عندما عصفت رياح الجائحة وعطلت مسيرة البشر في الكرة الأرضية، وشلت طرق التواصل الواقعية، وكبدتنا خسائر شتى، كانت الإمارات صامدة ومناضلة.
فقد كانت تمتلك قاعدة ذهبية وبنية تحتية على أهبة الاستعداد للتحدي وخوض المعركة.
وجاءت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، "لا تشلون هم"، بمثابة أمن للخائف، وطمأنة للشعب، ومنها انطلقت مبادرات الأمل وتحديات المستقبل.
اللبنة الأساسية وتوجيهات القيادة
"علينا أن نسابق الزمن، وأن تكون خطواتنا نحو تحصيل العلم والتزود بالمعرفة أسرع من خطانا في أي مجال آخر".. هذا ما أكد عليه مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أقوال خالدة لقائد ملهم، أدرك أن أساس كل شيء هو العلم.
في عام 2013، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة "الحكومة الذكية"، والتي أعلن من خلالها مرحلة ما بعد الحكومة الإلكترونية، وذلك من خلال توفير الخدمات الحكومية على الهواتف والأجهزة المحمولة للمتعاملين، وبما يتوافق مع رؤية سموه في توفير الخدمات الحكومية وتسهيل وصولها إلى المتعاملين في أي مكان وزمان.
لقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حكومة الإمارات الذكية من أجل توفير الخدمات للجمهور، على مدار الساعة، ومن أي مكان عبر الهواتف النقالة والتطبيقات.
ودائما كانت دولة الإمارات سباقة في شتى المجالات، وتسعى إلى أن تكون في المركز الأول في الخدمات الرقمية، وهذا ما تؤكده رؤية الحكومة الذكية في 2021 عبر دعم البنى التحتية والاستراتيجيات من خلال تنفيذ خطط الحكومة الرقمية بما يسهم في تحقيق المؤشرات الوطنية.
تحديات الجائحة ومبادرات جامحة
أضحى عام 2020 نقلة نوعية في تحويل التحديات إلى فرص، فقد تسبب كوفيد-19 في شلّ حركة جميع مناحي الحياة، لكن حكومة الإمارات سرعت من بحثها عن وسائل لحماية المجتمع من هذا الوباء، حيث لاحت في الأفق حلول قلصت الزمن لإبقاء عجلة الحياة تدور في الوطن.
ولعل قطاع التعليم واحد من مؤسسات الدولة، التي نجحت وبامتياز في التعامل مع هذه الجائحة، إذ بادر هذا القطاع الحيوي والمهم في كبح مخاطر كورونا، وانطلق، رغم التحديات، لتبقى منابر العلم منيرة، رغم حلكة كورونا المقيتة.
لم يتوقف التعليم في الإمارات، وذلك لقوة البنية التحتية وجاهزيتها، إذ نجحت منظومة العِلم بالإمارات في تحويل التحديات إلى فرص، حيث تم اعتماد "التعلم عن بُعد" كطوق نجاة للمحافظة على استمرارية التعلم والإسهام في سلامة المجتمع، بما يتماشى مع الجهود والإجراءات المتخذة على المستوى الوطني، الرامية إلى الحد من انتشار فيروس كورونا.
أكثر من مليون طالب يواصلون تعلمهم عن بُعد في مختلف المراحل، وما يزيد على 100 ألف طالب في التعليم العالي، حيث وفرت الدولة الأجهزة المحمولة للطلبة حتى يتمكنوا من مواصلة تحصيل تعليمهم من المنزل.
الدولة ماضية في دعم العملية التعليمية لتنطلق نحو العالمية، وتواكب الركب الحضاري الذي انطلق منذ قيام هذا الاتحاد، فمنذ دخول الجائحة قامت الدولة بتوزيع 87 ألفاً و926 جهازاً للطلبة مجاناً، وذلك منذ بدء التحول إلى التعليم الذكي.
منظومة التعليم الإماراتية
نفذت الإمارات منظومة التعليم عن بُعد للطلبة كافة منذ منتصف مارس 2020، وطبقت هذا القرار على المدارس الحكومية والخاصة، وكذا مؤسسات التعليم العالي.
ووضعت الدولة منظومة لتفعيل التعليم عن بعد بشكل إيجابي، شملت تدريبا تخصصيا للمعلمين، لتعزيز قدراتهم على إدارة العملية التعليمية عن بُعد، وأتاحت للمدارس الخاصة استخدام منظومتها للتعلم عن بعد، وأطلقت إرشادات مرجعية لإدارة سلوك الطلبة في أثناء التعلم عن بعد، وأتاحت لهم منصات تعليمية ذكية مجانية، وإنترنت بالمجان عبر الأقمار الاصطناعية في المناطق النائية، وإنترنت بالمجان أيضا عبر الهاتف المتحرك، بالإضافة إلى منصة "ألف" التعليمية المبتكرة.
هكذا تُكرس الجهود في الإمارات عبر رؤيتها الاستراتيجية الاستباقية، ومفادها تطوير منظومة تعليم تتناسب مع عصر التطور التكنولوجي والمهارات الفكرية للطلبة، وتكون قادرة على استكشاف قدراتهم وإبداعاتهم، واليوم يجني أبناؤنا حصاد دراستهم عن بُعد في زمن التحديات المليء بالإنجازات.
قصة قصيرة
من خلال متابعة أحد أولياء أمور الطلبة لأبنائه في تحصيل التعلُّم عن بُعد، فإذا بالطالب وبملابسه الرياضية وتجهيزاته الخاصة ومعلم اللياقة البدنية يمارس مع الطلبة برنامجا رياضيا حيا ومباشرا بكل متعة، ولسان حاله يقول: "الحمد لله على نِعمة الإمارات وقادتها".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة