ربما يكون قدر شعوب منطقتنا الخليجية أن تتعرض لاختبارات صعبة بين الحين والآخر، قد نفهم أن الإساءات تأتي إليها من خارج منظومتها الاجتماعية أو السياسية التقليدية، لاعتبارات متعددة، منها الأطماع والأحلام، ومنها الحقد والمؤامرة، لكن أن تأتي الإهانات من داخل بع
ربما يكون قدر شعوب منطقتنا الخليجية أن تتعرض لاختبارات صعبة بين الحين والآخر، قد نفهم أن الإساءات تأتي إليها من خارج منظومتها الاجتماعية أو السياسية التقليدية، لاعتبارات متعددة، منها الأطماع والأحلام، ومنها الحقد والمؤامرة، لكن أن تأتي الإهانات من داخل بعض أنظمتها، فهذا ما لا يتوقع أو ينتظر.
وكما نحن في المملكة، خيمة الخليج والعروبة الكبرى، ظللنا نترفع طويلاً عن أي رد فعل، من أي شقيق أو صديق، إلا أن سير التجارب المؤلمة، جاء ممن شاركونا في قطر اللحمة التاريخية، والجوار والمصير المشترك، عبر تصرفات وممارسات صبيانية استوجبت الوقوف لمراجعة النفس، وقد أخذتنا الدهشة وعدم التصديق مما جاء في البيان الذي بثته وكالة الأنباء القطرية منسوباً لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد مؤخراً، الذي اختص المملكة بكلام خطير جاء كالخنجر الذي حمله الشقيق ليطعننا في الظهر، ومتى.؟ عقب ساعات فقط من القمة العربية الإسلامية الأميركية التي استضافتها الرياض، وكان بنفسه أحد حضورها.. وخرج عن الإجماع العربي الإسلامي الذي اعتبر إيران دولة ترعى الإرهاب، وصرح بأنه ليس من الحكمة استعداء إيران باعتبارها قوة إقليمية لها ثقلها ووزنها.. وكأنه بذلك لا يخرج عن الإجماع فقط بل يتهم الجميع بأنهم يستعدون نظام الملالي في طهران، وليس العكس بأن هذا النظام هو الذي يعادي دول المنطقة كلها، ويعيث في أرضها فساداً.
وإذا كانت مثل هذه التصريحات تعكس حقيقة التوجه القطري المضاد تماماً لكل الإجماع الخليجي، إلا أن التهجم الضمني على المملكة كان لافتاً ويدعو للاشمئزاز، لأنه يبدو أن واضعي السياسة القطرية باتوا في حالة شيزوفرينيا غريبة تعكس الفارق بين ما يعلنون جهراً وبين ما يضمرون سراً، وهو أمر ينكأ الجراح القديمة التي نحاول أن ننساها، وكنا نأمل أن تكون الشقيقة قطر، قد تخلت عن طريقتها المعتادة في العبث بأعواد الثقاب، واعتماد سياسة البهلوانات في القفز على أشجار التناقضات السياسية، ظناً منهم أنهم قادرون على قطف هذه الثمار العفنة.
وعندما يشير البيان/ الأزمة إلى المملكة تعريضاً بها، والتفافاً عليها، مصدرا حجة القاعدة الأميركية هناك بأنها لحماية قطر من أطماع الدول المجاورة، التي هي المملكة طبعاً لا إيران، فإننا هنا أمام حالة بارانويا عقلية تستهدف إظهار المملكة بمظهر "الطامع" عكس كل حقائق التاريخ والجغرافيا والسلوك السياسي السعودي الرصين والحكيم.. ليس هذا فقط، بل اتهام حكومة المملكة بالتسبب في تبني الفكر التكفيري والمتطرف، في سابقة تخطت كل الخطوط الحمراء.!
للأسف واصل منظرو السياسية القطرية اللعب على طريقة "البيضة والحجر" ولم يستفيدوا من التجارب المؤلمة والمريرة السابقة، ونكصوا عن كل تعهداتهم السابقة
لن أتحدث عن السلوكيات القطرية الشاذة، ولن أتحدث عن الأذرع الإعلامية كـ"الجزيرة" التي كثيراً ما سببت القلاقل والفوضى والاضطرابات في منطقتنا العربية عموماً والخليجية تحديداً، بل كانت وبرعاية قطرية رسمية وراء فوضى الخراب العربي في السنوات السبع الأخيرة، وللأسف واصل منظرو السياسية القطرية اللعب على طريقة "البيضة والحجر" ولم يستفيدوا من التجارب المؤلمة والمريرة السابقة، ونكصوا عن كل تعهداتهم السابقة، ولم تنجُ عاصمة خليجية من نيران الادعاءات والأكاذيب القطرية.
بالنهاية، ستظل المملكة كبيرة، ولن تنزلق إلى اللعب مع الصغار، ويبقى أشقاؤنا من الشعب القطري أعزاء وإخوة مهما تلاعب الأطفال أو هكذا اعتقدوا.!
* نقلا عن "الرياض" السعودية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة