المخرج مهند حيال: "شارع حيفا" يرصد أخطر مراحل تاريخ العراق
المخرج العراقي الشاب مهند حيال يتحدث لـ"العين الإخبارية" عن تفاصيل تجربته في فيلم "شارع حيفا" وأبرز الصعوبات التي واجهته.
نجح المخرج العراقي الشاب مهند حيال بفيلمه الروائي الطويل الأول "شارع حيفا" في أن يعبر عن واقع الحياة بمدينة بغداد بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث تدور الأحداث في عام 2006 بعد أن حولت الحرب الطائفية حياة السكان إلى كابوس مخيف، من خلال مجموعة من العصابات المسلحة التي تعتلي بنايات شارع حيفا الشهير وتقتل المارة.
وبفضل نجاح مهند حيال في التعبير عن الواقع العراقي الصعب حصد الفيلم عددا كبيرا من الجوائز، منها جائزة أفضل فيلم في مهرجان بوسان بكوريا الجنوبية، وجائزة أفضل فيلم بمسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
في حواره مع "العين الإخبارية"، يكشف المخرج مهند حيال عن تفاصيل تجربته في "شارع حيفا"، وأبرز الصعوبات التي واجهته في إنجاز الفيلم، ورؤيته لواقع السينما العراقية حاليا، ومشروعه السينمائي المقبل.. وإلى نص الحوار:
متى بدأت فكرة فيلم "شارع حيفا" الذي شاركتك في كتابته هلا سلمان؟
الفكرة بدأت تقريبا منذ عام 2010، لكن البداية الفعلية لكتابة السيناريو كانت سنة 2014.
لماذا اخترت العنف الطائفي في مدينة بغداد ليكون موضوع فيلمك الروائي الطويل الأول؟
لأنني أعتبر هذه المرحلة من أهم وأخطر المراحل في تاريخ العراق، وأعتبرها منعطفا كبيرا لعراق ما بعد 2003، ولحظة الصراع المسلح بين العصابات التي تمثل الطوائف، فقبل هذه اللحظة كان الصراع له طابع سياسي، وفي وسائل الإعلام، والعنف كان لفظيا، لكن بعد 2003 تحول إلى صراع مسلح، وكان من الضروري التحدث عن هذه الفترة بوضوح، وقد يكون وضوحا قاسيا.
ما مساحة الخيال وما مساحة الواقع في أحداث الفيلم؟
قصة الفيلم بالكامل من وحي الخيال، لكن حوادث العنف كانت تتكرر بشكل يومي أثناء الحرب الطائفية، خاصة ما يتعلق بشارع حيفا، فالقناصون الذين كانوا موزعين فوق أسطح البنايات كانوا يقتلون الناس كل يوم، فالقصة متخيلة لكنها واقعية؛ لأنها كانت تحدث كل يوم في ذلك الزمن.
لماذا تصاحب أصوات الأذان وتلاوة القرآن أغلب أحداث الفيلم؟
حضور الاحتلال الأمريكي للعراق أو ما يمكن أن نسميه احتلال الجماعات المسلحة من الإسلام السياسي، كان حضورا بالصوت فقط، وكان مهما بالنسبة لي توضيح خلفية هذه الجماعات، فمدينة بغداد تشبه القاهرة إلى حد كبير، وأصوات مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد تكون موجودة طوال الوقت في بيوتنا وفي الشوارع، ويمكن أن نسمعها في كل مكان، لكني أردت أن أوضح أن هذه الصراعات هي عصابات مسلحة تلبس لباس الدين، ووجود القرآن كان ضروريا حتى تكون الرسالة واضحة، ويعطي فكرة عن خلفية هذه الجماعات.
