إقالة وزير داخلية تونس.. لماذا يبحث الغنوشي عن الفراغ الأمني؟
"سأعمل على تحييد وزارة الداخلية عن كل الاختراقات".. كانت تلك آخر تصريحات وزير الداخلية التونسي المقال توفيق شرف الدين أمام البرلمان.
ويرى العديد من المتابعين أن تلك التصريحات لم تعجب الدوائر الإخوانية في تونس، التي اعتادت محاولة وضع اليد على جزء من المنظومة الأمنية لإخفاء ملفات الإرهاب والتلاعب بها طيلة عقد من الزمن.
وفضحت إقالة وزير الداخلية التونسي ضغوطات الإخوان لاستبعاد شرف الدين الذي تولى حقيبة الداخلية في سبتمبر /أيلول (تاريخ نيل حكومة المشيشي للثقة).
مساعي الائتلاف الداعم للمشيشي (حركة النهضة وائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس) انطلقت في العمل منذ اليوم على إقصاء شرف الدين الذي يسمى بـ"رجل قيس سعيد"، أو ذراعه اليمنى في مواجهة حركة النهضة.
وشغل شرف الدين مديرا لحملة قيس سعيد في محافظة سوسة، إبان سعيه لتولي رئاسة البلاد العام 2019.
أسباب أخرى، حسب العديد من المراقبين، دفعت الغنوشي أيضا إلى إبعاد شرف الدين عن وزارة الداخلية وهي عقيدة خلق الفراغ الأمني لحماية الإرهابيين.
وتفيد مصادر أمنية أن توفيق شرف الدين أعفى قرابة 30 عنصرا أمنيا لهم ارتباطات بالإخوان، مما دفع المشيشي إلى عزله مباشرة في بيان مفاجئ.
وحصلت "العين الإخبارية" على وثيقة التعيينات الجديدة التي كان يعتزم شرف الدين وضعها على رأس الوحدات الأمنية الحساسة وخاصة بملف مكافحة الإرهاب.
وهي التعيينات التي أغضبت راشد الغنوشي وحلفاءه وجعلتهم يسارعون إلى إزاحته بعد دقائق فقط من تسريب التعيينات الجديدة.
ويرى المحامي وأستاذ القانون منير بن غزالة أن حركة النهضة دفعت من خلال إقالة توفيق شرف الدين إلى إضعاف المؤسسة الأمنية ومواصلة وضع الأيادي عليها.
وتابع قائلا "الإخوان يبحثون منذ سنة 2011 عن شخصية تدين بالولاء لهم على رأس الوزارة الأكثر نفوذا في تونس".
وأضاف، في حديث لـ"العين الإخبارية" أن ملفات حارقة مثل الاغتيالات السياسية (شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013) ونقل الشباب التونسي إلى داعش، وتنامي الخلايا الإرهابية سيظل يلاحق حركة النهضة.
تلك الملفات ستجعل من الغنوشي يضع كل الدسائس والمكائد لضرب أي وزير داخلية مستقل.
وكان وزير الداخلية المقال أعلن عن تفكيك 33 خلية إرهابية خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2020.
وقال إن "الظروف التي تعيشها تونس تعتبر استثنائية، وتحتاج إلى جهود إضافية للقضاء نهائيًا على الإرهاب، وتفكيك كل الجماعات المسلحة".
وبينت مصادر برلمانية لـ"العين الإخبارية" أن تصريحات شرف الدين أغضبت الغنوشي حينها، مما جعله يدفع باتجاه إقالته حتى تبقى وزارة الداخلية تحت سيطرة الإخوان.
وفي المقابل، تعهد الرئيس التونسي، في زيارة مفاجئة ليلة رأس السنة، إلى مقر وزارة الداخلية، بكشف كل المخططات التي تحاول ضرب الدولة والإضرار بمصالحها.
وهذا ما سيجعل الأيام القادمة بمثابة حرب مفتوحة بين قصر قرطاج، وأذرع الاخوان على تعيين الرجل القادم في وزارة الداخلية.