"6 دقائق" تلفزيونية تقطع "هدنة" الأزمات بين فرنسا والجزائر
قناة تلفزيونية حكومية تستضيف باحثا فرنسيا يشن هجوما لاذعا على السلطات الجزائرية ونظامها الصحي.
ظهرت إلى السطح أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وفرنسا التي لا تخلو العلاقات بينهما من توترات بين حين وآخر، وهذه المرة سببها نشرة إخبارية بثتها قناة تلفزيونية رسمية تتخذ من باريس مقرا لها.
وبدأت القصة عندما استضافت قناة "فرانس 24" الباحث الفرنسي من أصل جزائري فرانسيس غيلاس، في إحدى نشراتها الإخبارية، لمدة 5 دقائق و48 ثانية كانت كافية لخلق الأزمة عندما شن هجوما لاذعا على السلطات في الجزائر ورئيسها عبدالمجيد تبون ونظامها الصحي والاستثمارات الصينية بها.
وخلال المقابلة، وصف الباحث الرئيس الجزائري بأنه "غير الشرعي"، وتطرق إلى مشروع "مسجد الجزائر الأعظم" الذي تم منح صفقة إنجازه للصين عام 2014، التي قال غيلاس إنها كلفت 10 مليارات دولار رغم أن التكلفة الفعلية 3.6 مليار دولار، على حد زعمه.
- الجزائر تستدعي سفير فرنسا احتجاجا على حملة إعلامية ضدها
- الرئيس الجزائري عن العالقين بتركيا: لن نسمح بأي "تسلل"
ثم عاد للمساعدات الطبية التي أرسلتها الصين للجزائر بقيمة 450 مليون دولار لمواجهة انتشار فيروس كورونا، متسائلا "أين ذهبت"، قبل أن يجيب بأنها "توجهت إلى مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة لمعالجة جنرالات في الجيش أصيبوا بفيروس كورونا، وبقية المصابين لا يهم أمرهم"، على حد قوله الذي نفاه الجانبان الجزائري والصيني.
وهو التصريح الذي أثار بلبلة في الشارع الجزائري، وانقساماً بين من اعتبرها تصريحات استفزازية تستهدف الجيش، وأخرى اعتبرتها "غير مستبعدة مع التكتم الإعلامي والرسمي عن الحالات الحقيقية للمصابين".
وانتقد الباحث الفرنسي المنظومة الصحية في الجزائر، واعتبر أن تعاملها مع انتشار كورونا "كان بطريقة مخزية حيث ولم تفرض حالة الطوارئ".
كما اتهم معارضون جزائريون عبر "فرانس 24" الناطقة بالعربية السلطات الجزائرية بـ"محاولة استغلال جائحة كورونا لتصفية حساباتها مع الصحافة والمعارضين ولتوقيف الحراك الشعبي المناهض للرئيس تبون وللجيش" وفق ما ورد في برنامج تلفزيوني على القناة نفسها.
وردا على ما تناولته القناة الرسمية الفرنسية، سارعت الجزائر باستدعاء سفير باريس لديها كزافييه دريانكور وإبلاغه احتجاجاً "لأعلى السلطات الفرنسية"، ثم تقرر رفع دعوى قضائية ضد "فرانس 24"، وخرج الرئيس تبون بتصريحات نارية تحدث فيها عن وجود "هجمة شرسة تستهدف الدولة والجيش".
واتهم أطرافاً لم يسمها باستهداف بلاده، وبأنها "لم تهضم استقلال الجزائر، ولم يرق لها ألا تدخل البلاد في أزمة دموية"، في إشارة إلى دوائر فرنسية وفق المراقبين، وهي التصريحات التي تزامنت مع استدعاء السفير الفرنسي.
وأزمة هذه المرة امتدت إلى الصين، التي استهجنت هي الأخرى ما أورده ضيف القناة الفرنسية من معلومات صنفتها بكين في خانة "الكاذبة والجاهلة لحقيقة العلاقات الصينية الجزائرية".
وأدانت السفارة الصينية بالجزائر ما جاء على لسان الباحث الفرنسي، وقالت إنها "تشعر بصدمة شديدة وتدين بشدة تصريحاته".
يشار إلى أن فرنسا والجزائر لهما تاريخ مليء بالتوترات بينهما خاصة فيما يتعلق بتداعيات الحقبة الاستعمارية (5 يوليو 1830 - 5 يوليو 1962) والذي أعلنت الجزائر في فبراير الماضي وقف التفاوض حول 4 ملفات تاريخية عالقة بينهما.
وتتعلق تلك الملفات بالأرشيف الجزائري، الذي ترفض السلطات الفرنسية تسليمه، واسترجاع جماجم قادة الثورات الشعبية قبل 1954، الموجودة في متحف الإنسان بباريس، وتعويض ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا بين عامي 1960 و1966، وملف المفقودين خلال ثورة التحرير (1954-1962).
aXA6IDMuMTQ0LjguNjgg جزيرة ام اند امز