بيانات الإخوان أظهرت أن الجماعة ماتت إكلينيكيا، وأضحت جسدا هامدا يستمد حياته من أجهزة تنفس صناعية
تياران داخل كيان واحد، واتجاهان مختلفان، لكن رسائل واحدة بعث بهما الطرفان، خلال 48 ساعة الماضية، عكست اتساع الهوة بينهما، ورغبتهما في ادعاء البقاء كهيكل تنظيمي واحد في المشهد السياسي; وهو الأمر المخالف لما أصبحت عليه الجماعة، هكذا رأى خبراء متخصصون في الحركات الإسلامية، البيانات التي أصدرتها جماعة الإخوان الإرهابية بمصر.
الخبراء الثلاثة المتخصصون في ملف الحركات الإسلامية، قال اثنان منهما، وهما منشقان عن جماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة تحاول كسب أرضية من جديد، وادعاء البقاء كهيكل جماعة واحدة له توجه وطريق واحد، مشيرين إلى أن هذه الرسائل جاءت بعكس ما هدفت إليه، حيث كرست الانقسام الداخلي، واتساع الهوة بين الطرفين، ما يعني أن الجماعة ماتت إكلينيكيا، وأضحت جسدا هامدا يستمد حياته من أجهزة تنفس صناعية، هي في الحالة الإخوانية تلك البيانات التي تحاول الجماعة القول من خلالها أنها لا تزال بالمشهد.
تياران يأكلان الجماعة
أحمد بان، القيادي الإخواني المنشق، والخبير السياسي في الحركات الإسلامية قال لبوابة "العين" الإخبارية، إن هناك تياران يواجهان بعضهما داخل جماعة الإخوان الإرهابية، الأول هو تيار يتزعمه القيادي محمود عزت، ويتبنى قدرا من النقد للمواقف السابقة، ولا يمانع في عقد تسوية مع السلطة، يقابله التيار الثاني وهم مجموعة القيادي محمد كمال عضو مكتب الإرشاد (أعلنت الداخلية المصرية مقتله في 10 إبريل/نيسان الماضي في تبادل إطلاق نار مع قوات الأمن).
وترى مجموعة كمال ضرورة تصعيد جيل جديد يقود الجماعة، فضلًا عن رفضهم أي تسوية، ورغبتهم في الاستمرار في العمل الثوري العنيف، حسب بان.
وأوضح بان أن بيان مجلس شورى الإخوان الصادر عن التيار الثاني مساء أمس، ما هو إلا تجسيد للخلاف بين التيارين، ومحاولة ادعاء تيار محمد كمال السيطرة على مكاتب الإخوان من جهة، وكسب الصف الإخواني وضمان ولاءئه من جهة أخرى من خلال تدوير أفكار حسن البنا، لقطع الطريق على التيار الأول.
وأمس، تعهد مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين في القاهرة، ببدء طور جديد لدعوة الإخوان، مدعيًا "رفع راية جديدة لمشروع إسلامي شامل، مستشهداً بالطريق "الذي رسمه مؤسس الإخوان حسن البنا".
ومن بين قرارات المجلس، فصل المؤسسات الرقابية والتشريعية في الجماعة عن المؤسسات التنفيذية"، وهو ما يعني أن منصب رئيس مجلس شورى الجماعة، سينفصل عن منصب مرشد عام الجماعة.
ودعا المجلس الإخوان الذين وصفهم بأنهم "لم يجروا الانتخابات في بعض المناطق والمحافظات" للحاق بإخوانهم الذين شاركوا في الانتخابات القاعدية بأسرع وقت ممكن.
ولحق بالبيان الأول، بيان ثاني اليوم الثلاثاء، أعلن فيه مجلس شورى العام تشكيل مكتب إرشاد مؤقت بدلا عن مكتب الإرشاد الحالي وهو المكتب الذي يضم قيادات التيار الأول.
واعتبر بان ما جاء في البيانين لا يعدو سوى كلام مكتوب الغرض منه جذب الصف الإخواني من خلال تنفيذ مطلب فصل الهيئة التنفيذية عن التشريعية، مشككًا في قدرة التيار الثاني على عقد انتخابات قاعدية، أو السيطرة على هذا العدد من المكاتب الإدارية لجماعة الإخوان.
وتطرق بان لمحاولة التيار الأول، بزعامة محمود عزت النائب الأول لمرشد الإخوان إصدار بيان هو الآخر يتناول أحداث سوريا، في مسعى له هو الآخر للبحث عن وجود إعلامي وادعاء قدرته على السيطرة على الكيان التنظيمي بعيدًا عن أي تقسيم داخلي.
المستحيلات الثلاث
ثلاث مستحيلات، صاغها القيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية الدكتور خالد الزعفراني، وهي انعقاد أي تجمع نظامي للجماعة بما في ذلك اجتماع مجلس شورى الإخوان، لأن أغلب أعضاءه في السجون أو في الخارج وكذلك إجراء انتخابات داخلية، والثانية اقتناع المجتمع الدولي أو الشعب المصري بمضمون البيان التيار الأول أو الثاني وكذلك عقد تسويات سياسية، وأخيرًا استحالة استعادة الإخوان لهيكلهم التنظيمي.
الزعفراني قال لبوابة "العين" الإخبارية إن "بيانات الإخوان الأخيرة، تعني اتساع هوة الخلاف بين الجبهتين، التنظيم الأم والشباب الثوري، حيث يسعى التيار الأول لإقناع المجتمع الدولي والشعب المصري بأنه جماعة سلمية، بينما تسعى المجموعة الثانية، لتفعيل المقاومة ضد النظام وعدم المصالحة.
وأضاف الزعفراني "كل من الطرفين يزايد على الأخر، لكن كل هذا يكرس معنى الانقسام داخل هذا الكيان الذي في رأيي لن يعود كما كان كهيكل تنظيمي مرة أخرى مهما أصدروا من بيانات عن انتخابات داخلية، لأن كل هذا غير حقيقي".
بحث عن تواجد
طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية قال لبوابة "العين" الإخبارية إن إعلان تيار محمد كمال، أمس اجتماع مجلس شورى الإخوان يعكس رغبة بعض القيادات في هذا التيار لقيادة المشهد بعد محمد كمال، وإظهار أن هناك أراء مختلفة، مضيفًا أن هذا التيار يواجه معضلة عدم وجود أرضية له، وهو ما يفهم من سياق حديثه عن إجراء انتخابات.
واستبعد فهمي إجراء انتخابات داخلية، معتبرًا إياها على غرار بان والزعفراني، من المستحيلات، لافتًا إلى أن هذه القيادات ليس لديها الإمكانية أو القدرات على فعل ذلك، معتبرًا أن رسائل الإخوان في البيانات الأخيرة أمنية أكثر من أي شيء أخر، وتتلخص في الادعاء بأن هناك كيان الإخوان مازال موجود على الأرض.
وخلص فهمي إلى أن خطاب الإخوان يبقى مرتبكًا، يبحث عن تواجد إعلامي، وليس له تأثير حالي أو مستقبلي.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNy4yMzEg جزيرة ام اند امز