أمراض نادرة تعود للظهور.. منها الطاعون وجدري القردة والهربس
بينما العالم غارق في حرب ضروس يشنها ضد فيروس كورونا المستجد، انتهزت بعض الأمراض النادرة الفرصة وهاجمت البشر بعد غياب، مخلفة بعض الضحايا.
خلال شهر واحد، وهو يوليو/تموز 2021، أعلن عن ظهور أكثر من 5 أمراض نادرة أو مختفية منذ سنوات وهاجمت أكثر من دولة مثل الصين وأمريكا والهند، لتجدد المخاوف من هجمات فيروسية ظن البشر أنها ذهبت إلى حال سبيلها.
على مدار أكثر من عام ونصف العام تكافح دول العالم بكل إمكانياتها الفيروس التاجي الذي خرج من رحم الصين في ديسمبر/ كانون الثاني 2019، ورغم ظهور بعض الأمراض من حين إلى آخر فإن يوليو/ تموز الجاري الشهر الوحيد الذي سجل الإعلان عن كل هذه الأوبئة مجتمعة.
معظم الأمراض التي عاودت الظهور فيروسية المنشأ ويعد الحيوان الوسيلة الأساسية لنقلها إلى البشر، ما يستدعي أخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع مختلف الكائنات غير البشرية.
ومن بين الأمراض النادرة والمخيفة التي سجلت حضورا هذه الأيام جدري القردة وهربس القردة والطاعون وحمى الضنك وإنفلونزا الطيور.
"العين الإخبارية" تلقي نظرة على كل مرض على حدة استنادا لمعلومات منظمة الصحة العالمية والمركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها..
جدري القردة
أعلن المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، قبل أيام، اكتشاف حالة إصابة بـ"جدري القردة" في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف كثيرين حول العالم.
وقال إن أحد المواطنين سافر من نيجيريا إلى تكساس لديه حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة، وجرى إدخاله إلى المستشفى في دالاس.
جدري القردة مرض نادر يحدث في المناطق النائية، خاصة وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة، ويُنقل إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، لكن انتقاله من إنسان إلى آخر محدود.
معدل الوفاة بسبب هذا المرض يتراوح بين 1 و10%، وغالبا ما يضرب الفئات الأصغر سنا، وإليكم نظرة سريعة عن المرض..
جدري القردة مرض اكتشف لأول مرة بين البشر عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية، لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة تم القضاء فيها على الجدري عام 1968.
تنجم العدوى بالمرض عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بالعدوى أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، علما بأن القوارض هي المستودع الرئيسي للفيروس.
وقد يكون تناول اللحوم غير المطهية جيدا من الحيوانات المصابة بعدوى المرض أخد عوامل الإصابة بجدري القردة.
رغم ندرة الأمر، فإنه قد ينتقل من إنسان إلى آخر عن طريق المخالطة الحميمة لإفرازات الجهاز التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية، أو عن ملامسة أشياء لوثت مؤخرا بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.
تتراوح فترة حضانة جدري القردة بين 6 و16 يوما، ومن أبرز أعراض المرض حمى وصداع مبرح وتضخم بالعقد الليمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
لا يوجد أي علاج أو لقاح متاح لمكافحة المرض، رغم أن التطعيم ضد الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضا من جدري القردة.
هربس القردة
أعلنت الصين وفاة طبيب بيطري بعد إصابته بفيروس "القرد ب" Monkey B Virus، الذي يعرف بـ"هربس القردة"، وهي أول حالة وفاة بشرية به.
وقال المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إن الطبيب المتوفى شرح قردين ميتين في مارس/ آذار، وبعد شهر ظهرت عليه أعراض مثل الغثيان والقيء، قبل أن يجمع الباحثون عينات من سائلة النخاعي ويكتشفوا أنه مصاب بالفيروس.
تعد الإصابة بفيروس B نادرة للغاية، لكنها قد تؤدي إلى تلف شديد في الدماغ أو الوفاة إذا لم تحصل على العلاج على الفور.
عادة ما تسبب قرود المكاك عدوى فيروس ب دون ظهور أعراض عليها، أو يكون لديها مرض خفيف فقط.