هل تعمدت أن يخلو الفيلم من أي ملمح فيه أي قدر من البهجة وسط الأجواء القاتمة المسيطرة على الأحداث؟
كنت أحاول الاقتراب من الواقع في تلك اللحظة، ولم أفكر كثيرا أن يكون في الفيلم بهجة أو قسوة، والنقطة الرئيسية التي بنيت عليها الفيلم هي كيف تعيش تحت الضغط العالي أثناء الحرب الأهلية حتى تشعر بما كان يشعر به العراقيون في ذلك الوقت، وكيف كان المواطن العراقي يعيش تحت هذا الضغط الرهيب من الحرب، ولم يكن هناك مساحة يمكن أن نجد فيها البهجة، وكان من المهم بالنسبة لي أن من يرى الفيلم يعيش في "مود" الضغط الذي عاشه العراقيون.
ما أبرز الصعوبات التي واجهتك أثناء التصوير؟
واجهت صعوبات كبيرة ومريرة، حيث كنا نصور مشاهد الفيلم في نفس المناطق الأصلية التي حدثت فيها الحرب؛ لذلك كان الموضوع صعبا جدا، فهذه المناطق في عام 2006 وهو الزمن الذي تدور فيه الأحداث كانت خالية من المارة تماما، لكن حاليا هي قلب بغداد وتُعد من أكثر الأماكن المزدحمة.
وكان عندنا 4 ساعات فقط يوميا للتصوير فوق الأسطح، وكان مسموحا لنا بالتصوير في الشارع لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم؛ لذلك كنا نبحث عن اللحظات التي يكون فيها عدد المارة قليلا، ووصلنا لخطط إخراجية صعبة حتى نستطيع التصوير في شارع حيفا المكان الواقعي للأحداث.
كيف ترى واقع السينما العراقية حاليا؟
واقع السينما العراقية يشبه إلى حد كبير واقع السينما العربية، باستثناء مصر لأن لها وضعا مختلفا، وقد يبدو واقع السينما العراقية الأسوأ على المستوى العربي من ناحية الإنتاج، فالدعم الحكومي غائب أو يكاد يكون خجولا جدا، وشركات الإنتاج الخاصة غائبة تماما عن السينما، والوضع قائم على المحاولات الفردية فقط، لكن في الوقت نفسه هناك مواهب عراقية نادرة من الممكن أن تصنع سينما لها طعم مختلف، وهذا هو الأمل الذي يراودني وأصدقائي من السينمائيين الشباب الذين أتوقع أن تقع عليهم مهمة صناعة سينما مغايرة.
هل لديك مشروعات سينمائية جديدة بعد "شارع حيفا"؟
منذ يومين تقريبا انتهيت من كتابة ملخص فيلمي المقبل الذي تدور أحداثه عام 2020 في مدينة بغداد، ويتناول عالم بغداد الخفي، وقريبا سيكون لدي نسخة أولى من السيناريو.
هل يمكن أن تتجه يوما ما لإخراج الدراما التلفزيونية؟
للأسف الدراما التلفزيونية العراقية تعاني من أمراض مزمنة، فهي لا تزال تخضع للطرق القديمة في الإنتاج، وعموما العراق فيما يخص الإنتاج السينمائي والتلفزيوني يعيش أوضاعا صعبة؛ لأن البلد خضع لمدة 40 سنة لحكم النظام البعثي الشمولي، وكانت لدينا قناة تلفزيون واحدة، وكنا منقطعين عن كل ما هو بصري، وحتى بعد عام 2003 جاءت الحرب بتفاصيلها، ولم يكن هناك متنفس لكي يرى الناس ما الذي حدث في هذا العالم.
وعلى المستوى الشخصي سأبدأ مع نهاية العام العمل في مسلسل، أتوقع أنه قد يسهم في تغيير النظام الذي تقوم عليه الدراما العراقية، ومعي في هذه التجربة مجموعة من أهم شباب السينمائيين في العراق، حيث نسعى لصناعة عمل درامي مختلف، وينتمي لصناعة العالم الحديث تقنيا وفكريا، ونحن حاليا ننتظر الجهات المنتجة.
aXA6IDE4LjExOS4xNDEuMTE1IA== جزيرة ام اند امز