نداء ألماني للقارة العجوز: سيادتنا على المحك.. أصدروا اليورو الرقمي
دعا وزير المال الألماني أولاف شولتز، دول الاتحاد الأوروبي إلى العمل بنشاط لإطلاق عملة رقمية مشتركة تكون وسيلة الدفع الجديدة.
وأضاف شولتز قبل مؤتمر عبر الفيديو لوزراء مال منطقة اليورو مخصص لمعالجة هذه المسألة " يجب أن تكون أوروبا رائدة في إنشاء عملة رقمية، تحتاج أوروبا ذات السيادة إلى حلول مبتكرة وتنافسية لعمليات الدفع".
وتخشى برلين من تحوّل عدد كبير من المقيمين في منطقة اليورو لاستخدام عملات افتراضية تعمل خارج نطاق البنك المركزي الأوروبي، ما قد يؤثر على مدى فعالية تدابير سياساته النقدية.
وبالنسبة إلى شولتز "يجب أن تكون أوروبا في الطليعة في ما يتعلق بمسألة العملات الرقمية الصادرة عن بنك مركزي".
وبالتالي، فإن أقوى اقتصاد في منطقة اليورو "سيدعم بشكل بناء" العمل الذي يقوم به البنك المركزي الأوروبي بهدف إنشاء عملة يورو رقمية.
"سيادتنا على المحك"
وقال الوزير الألماني "يجب ألا نكون متفرجين" على هذا التطور داعيا إلى "عدم التحول إلى دول تابعة عندما تكون السيادة على المحك".
وسيقرر البنك المركزي الأوروبي هذا الصيف ما إذا كان سيبدأ عملية إطلاق يورو رقمي بعد مشاورات ودراسات واسعة أجريت في الأشهر الأخيرة بحسب ما قال أحد المسؤولين فيه هذا الأسبوع.
وتدرس العديد من البلدان مسألة العملات المشفرة عن كثب خصوصا في مواجهة مشروع العملة الرقمية "ليبرا" الذي بدأه فيسبوك.
ويعمل عدد من المصارف المركزية على هذا الموضوع وتعد الصين مشروعها لإطلاق عملة يوان مشفرة من الأكثر تقدما.
وتخزّن العملات الرقمية في وسائط إلكترونية دون الحاجة إلى حساب مصرفي ويتم قبولها كوسيلة للدفع من قبل بعض الشركات.
ومطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول 2020 أطلق البنك المركزي الأوروبي، مشاورات عامة واختبارات سعيا لاتّخاذ قرار بشأن تأسيس "يورو رقمي" لدول العملة الموحدة الـ19.
وتأتي الخطوة في وقت يسرّع تفشي كوفيد-19 التخلي عن الأوراق النقدية، بينما يراقب صانعو السياسات بقلق صعود عملات خاصة مشفّرة على غرار بيتكوين.
ما هو اليورو الرقمي؟
سيكون اليورو الرقمي أو الافتراضي نسخة إلكترونية من أوراق اليورو النقدية وقطعها المعدنية، وستكون عملة رسمية يكفلها البنك المركزي الأوروبي.
كما ستسمح لأول مرة للأفراد بالإيداع مباشرة لدى البنك المركزي الأوروبي.
وقد يكون ذلك أكثر أمانا من إيداع الأموال لدى المصارف التجارية التي قد تفلس أو الاحتفاظ بالأوراق النقدية التي قد تتعرّض للسرقة أو الضياع.
وعلى غرار النقود، يمكن الاحتفاظ بالأموال خارج المنظومة المصرفية، في "محفظة رقمية" مثلا.
ومن شأنها أن تسمح للأفراد والشركات القيام بعمليات الدفع اليومية "بطريقة سريعة وسهلة وآمنة"، بحسب ما أفاد البنك المركزي الأوروبي عندما نشر تقريرا بشأن الأموال الافتراضية اكتوبر الماضي.
وأكد المصرف أن اليورو الرقمي سيكون "مكمّلا للنقود ولن يحل مكانها".
ويمكن إصدار أو تحويل مبالغ اليورو الرقمي باستخدام تقنية سجلات الحسابات المعروفة باسم "بلوك تشين" أو "سلسلة الكتل"، وهي قاعدة بيانات عامة لا يمكن تنقيحها وهي ذاتها التي تعتمد عليها العملات المشفرة على غرار "بيتكوين".
لماذا الآن؟
عزز تفشي كوفيد-19 عمليات الدفع الإلكترونية في ظل تجنّب المستهلكين الأوراق النقدية والقطع المعدنية خشية انتقال العدوى.
وحتى في ألمانيا، حيث يقال إن الأوراق النقدية لا تزال تتسيّد المشهد، يتوقع أن ينفق الزبائن لأول مرة هذا العام المزيد من الأموال باستخدام البطاقات مقارنة بالنقود، بحسب تقرير صدر مؤخرا عن شركة "يورومونيتور إنترناشونال" لأبحاث السوق.
وعلى غرار مصارف مركزية أخرى حول العالم، يخشى البنك المركزي الأوروبي كذلك من أن يتخلّف عن ركب العملات الافتراضية التي أصدرتها جهات الخاصة أجنبية على غرار "بيتكوين" أو "ليبرا"، العملة التي ينتظر أن تطلقها شركة فيسبوك.
وفي حال تحوّل عدد كبير من المقيمين في منطقة اليورو لاستخدام عملات افتراضية تعمل خارج نطاق البنك المركزي الأوروبي، فقد يؤثر ذلك على مدى فعالية تدابير سياساته النقدية.
وقال خبير الاقتصاد لدى شركة "بكتيت لإدارة الثروات" فريدريك دوكروزيت لفرانس برس إن خطة فيسبوك تأسيس عملة "ليبرا" "سرّع وتيرة تفكير البنوك المركزية" في المسألة.
ما هي المخاطر؟
قد يتجنّب الناس فتح حسابات تقليدية لصالح تلك الرقمية، ما من شأنه أن يضعف المصارف التجارية في منطقة اليورو.
وقد تكون المخاطر أكبر في أوقات الأزمات عندما يفضل المدخرون الهرب إلى الأمان الذي يوفره "اليورو الرقمي" وما يدفع المتعاملين بالتالي لسحب أموالهم من المصارف التقليدية.
ولتجنّب ذلك، قد يقترح البنك المركزي الأوروبي الحد من مبالغ اليورو الرقمية التي يمكن لكل شخص امتلاكها أو استبدالها.
كما سينظر البنك المركزي الأوروبي في المسائل المرتبطة بالخصوصية وضمان عدم استخدام اليورو الرقمي في عمليات غسل الأموال عندما يقيّم إيجابيات وسلبيات إطلاق العملة الافتراضية في الشهور المقبلة.
ما هي الجهات الأخرى التي تقوم بذلك؟
تعد العملات الرقمية الصادرة عن جهات خاصة متقلبة للغاية.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت المصارف المركزية تنظر في مسألة طرح أموالها الافتراضية الخاصة بها والتي تعرف بـ"عملة البنك المركزي الرقمية" كبديل ثابت وخال من المخاطر.
وبدأ البنك المركزي الصيني تجارب استخدام العملة الرقمية في 4 مدن في أبريل/ نيسان 2020، كما بدأ بنك فرنسا اختبارات مشابهة، وفى أكتوبر 2020 أعلن بنك اليابان أنه سيكثّف أبحاثه في هذا المجال.
وعلن بنك التسويات الدولية، وهو شبكة من المصارف المركزية، في يناير/كانون الثاني 2020 تأسيس فريق عمل مكرّس للبحث في المسألة.