من النادر حدوث إصابات بهذا المرض، فمنذ تحديد فيروس B في عام 1932 تم توثيق إصابة 50 شخصًا فقط بالعدوى، توفي منهم 21 على الأقل.
وأصيب معظم هؤلاء الأشخاص بالعدوى بعد أن تعرضوا للعض أو الخدش من قبل قرد المكاك المصاب، أو كانوا على اتصال بعيني القرد أو أنفه أو فمه، وتم توثيق حالة واحدة فقط لشخص مصاب ينشر فيروس بي إلى شخص آخر.
لا توجد لقاحات متاحة للحماية من عدوى فيروس بي، ورغم تقييم اللقاحات التجريبية في نماذج حيوانية لكن لم يتم النظر في أي منها للاستخدام على البشر.
من الضروري عند العمل مع القرود المعرضة للإصابة بفيروس B استخدام معدات الحماية الشخصية المناسبة والأساليب التي تقلل من مخاطر اللدغات والخدوش.
أيضا يجب تنظيف أي لدغات أو خدوش أو تعرض لأنسجة أو إفرازات قرود المكاك فورًا، مع العلم أنه يمكن تعطيل الفيروس عن طريق المعالجة الحرارية عند 50 درجة - 60 درجة مئوية لمدة 30 دقيقة على الأقل.
الطاعون
توفيت صغيرة أمريكية عمرها 10 سنوات بمرض الطاعون، في أول حالة تُنسب للقاتل المعروف منذ نحو 6 سنوات.
ورغم إشارة الاختبارات المعملية إلى أن الطاعون ينتشر من خلال البراغيث، وعادة ما يتعرض البشر الذين يصابون بالمرض إلى لدغات تلك الحشرات؛ فإنه لم يتبين كيفية إصابة الفتاة.
صحيح أنه يُنظر إلى الطاعون على أنه مرض من الماضي واندثر؛ لكن هناك بعض الحالات المتفرقة التي لا تزال تظهر في المناطق الريفية غربي أمريكا من وقت إلى آخر.
يحدث الطاعون في المناطق الريفية وشبه الريفية في غرب الولايات المتحدة، وبشكل أساسي في غابات المرتفعات شبه القاحلة والمراعي حيث يمكن أن تشارك أنواع عديدة من القوارض.
ويمكن أن تتأثر أنواع كثيرة من الحيوانات بالطاعون، مثل السناجب الصخرية والجرذان الخشبية والسناجب الأرضية وكلاب البراري والسنجاب والفئران والأرانب.
أيضا يمكن أن تصاب الحيوانات آكلة اللحوم البرية بالعدوى عن طريق تناول الحيوانات المصابة الأخرى.
عادة ما يكون البشر أكثر عرضة للخطر أثناء أو بعد فترة وجيزة من انتشار وباء الطاعون بين الحيوانات، خاصة في جنوب غرب الولايات المتحدة خلال فصول الصيف الباردة التي تلي فصول الشتاء الرطبة.
في أجزاء من العالم النامي يمكن أن يحدث الطاعون في المناطق الحضرية التي تنتشر فيها الفئران بكثافة، وحدثت آخر فاشية حضرية للطاعون المرتبط بالفئران في الولايات المتحدة في لوس أنجلوس في 1924.
أشهر طرق انتقال بكتيريا الطاعون إلى البشر عن طريق لدغات البراغيث المصابة، إذ يتعرض الأشخاص والحيوانات الذين يزورون الأماكن التي ماتت فيها القوارض مؤخرًا بسبب الطاعون لخطر الإصابة من لدغات البراغيث.
قد تجلب الكلاب والقطط أيضًا البراغيث المصابة بالطاعون إلى المنزل، وقد يؤدي التعرض للدغة البراغيث إلى الطاعون الدبلي الأولي أو طاعون تسمم الدم.
من أبرز أعراض الطاعون الدبلي ظهور مفاجئ للحمى والصداع والقشعريرة والضعف وعقد ليمفاوية مؤلمة أو منتفخة.
أما أبرز أعراض طاعون تسمم الدم إصابة المرضى بالحمى والقشعريرة والضعف الشديد وآلام البطن والصدمة وربما نزيف في الجلد والأعضاء الأخرى.
