بعد صمود 2020.. بنوك أوروبا تواجه المجهول في 2021
صمدت المؤسسات المصرفية الأوروبية أمام كورونا خلال 2020، بدون أن تتحمل عواقب طائلة، لكنها مضطرة للحذر في ظل الغموض المخيم على عام 2021.
وتحمل النتائج المالية الصادرة عن المجموعات المصرفية الأوروبية الكبرى آثار الأزمة الصحية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية.
وتكبد مصرف بانكو سانتاندير الإسباني خسائر هائلة تقارب 9 مليارات يورو، فيما أعلن مصرفا يونيكريديت وبانكا مونتي دي باسكي دي سيينا الإيطاليان خسائر بحوالى 3 مليارات و1,3 مليار على التوالي. أما الفرنسي سوسييتيه جنرال، فبلغت خسائره 258 مليون يورو وتكبّد الألماني كومرتسبنك نحو 3 مليارات يورو.
- لهذا السبب أكبر بنوك أوروبا يرفع سقف احتياطي المخاطر في 2021
- "ركود 2021" المرجح ينعش ذاكرة بنوك أوروبا بأكبر مخاوفها
وأظهرت مصارف أخرى نتائج في تراجع كبير، من بينها البنك الفرنسي "بي إن بي باريبا" الذي تدنى صافي أرباحه بنسبة 13% على مدى عام، والإسباني "بي بي في آ" الذي خسر 63% من أرباحه.
لكن مدير الاستثمارات لدى شركة "أكسيوم ألترناتيف إينفستمنتس" ديفيد بنحمو أشار إلى أنه في غالب الأحيان "لا تكون الخسائر على مدى العام، بل فقط خلال فصل أو فصلين. هناك في نهاية المطاف عدد قليل من المصارف التي خسرت أموالا عام 2020، والخسائر غالبا ما تكون متعلقة بمخصصات حسابية وتخفيضات في القيمة الحسابية" على ارتباط بأزمة كوفيد-19.
والواقع أن معظم المصارف الأوروبية عمدت بشكل مكثف إلى تعزيز مخصصاتها الاحتياطية، مستخدمة في بعض الأحيان محافظ ائتمان تعتبر سليمة، تحوطا لتقلبات محتملة في المستقبل.
تعزيز القاعدة المالية
ولفت المحللان لدى شركة "أليانز غلوبال إينفستورز" سيمون أوتان وهادية جرجوري، إلى أن "القاعدة المالية للقطاع المصرفي الأوروبي برمته حققت تقدما العام الماضي" بصورة إجمالية.
واستفاد القطاع المصرفي الأوروبي من تليين للمتطلبات التنظيمية ومن مجموعة تدابير اتخذها البنك المركزي الأوروبي. كما أن السلطات الأوروبية فرضت عليها من جهة أخرى تعليق كل عمليات توزيع الأرباح.
والواقع أنه خلافا لدورها في الأزمة المالية عام 2008، كانت المصارف هذه المرة من جانب الحلول وليس من جانب المشكلات، فتبنت على سبيل المثال بعض تدابير الدعم الحكومية كما أنها استمرت في إقراض الاقتصاد.
وبمعزل عن ذلك، شدد محللو وكالة موديز في مذكرة في نهاية ديسمبر/كانون الأول على أن "معاودة تفشي الإصابات بفيروس كورونا تبرز مخاطر تدهور الاقتصاد مجددا. وهذا الغموض المقترن بالرفع التدريجي لتدابير الدعم عام 2021، يولد مخاطر كبرى بالنسبة للمصارف".
بيئة متقلبة
بالنسبة للمصارف الفرنسية تحديدا، فهي "ستستمر في تسجيل أرباح عام 2021" غير أن "ربحيتها ستكون على الأرجح دون مستوى العام 2019"، وفق ما قال المحلل المصرفي لدى شركة "ستاندارد أند بورز غلوبال ريتينغز" نيكولا مالاتير.
فعلى القطاع أن يواجه "مشهدا تنافسيا هاما، وتنظيمات تزداد شدة، ونسب فوائد متدنية، واستثمارات كثيفة مرتقبة في البيانات والقطاع الرقمي"، بحسب ما أوضح رئيس مجلس إدارة مجموعة "بي بي سي أو" المصرفية الفرنسية لوران مينيون.
ولفت مالتير بصورة خاصة إلى أنه "سيتحتم بالتأكيد التساؤل أكثر حول جدوى الشبكات وشكلها".
وشدد أوتان وجرجوري على أنه "سيترتب على المصارف التركيز على التبسيط والمبيعات. كما سيتحتم عليها لزوم الصرامة في التكاليف. ويجدر بها أيضا البحث عن فرص جديدة لتحقيق مدخرات انطلاقا من تجربة الحجر المنزلي والعمل عن بعد".
وانطلاقا من ذلك، تعتزم مجموعة سوسييتيه جنرال دمج شبكتيها للخدمات المصرفية للأفراد سوسييتيه جنرال وكريدي دو نور، بهدف إنشاء مصرف جديد يعد عشرة ملايين عميل.
وأضاف محللا "أليانز جلوبال إينفستورز" أنه على صعيد نشاطاتها كمصارف تمويل واستثمار، "يتحتم عليها اعتماد نهج دفاعي بمواجهة منافسة المصارف الأمريكية التي تنتزع منها حصصا من السوق".
ومن المتوقع أن تتيح الأشهر القليلة المقبلة إيجاد أجوبة على بعض هذه الأسئلة، إذ تنشر مجموعة "بي بي سي أو" في يونيو/حزيران خطتها الإستراتيجية الجديدة للسنوات المقبلة، فيما تعرض سوسييتيه جنرال في منتصف مايو/أيار إستراتيجيتها الجديدة بشأن مصرفها للتمويل والاستثمار.