"العين الإخبارية" تبحث عن إجابة السؤال الصعب.. هل اقتصاد العالم إلى ركود؟
معركة شرسة تخوضها الاقتصادات الكبرى في العالم لمواجهة وحش التضخم، الذي يهدد بأسوأ موجات الركود في التاريخ.
لم يكد العالم يفيق من الأَضرار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، حتى اصطدم بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى زيادة الضغوط التضخمية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
ومع ارتفاع السلع الأساسية والغذاء والوقود في جميع أنحاء العالم بسبب الأزمة الدائرة في شرق أوروبا، وتأثر سلاسل الإمداد، حذرت الأمم المتحدة في تقرير لها من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي ليسجل 3.1% فقط خلال عامي 2022 و2023 وهو ما يقل بنحو 0.9% و0.4% على التوالي عن التوقعات السابقة.
الصورة القاتمة للنمو العالمي لم تقتصر على بيانات الأمم المتحدة فقط، فالبنك الدولي أشار أيضا إلى انخفاض النمو العالمي من 5.7% في عام 2021 إلى 2.9% في عام 2022، وهو ما يُعد أقل بكثير من 4.1% الذي كان متوقعًا في يناير/كانون الثاني.
على نفس المنوال جاءت توقعات صندوق النقد الدولي، والتي أشارت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في 2021 إلى 3.6% مقارنة بنحو 6.1% في 2021، وهو أقل من توقعاته السابقة بنحو 0.8%. كما توقّع الصندوق أن ترتفع معدلات التضخم إلى 8.7% في الأسواق الصاعدة والنامية، فيما سيصل إلى 5.7% في الاقتصادات المتقدمة.
هل يتحول التضخم إلى ركود؟
كل هذه المؤشرات تؤكد أن العالم مقبل على فترة ركود اقتصادي، في ظل أجواء تشبه إلى حد كبير فترة الركود التي عانت منها الولايات المتحدة في الفترة بين 1980 و1982.
في عام 1980 وصل التضخم في الولايات المتحدة إلى 14%، ورفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة إلى 20%، وهو ما أدى إلى حالة ركود تضخمي، وارتفعت البطالة حينها إلى 11%.
الصورة في الوقت الحالي قد تبدو مشابهة، فهي تسير في نفس الطريق وإن كانت لم تصل بعد إلى نفس الدرجة، فالتضخم الأمريكي سجل في أغسطس، 8.3% على أساس سنوي، والفائدة الأمريكية وصلت إلى 3.25%.
الفارق قد يبدو كبيرا بين أرقام 1980 وبيانات 2022، إلا أن التضخم الجامح لا يجد من يسيطر عليه، ولم تجد السياسات النقدية المشددة لعدد من البنوك المركزية في خفض الأسعار.
البنك المركزي الأمريكي أعلن عن زيادات جديدة في الفائدة، وهو ما يثير المخاوف من كون الزيادة المتكررة في الفائدة قد تحول التضخم إلى ركود.
والركود في أبسط تعريفاته، هو تراجع النمو الاقتصادي، بسبب زيادة في الإنتاج وهبوط في الاستهلاك، ما يقود إلى كساد وانخفاض في الأسعار، ما يؤدي في النهاية إلى زيادة معدلات البطالة.
هل سياسات البنوك المركزية تغذي مخاوف الركود؟
النظريات الاقتصادية تشير إلى وجود علاقة عكسية بين معدلات الفائدة وحجم الإنفاق، فكلما انخفضت الفائدة زاد استعداد المستهلكين لاقتراض الأموال لإجراء مشتريات ضخمة، مثل المنازل أو السيارات، فعندما يدفع المستهلكون فائدة أقل فإن هذا يمنحهم المزيد من الأموال السائلة لإنفاقها، مما قد يسمح بزيادة الإنفاق في جميع أنحاء الاقتصاد.
كما تستفيد الشركات كذلك من الفائدة المنخفضة، إذ يشجعها ذلك على شراء معدات كبيرة وآلات للتوسع نظرًا لانخفاض تكلفة الاقتراض، وهذا يخلق زيادة في حجم الإنتاج والإنتاجية.
وعلى النقيض، في حال رفع الفائدة سترتفع تكلفة الاقتراض، كما سيكون هناك بعض الاحتمالات بأن المقترض لن يسدد المال لتعويض المقرضين عن هذه المخاطرة، التي تكافئ معدل الفائدة، ومن ثم سيقل كلّ من العرض والطلب على القروض من مختلف المؤسسات المالية.
كل المعطيات تتجه نحو حدوث ركود اقتصادي، في ظل صعوبة التحكم في معدلات التضخم دون التسبب في انكماش اقتصادي، وهو ما أكده جيروم باول رئيس البنك المركزي الأمريكي، مؤكدا أن قرارات زيادة الفائدة قد تقود إلى ارتفاع معدلات البطالة.
لماذا ترفع البنوك العالمية الفائدة أسوة بالمركزي الأمريكي؟
الدولار هو العملة السائدة في التجارة العالمية، وقرار رفع الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي يمثل دفعة قوية لقيمة الدولار، وبالتالي تضطر معظم البنوك المركزية حول العالم إلى رفع الفائدة، وهو ما يدخلها أيضا دائرة الركود.
لذلك لا يرى البعض في رفع أسعار الفائدة طوق النجاة لمواجهة التضخم، ووفقا لتصريحات الخبير الاقتصادي عيسى ورد، لفوربس، فرقع الفائدة لن يحل أزمة التضخم، ولا تستطيع السياسة النقدية مواجهته، وهناك طرق أخرى لمجابهة التضخم بعيدا عن السياسة النقدية، تتمثل في إلغاء الضرائب على الوقود في محاولة لمواجهة ارتفاع أسعار النفط عالميا، مثلما فعلت الولايات المتحدة".
aXA6IDE4LjE5MC4xNjAuNiA= جزيرة ام اند امز