في حين يصاب مريض الطاعون الرئوي بالحمى والصداع والضعف والتهاب رئوي سريع التطور مع ضيق في التنفس وألم في الصدر وسعال وأحيانًا مخاط دموي أو مائي.
صحيح أن الطاعون مرض خطير للغاية لكن يمكن علاجه بالمضادات الحيوية المتاحة بشكل شائع، وكلما سعى المريض مبكرًا للحصول على رعاية طبية وتلقي العلاج المناسب كانت فرصه في الشفاء التام أفضل.
حمى الضنك
أعلنت السلطات الصحية الباكستانية اكتشاف 23 حالة إصابة بحمى الضنك في إقليم "خيبر" من أصل 56 شخصا جمعت عينات منهم.
وحمى الضنك مرض ينقله البعوض ويحدث في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية من العالم، لكن تعتبر حمى الضنك أكثر شيوعًا في جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ الغربية وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، ومؤخرا انتشر المرض في مناطق جديدة، بالتحديد في أوروبا والأجزاء الجنوبية من الولايات المتحدة.
لا يعاني العديد من الأشخاص من علامات الإصابة بعدوى حمى الضنك، وقد يتم الخلط بينها وبين الإنفلونزا، لكن من أبرز أعراضها: صداع، آلام العضلات أو العظام أو المفاصل، غثيان، التقيؤ، ألم خلف العينين، وتورم الغدد.
الشكل الحاد من حمى الضنك المعروف باسم "حمى الضنك النزفية" يمكن أن يسبب نزيفًا خطيرًا وهبوطًا مفاجئًا في ضغط الدم والموت.
تنتشر حمى الضنك من خلال لدغات البعوض، وتنجم عن أي نوع من أنواع فيروسات حمى الضنك الأربعة.
في مناطق العالم التي تنتشر فيها حمى الضنك تمت الموافقة على لقاح واحد لحمى الضنك (Dengvaxia) للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و45 عامًا والذين أصيبوا بالمرض مرة واحدة على الأقل، ويتم إعطاء اللقاح على 3 جرعات على مدار 12 شهرًا.
وتعد أفضل الطرق للوقاية من العدوى هي تجنب لدغ البعوض واتخاذ خطوات لتقليل تعداد البعوض.
إنفلونزا الطيور
يعد إنفلونزا الطيور المرض الحاضر الغائب، ورغم تراجع عدد وفياته مقارنة بالأعوام العشر الأولى من الألفية الحالية فإنه لا يختفي وينقض على البشر من حين لآخر مسقطا ضحايا جددا.
في الهند، أعلنت السلطات الصحية وفاة صبي في الـ11 من عمره بعد إصابته بفيروس إنفلونزا الطيور من السلالة (إتش5إن1)، في أول حالة وفاة من نوعها بالبلاد.
وشهدت الهند أكثر من 6 موجات تفش لإنفلونزا الطيور على مدى العقدين الماضيين، وتمكنت من السيطرة عليها جميعا، ولم يتم الإعلان عن أي إصابة بشرية بالمرض فيها من قبل.
أما في غانا، فأعلنت السلطات إعدام 4500 دجاجة وفرضت قيوداً على نقل الدواجن بعد اكتشاف نفوق ما يقرب من 6000 طائر بسبب فيروس إنفلونزا الطيور "إتش5 إن1" شديد العدوى.
وسبقتها دولة توجو وأعدمت في يونيو آلاف الطيور لمواجهة تفشي "إتش5 إن1".
أيضا ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية، الخميس، أن البلاد سجلت حالة إصابة بشرية بسلالة (إتش5 إن6) من إنفلونزا الطيور في إقليم سيتشوان.
إنفلونزا الطيور (H5N1) مرض يصيب الطيور في المقام الأول مع حالات من العدوى عند الإنسان أحيانا، وتسببه عدة أنواع من فيروسات الإنفلونزا.
أول ظهور للمرض كان في فييتنام عام 2003، إذ تّسبَّبَ في إحداث وفيات بشرية في 15 بلداً في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
من أعراض العدوى في البشر السعال وأوجاع العضلات وسيلان الأنف والتهاب الحلق، وقد تؤدي مضاعفة الالتهاب الرئوي إلى مرض وخيم ووفاة.