استمرار الحكومة اللبنانية في اعتماد هذا المنطق المزدوج سيكلف لبنان غاليا، ويجب عليها النأي بنفسها عن حزب الله بعزل الحزب سياسيا
ارتبط مصطلح "النأي بالنفس" عربياً بالحكومة اللبنانية وذلك عندما وقّع سائر الفرقاء السياسيين اللبنانيين بما فيهم حزب الله على اتفاقية "النأي بالنفس" عام 2011، ويعني ذلك الابتعاد عما تعانيه بعض الدول العربية من أزمات وصراعات نتيجة لتداعيات الربيع العربي، أو سواه من خلافات طائفية وعرقية في تقاسم السلطة والنفوذ.
أظهرت هذه المناوشات العسكرية الدولة اللبنانية وكأنها متنازلة عن دورها، وأن حزب الله هو الذي يتولى شؤون الحرب والسلم ليس بالنيابة عن الدولة اللبنانية، بل باعتباره هو السلطة اللبنانية. وذلك يؤكد أن السياسة الخارجية لا ترسمها الدولة اللبنانية، بل تتخذ القرارات تحت ضغط سلاح حزب الله
ولكن حزب الله الإيراني بامتياز الخاضع خضوعاً كلياً لإرادتها كان أول المتنكرين لهذه الاتفاقية عام 2013 عندما ذهب إلى سوريا بأمرٍ من خامنئي ليُحارب ويقتل ويُهجّر الشعب السوري، برغم التزام الحكومة اللبنانية النأي بالنفس عن التدخل في الحرب السورية. حزب الله ذهب أيضاً إلى اليمن ودرّب مليشيات الحوثي وانخرط معها لمحاربة الشرعية اليمنية والتحالف العربي، وهذا ما يفعله في العراق أيضاً. غير تكوين الحزب خلايا إرهابية في البحرين والكويت، وفي مصر والمغرب، وحتى أوروبا.
قبل أيام نفّذت إسرائيل هجوماً بطائرتين مسيرتين على مقر حزب الله الإعلامي في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورغم الإجماع اللبناني على رفض هذا الاعتداء الإسرائيلي، قررت مليشيات حزب الله الرد بمفردها دون الرجوع إلى قرار رسمي من الدولة اللبنانية، ونفذت هجوماً صاروخياً على آلية عسكرية إسرائيلية عند الحدود اللبنانية مما جعل الجيش الإسرائيلي يرد بإطلاق عشرات القذائف الصاروخية على جنوب لبنان.
أظهرت هذه المناوشات العسكرية الدولة اللبنانية وكأنها متنازلة عن دورها، وأن حزب الله هو الذي يتولى شؤون الحرب والسلم ليس بالنيابة عن الدولة اللبنانية، بل باعتباره هو السلطة اللبنانية. وذلك يؤكد أن السياسة الخارجية لا ترسمها الدولة اللبنانية، بل تتخذ القرارات تحت ضغط سلاح حزب الله. وأصبحت سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الخارجية اللبنانية لا تطبق إلا في حالات تكون فيها لصالح حزب الله وداعمته إيران.
استمرار الحكومة اللبنانية في اعتماد هذا المنطق المزدوج سيكلف لبنان غالياً، ويجب عليها النأي بنفسها عن حزب الله بعزل الحزب سياسياً وإخراجه من الحكومة؛ لأن انخراط حزب "نصر الله" في سيناريوهات كهذه سيكلّف لبنان الكثير، وينعكس سلباً على الداخل اللبناني ويترك مضاعفات تعطّل مسيرة الاستقرار وتُسهم في تفجير الوضع في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة