حكيموف العرب.. مهندس العلاقات التاريخية بين السعودية وروسيا
عبد الكريم عبد الرؤوف حكيموف أول سفير للاتحاد السوفيتي لدى المملكة العربية السعودية لعب دورا في توطيد العلاقات بين البلدين.
بينما تحط طائرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رحالها في السعودية، اليوم الإثنين، في أول زيارة له منذ 12 عاما، يستعيد البلدان علاقات استراتيجية وتاريخية بينهما تمتد جذورها إلى 93 عاما.
- بوتين يصل إلى السعودية الإثنين في أول زيارة له منذ 12 عاما
- بوتين: مشروعات روسية بالمليارات مع الإمارات والسعودية
ففي 19 فبراير/شباط 1926 بدأت العلاقات السعودية-الروسية بعد شهر و10 أيام على تأسيس المملكة، عندما اعترف رسميا الاتحاد السوفيتي بالسعودية، التي كان يُطلق عليها آنذاك "مملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها"، لتكون بذلك أول دولة في العالم تعترف بها.
وخلال تلك الفترة التي بدأت فيها العلاقات بين البلدين، ظهرت شخصيات أسهمت بقوة في توطيدها ودعم ركائزها، ومنها "عبد الكريم عبد الرؤوف حكيموف" أول سفير للاتحاد السوفيتي لدى المملكة العربية السعودية.
الباشا الأحمر
في 9 أغسطس/آب عام 1924، قام حكيموف بتسليم أوراق الاعتماد إلى ملك الحجاز، ليصبح قنصلاً عاماً ووكيلاً دبلوماسياً للاتحاد السوفيتي في السعودية.
كان حكيموف أو كما أطلق عليه "الباشا الأحمر"، سفيراً فوق العادة للاتحاد السوفيتي لدى مملكة نجد والحجاز، إذ كان يتمتع باطلاع واسع على الدين الإسلامي، بفضل تلقيه تعليمه الأساسي في مدرسة دينية، وكان يتحدث العربية بطلاقة حتى أن العرب كانوا ينبهرون من أسلوبه في التعبير عن أفكاره بلغتهم الأم.
وفي الشهور الأولى بمنصبه، عكف على دراسة اقتصاد الدولة الفتية (السعودية)، وأقام شبكة واسعة ومتينة، وحظي بصداقة (المؤسس) الملك عبد العزيز آل سعود، الذي اعتبره صديقه الشخصي.
لعب حكيموف دوراً مهماً في تقوية العلاقات السعودية السوفيتية، ففي عام 1927 قام بتنظيم توريد السكر والطحين من ميناء أوديسا السوفيتي إلى جدة، وأطلق أهالي المملكة على المواد الغذائية الواردة من الاتحاد السوفيتي تسمية "الموسكوبي" لجودتها العالية.
كما استدعى الأطباء لتقديم خدمات للسعوديين، وتأسيس نظام رعاية صحية لهم.
نجح الباشا الأحمر في تنظيم زيارة لولي العهد السعودي (آنذاك) الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود إلى موسكو؛ حيث كانت الأولى له، واستمرت ما يقرب من 15 يوماً ورافقه خلال هذه المدة حكيموف.
ولم يكتف حكيموف بهذا فقط؛ بل انهمك في إعداد مسودة لمشروع مشترك حول التعاون بين روسيا والسعودية، وذلك بعد مغادرة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود لموسكو.
حياته
ولد حكيموف عام 1892 في مقاطعة أوفا البشكيرية لعائلة إسلامية، وبعد قيام الثورة في روسيا انتقل إلى معسكر الثوار، وكان في عامي 1918-1919 عضواً في اللجنة الإسلامية الثورية العسكرية بمدينة أورينبورج بجنوب شرق روسيا.
وفي عام 1920، تم ترشيحه للعمل في السلك الدبلوماسي وتعيينه ممثلاً مفوضاً لجمهورية روسيا الفيدرالية في بخاري، ثم انتخب سكرتيراً للجنة المركزية في حزب بخاري الشيوعي.
كتب أحد سفراء الاتحاد السوفيتي لدى صنعاء في تسعينيات القرن الماضي عن الجهود التي بذلها حكيموف لتوطيد العلاقات فقال: "من الصعوبة تقييم ما حققه هذا الإنسان كدبلوماسي، لأنه نتيجة للجهود التي بذلها تم وضع الأساس لعلاقات الدولة السوفيتية الفتية مع العالم العربي، وبفضل معرفته جيداً بتاريخ وتقاليد وعادات العرب وكيفية كسب ود الناس، حصل على حب واحترام اليمنيين والسعوديين".
ومع حلول 1937، اشتدت القبضة الحديدية الستالينية على الاتحاد السوفيتي، وفي السادس من سبتمبر/أيلول من هذا العام، استدعت موسكو حكيموف، وفي الوقت نفسه، عرض عليه الملك عبد العزيز آل سعود اللجوء السياسي في السعودية بعد تلقيه برقية العودة الفورية، لكن حكيموف رفض الاقتراح، وبالفعل ذهب إلى موسكو حيث اعتقل ثم أعدم رمياً بالرصاص في 10 يناير/كانون الثاني عام 1938.