم أبوبكر كيتا بالعودة إلى منزله؛ إذ تم الإطاحة به في 18 أغسطس/آب الجاري وبرفقته 15 مسؤولا مدنيا وعسكريا بينهم رئيس البرلمان موسى تمبينيه، ورئيس أركان الجيش الجنرال عبد الله كوليبالي.
وبحسب تقارير على صلة بالأوضاع داخل هذه الدول الأفريقية الخمس فإن معايير الشفافية المرتبطة بالانتخابات غائبة تقريباً، قبل مواعيد الانتخابات المزمعة في الشهور الثلاثة الأخيرة من 2020.
ولعل أخطر الهجمات على الديمقراطية وحقوق الإنسان في تلك البلدان، عددها خبراء معنيون بالغرب الأفريقي فإن تلاعبا دستوريا يجري بكثافة لهدم صخرة القيود المفروضة على مدة أو عدد الفترات الرئاسية.
ويجري كذلك التجهيز لهيئات انتخابية تتولى مراقبة عملية التصويت لكن اختيارها يتم من بين مجموعة مقربة من الدوائر الرئاسية ما يعني أن تزويرا قريبا ستشهده تلك البلدن، وفقاً للخبراء.
وتتزايد المخاوف من إعداد سجلات انتخابية يشرف عليها مختصون في الوثائق وبطاقات الناخبين وقوائم اقتراع مزورة وإخضاع المؤسسات الرقابية تحت سلطة الرؤساء، وتحديداً المحاكم الدستورية والقضاء، وأخيراً ممارسة ضغوط شديدة على المعارضة.
أوضاع مخيفة
ففي غينيا وكوت ديفوار يُنتظر إجراء انتخابات 18 و31 أكتوبر/تشرين الأول المقبلين على الترتيب بالبلدين، لكن الأحاديث تتزايد عن ضرب كل من ألفا كوندي والحسن واتارا بقواعد الدستور عرض الحائط.
الرئيس الغيني ألفا كوندي (82 عاما) فتح لنفسه الطريق أمام فترة رئاسية جديدة رغم انتهاء ولايته الثانية والأخيرة من 5 سنوات أواخر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتنتظر كوت ديفوار إجراء انتخابات 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن الأحاديث تتزايد عن ضرب الرئيس الحسن واتارا بقواعد الدستور عرض الحائط.
وتتزايد المخاوف من افتقار اللجان الانتخابية الإيفوارية إلى الاستقلالية، وفقاً لما أكدته المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في 15 يوليو/تموز المنصرم.
أما جمهورية أفريقيا الوسطى فتنتشر حالة متزايدة من القلق بين أوساط المعارضة، قبل 4 أشهر من الانتخابات المزمع إجرائها في البلاد 27 ديسمبر/كانون الأول 2020.
ويتخوف أبناء تلك الجمهورية سيطرة الجماعات المسلحة، التي وقعت على اتفاقية الخرطوم، على مناطق شاسعة من البلاد وإبقائها تحت إدارتهم بشكل كامل.
ولا تزال سلطات العاصمة بانغي تعيش في وهم كبير وعلى رأسها فاوستن أركانج تواديرا رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، الذي فشل في تحقيق تعهداته بوحدة التراب الوطني.
وامتد فشل تواديرا إلى الانتخابات كذلك، إذ لم يحترم المتطلبات الدستورية المتعلقة بإنشاء هيئة وطنية للانتخابات اعتبارًا من عام 2017.
ومن المنتظر أن تشهد بوركينا فاسو انتخابات رئاسية وتشريعية في 22 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وكذلك النيجر 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، وهما دولتان تعانيان من أوضاع أمنية حرجة للغاية.
ويعني هذا أن آلاف الضحايا وملايين النازحين لن يكون ضمن أولوياتهم المشاركة في الانتخابات التي ستؤثر على المرشحين الذين يعرفونهم في البلدين لفترة طويلة.
أمن غائب واقتصاد منهار
وسط الأزمات السياسية الحادة المتلاحقة في البلدن الأفريقية الخمس، زادت الممارسات غير الديمقراطية لأصحاب السلطة الطين بلة، بعد أن تجاهلت تنامي التنظيمات الإرهابية والحركات المسلحة بها.
وما يزيد الوضع سوءاً افتقار الجيوش الوطنية إلى الاحتراف، وهو ما يسهل تمزيق الوحدة الوطنية التي ستتوسع بالفعل مع أول انتخابات يشهدها كل بلد منها.
ففي كل مرة، يلجأ رؤساء الدول المتمسكين بالسلطة بـ"لعبتهم المفضوحة" بالوقوف خلف احتجاجات حضرية لا تخلو من العنف لتبدأ الحملات الممنهجة لحصار المعارضة وإجراء انتخابات زائفة بدعوى الحفاظ على أمن البلاد.
لكن الأمن ليس الأزمة المأسوية فقط في تلك الدول الخمس، فقد تركت الآثار المترتبة على قيود فيروس كورونا تأثيرات كبيرة على الحياة الاجتماعية والسياسية؛ حيث أخفقت الحكومات في القيام بدورها المطلوب لحماية مواطنيها.
وبات متوقعا عدم انتظام الانتخابات المزمعة في ظل مخاوف كورونا وانتشار الحركات المتمردة في بوركينا فاسو والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجميعها أموراً تترك أثرًا سيئًا على الأوضاع الاقتصادية بها.